للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ لَيْسَ لِلدَّمِ وَلَا لِلْخِصَامِ فِي الْإِنْكَارِ قِيمَةٌ يَرْجِعُ بِهَا وَأَمَّا عَلَى إقْرَارٍ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ يَرْجِعُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَفِي عِوَضِهِ إنْ فَاتَ وَفِي الدَّمِ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ فَلَوْ كَانَ الْمُقَوَّمُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ كَانَ مَوْصُوفًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا (كَنِكَاحٍ) وَقَعَ صَدَاقُهُ بِمَا ذَكَرَ فَوَجَدَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ عَيْبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ أُخِذَ مِنْهَا بِالشُّفْعَةِ (وَخُلْعٍ) عَلَى مُقَوَّمٍ فَوَجَدَ الزَّوْجُ بِهِ عَيْبًا رَجَعَتْ فِي النِّكَاحِ وَرَجَعَ فِي الْخُلْعِ بِالْقِيمَةِ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ (وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ) رَجُلًا أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ قَطَعُوا) يَدًا مَثَلًا (جَازَ صُلْحُ كُلٍّ) مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ (وَالْعَفْوُ عَنْهُ) مَجَّانًا أَوْ الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضٍ وَالْقِصَاصُ مِنْ الْبَاقِي أَوْ صُلْحُهُ أَوْ صُلْحُ بَعْضٍ وَالْعَفْوُ عَنْ بَعْضٍ وَالْقِصَاصُ مِنْ بَعْضٍ (وَإِنْ صَالَحَ مَقْطُوعٌ) عَمْدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ مَا يَشْمَلُ الْجُرْحَ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَطْعٌ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ الْقَطْعِ الْجُرْحَ بِمَالٍ عَلَى الْقَطْعِ (ثُمَّ نُزِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ سَالَ دَمُ الْجُرْحِ (فَمَاتَ) الْمَقْطُوعُ (فَلِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَيِّتِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي دَارٍ بَاقِيهَا لِعَمْرٍو فَلِعَمْرٍو أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ زَيْدٍ وَيَرْجِعَ زَيْدٌ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ يَوْمَ الصُّلْحِ عَلَى الشَّفِيعِ وَهُوَ عَمْرٌو فَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ عَلَى الدَّافِعِ فِي خُصُوصِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَمَّا فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الشَّفِيعِ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لِلدَّمِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِلصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ وَلَا لِلْخِصَامِ رَاجِعٌ لِلصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ خَطَأً عَلَى إنْكَارٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى إقْرَارٍ) أَيْ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ فِي الْإِقْرَارِ وَقَوْلُهُ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ إلَخْ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الدَّمِ وَالْجِنَايَةِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِكِتَابٍ مَثَلًا فَأَقَرَّ بِهِ وَصَالَحَهُ بِثَوْبٍ مَثَلًا فَإِنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الثَّوْبَ أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ بَاقِيًا رَجَعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ.

(قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْحِصَّةِ فِي الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَخُلْعٍ عَلَى مُقَوَّمٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ شِقْصٍ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَقَوْلُهُ فَوَجَدَ الزَّوْجُ بِهِ عَيْبًا أَيْ فَرَدَّهُ لِذَلِكَ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ.

(قَوْلُهُ: بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ.

(قَوْلُهُ: لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ أَيْضًا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَخُلْعِ الْمِثْلِ لِأَنَّ طَرِيقَ النِّكَاحِ الْمُكَارَمَةُ فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِأَضْعَافِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَبِعُشْرِهِ وَكَذَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِخُلْعِ الْمِثْلِ وَأَضْعَافِهِ وَبِعُشْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهِيَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَعَنْ دَمِ الْخَطَأِ فِي الْإِنْكَارِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ عِوَضِ الْقَطَاعَةِ وَعِوَضِ الْكِتَابَةِ وَعِوَضِ الْعُمْرَى.

فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ أَتَيْتنِي بِشِقْصِ فُلَانٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَتَى لَهُ بِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الشِّقْصُ أَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِي غَيْرِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ إنْ أَتَيْتنِي بِشِقْصِ فُلَانٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ أَسْقَطْت عَنْك الْعِشْرِينَ دِينَارًا وَخَرَجْت حُرًّا فَأَتَاهُ بِهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِشُفْعَةٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِي الشُّفْعَةِ عَلَى الشَّفِيعِ وَفِي غَيْرِهَا عَلَى الْعَبْدِ وَالثَّالِثُ كَمَا لَوْ أَعْمَرْتَ زَيْدًا دَارَك مُدَّةَ حَيَاتِك ثُمَّ صَالَحْتَهُ عَلَى شِقْصٍ مُعَيَّنٍ فِي عَقَارٍ آخَرَ فَرَدَّهُ عَلَيْك بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ زَيْدًا يَرْجِعُ عَلَيْك بِقِيمَتِهِ فِي غَيْرِ الشُّفْعَةِ وَفِي الشُّفْعَةِ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الشَّفِيعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً لِأَنَّ الشِّقْصَ دُفِعَ إمَّا صُلْحًا عَنْ دَمِ عَمْدٍ مُطْلَقًا أَوْ عَنْ دَمِ خَطَأٍ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ دُفِعَ صَدَاقًا أَوْ خُلْعًا أَوْ قَطَاعَةً أَوْ عِوَضًا عَنْ الْكِتَابَةِ أَوْ عَنْ الْعُمْرَى وَالطَّارِئُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ أَوْ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ نَظَمَهَا ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:

صُلْحَانِ عِتْقَانِ وبُضْعَانِ مَعًا ... عُمْرَى بِأَرْشِ عِوَضٍ بِهِ ارْجِعَا

فَقَوْلُهُ صُلْحَانِ أَرَادَ بِهِمَا الصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَعَنْ دَمِ الْخَطَأِ عَلَى إنْكَارٍ وَقَوْلُهُ عِتْقَانِ أَرَادَ بِهِمَا عِتْقَ الْمُكَاتَبِ وَالْقِنِّ إذَا أَدَّيَا مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَبُضْعَانِ أَرَادَ بِهِمَا بُضْعَ النِّكَاحِ وَبُضْعَ الْخُلْعِ وَقَوْلُهُ بِأَرْشِ عِوَضٍ الْمُرَادُ بِأَرْشِ الْعِوَضِ قِيمَتُهُ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: جَازَ صُلْحُ كُلٍّ) أَيْ جَازَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ صُلْحُ كُلٍّ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي مَا دُونِ النَّفْسِ وَلِأَوْلِيَائِهِ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ إلَّا أَنَّ الصُّلْحَ مِمَّنْ ذَكَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاءِ مَنْ صُولِحَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِيَارَ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إلَّا أَنَّ الصُّلْحَ لَا يَكُونُ إلَّا بِرِضَاءِ الْقَاتِلِينَ.

(قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ كُلٍّ وَقَوْلُهُ أَوْ الْقِصَاصُ أَيْ مِنْ كُلٍّ.

(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَمْدِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ اسْمَ الْمَلْزُومِ وَأَرَادَ اللَّازِمَ.

(قَوْلُهُ: بِمَالٍ عَلَى الْقَطْعِ) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْجُرْحِ فَقَطْ دُونَ مَا يَئُولُ لَهُ مِنْ الْمَوْتِ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ عَنْهُمَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>