فقام الأقرع بن حابس فقال: يا محمد لقد جئت لأمر ما جاء به هؤلاء، وقد قلت شيئاً فاسمعه، فتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هات" فقال:
أتيناك كى ما يعرف الناس فضلنا ... إذا خالفونا غد ذكر المكارم
وأنا رووس الناس من كل معش ... وإن ليس فى ارض الحجاز كدارم
وإن لنا المرباع فى كل غارة ... تكون بنحد أو بأرض التهانم
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسان: "قم فأجبه" فقال:
بني دارم لا تفخروا إن فخركم ... يعود وبالاً عند ذكر المكارم
هبلتم علينا؟ تفخرون وأنتم ... لنا خول من بين ظئر وخادم
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أخا بني دارم، لقد كنت غنياً أن يذكر منك ما كنت ظننت إن الناس نسوه" فكان قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد عليهم من قول حسان إذ يقول:
هبلتم علينا؟ تفخرون وأنتم ... لنا (خول) من بين ظئر وخادم
ثم رجع إلى قول حسان:
وأفضل ما نلتم من الفضل والعلى ... ردا فتنا من بعد ذكر المكارم
فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم إن تقسموا فى المقاسم
فلا تجعلوا لله لداً واسلموا ... ولا تفخروا عند النبى بدارم
وإلا درب البيت مالت اكفنا ... على رؤوسكم بالمرهقات الصوارم
فقال الأقرع بن حابس فقال لأصحابه: يا هؤلاء أدري ما هذا؟ قد تكلم خطيبهم فكان خطيبهم أحسن قولاً وأعلى صوتاً، وتكلم شاعرهم فكان شاعرهم أحسن قولاً وأعلى صوتاً، ثم دنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أشهد إن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وآمن هو وأصحابه فقال رسول الله: "لا يضرك ما كان قبل هذا اليوم".