خامسا: ما ذكروه من أمثلة على بعض الأعمال التي يحبها الله ويرضاها وتقرب إليه، لكنها إذا أديت لغير الله لا تكون شركا بالله وعبادة لغيره.
فإن الأعمال على نوعين، منها ما هو عبادة محضة كالصلاة والصيام، فهذه لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١١٦)﴾ [النساء: ١١٦].
ومنها ما ليس من العبادات المحضة؛ مثل إطعام الطعام، وإماطة الأذى عن الطريق ونحو ذلك، فهذه إن أريد بها وجه الله ﷿ أجر عليها وكانت عبادة، وإلا ليس له منها إلا ما نوى ولم تكن عبادة، قال الله ﷿: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)﴾ [الإسراء: ١٨ - ١٩].
وقد وضح ذلك النبي ﷺ بضرب مثال بالهجرة، فقال:«الأعمال بالنية، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه»(١).
وأما ما ذكره في المثال الثاني من السجود، وأنه من الأعمال التي يحبها الله ﷿؛ ومع ذلك فإن سجود الملائكة لآدم ﵇، وسجود إخوة يوسف ﵇ لم يكن شركاً.
(١) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب: ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نو، برقم: ٥٤.