للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِالْإِنْفَاقِ بِمَعْنَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الضَّالَّةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا فِي عَيْنِ الْمُلْتَقِطِ وَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَفَقَتِهَا (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الرَّاهِنُ (بِأَنَّهُ) أَيْ الرَّهْنُ (رَهْنٌ بِهَا) أَيْ فِي النَّفَقَةِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِأَنْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ أَوْ بِمَا أَنْفَقْتَ أَوْ عَلَى مَا أَنْفَقْتَ كَانَ رَهْنًا بِهَا يُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَفَقَتِهِ فِي ذَلِكَ الرَّهْنِ قَطْعًا، وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا قَالَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ هَلْ يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّصْرِيحِ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالدَّيْنُ عَشَرَةٌ فَإِنَّ الْخَمْسَةَ الْفَاضِلَةَ تَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ وَإِنْ قَالَ) أَنْفِقْ (وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ تَأْوِيلَانِ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك إلَخْ لَا فِي الْوَاوِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ سُلِّمَ ذَلِكَ فَالْمُصَنِّفُ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى الْفَرْقَ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ أَنَّ الظَّاهِرَ التَّأْوِيلُ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي الرَّهْنِيَّةِ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِيهَا فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِيهَا وَفَرَّعَ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ وَعَلَى تَعْرِيفِهِ أَوَّلَ الْبَابِ لِلرَّهْنِ الدَّالِّ بِظَاهِرِهِ عَلَى عَدَمِ افْتِقَارِهِ لِلَفْظٍ. قَوْلُهُ (فَفِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ) بِأَنْ يَقُولَ خُذْ هَذِهِ رَهْنًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ بِرَهْنِ كَذَا وَنَحْوِ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إصْلَاحُهُ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ فِيهِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ النَّفَقَةُ أَيْ الشَّيْءُ الْمُنْفَقُ أَيْ وَلَيْسَ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ بَلْ بِمُجَرَّدِ وَفَاءِ الدَّيْنِ انْحَلَّ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهِينَةِ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِيهِ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا دَاعِيَ لِذِكْرِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ كَوْنَهُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ رَهْنًا فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الدُّيُونَ فِي الذِّمَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُرْهَنُ فِيهَا حِينَئِذٍ فَذَكَرَ قَوْلَهُ وَلَيْسَ رَهْنًا فِيهِ مُضْطَرٌّ لِذِكْرِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِ النَّفَقَةِ فِي الذِّمَّةِ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُتْبِعُهُ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِ الرَّهْنِ رَهَنَهُ فِيهَا أَوْ لَا فَأَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ رَهْنًا فِيهَا بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ فِي عَيْنِ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ، وَقَوْلُهُ وَيَكُونُ أَيْ الْمُنْفِقُ مُقَدَّمًا إلَخْ، فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ الضَّالَّةِ فَلَا يَرْجِعُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى رَبِّهَا وَضَاعَتْ عَلَى الْمُنْفِقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّالَّةِ وَالرَّهْنِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا حَيْثُ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا فِي عَيْنِهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى الرَّهْنِ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ الضَّالَّةَ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فَلِذَا رَجَعَ بِالنَّفَقَةِ فِي عَيْنِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَإِنَّ صَاحِبَهُ مَعْرُوفٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَلَوْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ غَابَ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ) أَيْ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يَكُونُ الرَّاهِنُ رَهْنًا فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي أَنَّ الرَّهْنَ رُهِنَ فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ: أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك بِسَبَبِ الرَّهْنِ أَوْ وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الرَّهْنِ فَالرَّهْنُ رُهِنَ فِيهَا عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا وَإِنْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ أَيْ أَوْ لَا يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَجَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ سُلِّمَ ذَلِكَ) أَيْ إنْ سُلِّمَ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ لَا فِي الْوَاوِ.

وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَا لَا أُسَلِّمُ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ صَاحِبِ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يُفِيدُ أَنَّ الرَّهْنَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ سَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ أَوْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ النَّفَقَةَ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ أَوْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ إنَّمَا وَقَعَا فِي عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك إلَخْ لَا فِي الْوَاوِ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحْوَالَ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةٌ:

الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَى الرَّهْنِ فَقَطْ وَلَا يَزِيدُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ النَّفَقَةُ فِي الذِّمَّةِ فَقَطْ.

الثَّانِي أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ فَالرَّهْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ اتِّفَاقًا.

الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ وَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ وَمِثْلُهَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا قَالَ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَالْمُصَنِّفُ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ) أَيْ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَةِ الَّتِي فِيهَا عَلَى وَالصِّيغَةِ الَّتِي فِيهَا الْوَاوُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُقَاسُ الصِّيغَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَاوُ عَلَى الَّتِي فِيهَا عَلَى فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَوَجْهُ ظُهُورِ عَدَمِ الْفَرْقِ أَنَّ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الرَّهْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك بِسَبَبِ الرَّهْنِ أَيْ أَنَّهُ الْحَامِلُ لَك عَلَى الْإِنْفَاقِ فَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلِاحْتِمَالَيْنِ كَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى الْفَرْقَ) أَيْ فَقَالَ إنَّ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ قَرِيبٌ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ بِخِلَافِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ النَّفَقَةَ بِسَبَبِ الرَّهْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتِمُّ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ تَسَاوِي التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ فَفِي افْتِقَارِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>