للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالصوم، فإنه يقرب إلى اللّه، إنه ليس شيء أحب إلى اللّه من ريح فم الصائم، ترك الطعام والثواب للّه، فإن استطعت أن يأتيك الموت ويطنك جائع، وكبدك ظمآن فافعل، فإنك تدرك بذلك شرف المنازل في الآخرة وتحل مع النبيين، يفرح بقدوم روحك عليهم، ويصلي عليك الجبار، وإياك يا أسامة، وكل كبد جائعة تخاصمك إلى اللّه يوم القيامة، وإياك يا أسامة، ودعاء عباد قد أذابوا اللحوم، وأحرقوا الجلود بالرياح والسمائم، وأظمئوا الأكباد حتى غشيت أبصارهم، فإن اللّه إذا نظر إليهم سر بهم الملائكة، بهم تصرف الزلازل والفتن". ثم بكى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى اشتد نحيبه وهاب الناس أن يكلموه، حتى ظنوا أن أمرا قد حدث بهم من السماء، ثم سكت، فقال: "ويح لهذه الأمة ما يلقى منهم من أطاع ربه منهم، كيف يقتلونه ويكذبونه من أجل أنهم أطاعوا اللّه، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول اللّه! والناس يومئذ على الإسلام؟ قال: "نعم" قال: ففيم إذا يقتلون من أطاع اللّه وأمرهم بطاعته؟ فقال: "يا عمر ترك القوم الطريق وركبوا الدواب، ولبسوا ألين الثياب. وخدمتهم أبناء فارس، يتزين منهم تزين المرأة لزوجها، وتبرج النساء، زيهم زي الملوك، ودينهم دين كسرى وهرمز، يسمنون ما يعود بالجشا واللباس، فإذا تكلم أولياء اللّه عليهم العيا، محنية أصلابهم، قد ذبحوا أنفسهم من العطش، فإذا تكلم منهم متكلم كذب، وقيل له: أنت قرين الشيطان ورأس الضلالة تحرم زينة اللّه والطيبات من الرزق، يتأولون كتاب اللّه على غير دين. استذلوا أولياء اللّه، واعلم يا أسامة أن اقرب الناس من اللّه يوم القيامة لمن طال حزنه وعطشه وجوعه في الدنيا، الأخفياء الأبرار الذين إذا شهدوا لم يقربوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، تعرفهم بقاع الأرض، يعرفون في أهل السماء، ويخفون على أهل الأرض، وتجف بهم الملائكة، تنعم الناس وينعمون هم بالجوع والعطش، لبس الناس لين الثياب، ولبسوا هم خشن الثياب، افترش الناس الفرش وافترشوا الجباه والركب، ضحك الناس وبكوا، يا