للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يخفى مثله عليهم (١) (٢) كهذا التعليل، فإن كل أحد يعرف أن تغييب أول جزء من الحشفة يحصل قبل الجماع، فلو صلح (٣) ذلك دليلاً لما أهملوه، وزيف ذلك شيخه أبو الحسن (٤) الطبري المعروف بكيا (٥)، تلميذ إمام الحرمين من وجه آخر، وقال: إنما تركوا هذا الدليل؛ لأنهم رأوا أن الأمر يختلف في ذلك، ولا ينضبط فقد تكون الحشفة كبيرةً، وقد تكون صغيرةً بحيث يكون الإفطار فيها بالجماع، ولا يحصل الإفطار قبله؛ لكونه لا يقع الحصول في الباطن، إلا بتغييب جميع الحشفة لصغرها (٦).


(١) اختلف الأصوليون في هذه المسألة، أعني: "إحداث دليل أو تأويل غير الدليل أو التأويل الأول" فمذهب ابن برهان كما ذكر المصنف، أنه لا يجوز ذلك إذا كان الدليل ظاهرا، ويجوز إذا كان خفيا لجواز اشتباهه على الأولين، وذهب الجمهور إلى جوازه مطلقا؛ لأن الإجماع، والاختلاف إنما هو في الحكم على الشيء بكونه كذا، وأما في الاستدلال بالدليل، أو العمل بالتأويل فليس من هذا الباب. وفي المسألة أقوال أخر. ينظر في: التمهيد: ٣/ ٣١٧ - ٣٢٠، الإحكام للآمدي: ١/ ٢٧٣، المسودة: ص ٣٣٨، شرح الكوكب المنير: ٢/ ٢٦٩ - ٢٧١، فواتح الرحموت: ٢/ ٢٣٧، إرشاد الفحول: ١/ ٣٣٤ - ٣٣٥.
(٢) نهاية ٢/ ق ١١/ أ.
(٣) في (أ) (صح).
(٤) في (أ) (أبو الحسين) خطأ، وهو أبو الحسن على بن محمَّد بن علي بن عماد الدين الطبري، المعروف بإلكيا الهراسي، لازم إمام الحرمين حتى برع في الفقه والأصول والخلاف وطار اسمه في الآفاق، وكان إماما نظارا قوي البحث ذكيا فصيحا، ومن مصفاته: أحكام القرآن، وشفاء المسترشدين، ونقد مفردات الإِمام أحمد، مات ببغداد سنة ٥٠٤ هـ. انظر: وفيات الأعيان: ٢/ ٢٤٨، البداية والنهاية: ١٢/ ١٨٦، طبقات ابن قاضي شهبة: ١/ ٢٨٨، طبقات ابن هداية الله: ص ٢٤٧، هدية العارفين: ١/ ٦٩٤.
(٥) كذا في النسخ، والصواب (إلكيا)، ومعناه: الكبير بلغة الفرس.
(٦) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف.