أن لا نتعاصا فإما أن تطيعني وإما أن أطيعك، فقال عمرو بن العاص: بل أطعني، فأطاعه أبو عبيدة، فكان عمرو أمير البعثين كليهما، فوجد من ذلك عمر بن الخطاب وجدًا شديدًا، فكلم أبا عبيدة، فقال: أتطيع ابن النابغة؟، وتؤمره على نفسك، وعلى أبي بكر، وعلينا، ما هذا الرأي؟، فقال أبو عبيدة لعمر بن الخطاب: ابن أم إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عهد إلي وإليه أن لا نتعاصا، فخشيت إن لم أطعه أن أعصي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وشكى إليه ذلك، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((ما أنا بمؤمريها عليكم إلا بعدكم)) يريد المهاجرين، وكانت تلك الغزوة تسمى (ذات السلاسل) أسر فيها ناس كثير من العرب، وسبوا، ثم أمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ذلك أسامة بن زيد، وهو غلام شاب فانتدب في بعثه عمر بن الخطاب، والزبير بن العوام، فتوفي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن يصل ذلك البعث، فأنفذه أبو بكر الصديق بعد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
سيأتي ذكره في مرسلات الزهري.
٣٥٣ - عن عروة بن الزبير وكان أسامة بن زيد قد تجهز للغزو وخرج ثقله إلى الجرف، فأقام تلك الأيام لوجع الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمره رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على جيش عامتهم المهاجرون فيهم عمر بن الخطاب، أمره رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يغير على أهل مؤتة وعلى جانب فلسطين حيث أصيب زيد بن حارثة، فجلس رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الجذع واجتمع المسلمون يسلمون عليه ويدعون له بالعافية، فدعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسامة بن زيد، فقال:((أغد على بركة الله والنصر والعافية، ثم أغد حيث أمرتك أن تغير))، قال أسامة: بأبي أنت قد أصبحت مفيقًا، وأرجو أن يكون الله قد شفاك، فائذن لي أن أمكث حتى يشفيك الله، فإني إن خرجت على هذه الحال خرجت وفي قلبي فرحة من شأنك وأكره أن أسأل عنك الناس، فسكت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يراجعه وقام، فدخل بيت عائشة.