عَلَى أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ، وَالرَّفْعُ عَلَى التَّوْكِيدِ وَلِحَمْلِ الْبَاءِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى السَّبَبِيَّةِ، أَوْ الظَّرْفِيَّةِ أَيْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بِسَبَبِ دِرْهَمٍ، أَوْ فِي نَظِيرِ دِرْهَمٍ عَامَلَنِي بِهِ (وَحَلَفَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (مَا أَرَادَهُمَا) لِاحْتِمَالِ حَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي الْأُولَى وَكَوْنِ الْبَاءِ لِلْمَعِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ قَوْلُهُ (كَإِشْهَادٍ فِي ذُكْرٍ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ أَيْ وَثِيقَةٍ (بِمِائَةٍ وَفِي) ذُكْرٍ (آخَرَ بِمِائَةٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُمَا، أَوْ اتَّحَدَ سَبَبُهُمَا مَعَ اتِّفَاقِهَا قَدْرًا وَنَوْعًا فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَحَلَفَ الْمُقِرُّ إنْ ادَّعَاهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا سَبَبًا، أَوْ قَدْرًا، أَوْ نَوْعًا لَزِمَهُ الْمِائَتَانِ مَعًا وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ عَلَى أَنَّ الْأَذْكَارَ أَمْوَالٌ إذَا كَتَبَهُمَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكَتْبِهِمَا مَعَ الْإِشْهَادِ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْكَتْبِ كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ قَوْمٍ، وَأَقَرَّ ثَانِيًا عِنْدَ آخَرِينَ فَمَالٌ وَاحِدٌ عِنْدَ أَصْبَغَ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
(وَعِ) إنْ أَقَرَّ (بِمِائَةٍ وَ) أَقَرَّ ثَانِيًا (بِمِائَتَيْنِ) بِلَا كِتَابَةٍ فِيهِمَا لَزِمَهُ (الْأَكْثَرُ) فَقَطْ، وَهُوَ الْمِائَتَانِ سَوَاءً تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ، أَوْ تَأَخَّرَ وَقِيلَ إنْ قَدَّمَ الْأَكْثَرَ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ، وَإِنْ قَدَّمَ الْأَقَلَّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ لِدُخُولِ الْأَقَلِّ فِيهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ مُطْلَقًا، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةٌ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَسْمِعَةِ (وَ) فِي لَهُ عَلَيَّ (جُلُّ الْمِائَةِ) مَثَلًا (أَوْ قُرْبُهَا، أَوْ نَحْوُهَا) ، أَوْ أَكْثَرُهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْعَطْفِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ إضْرَابٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ) اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ شَرْطَهَا اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ إذْ مَتَى اتَّحَدَ لَفْظُ الْمُضَافِ، وَالْمُضَافِ إلَيْهِ مُنِعَتْ بِاتِّفَاقِ الْبَصْرِيِّينَ، وَالْكُوفِيِّينَ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلسَّبَبِ أَيْ إنَّهَا مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ، وَهُمَا عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ وَقَوْلُهُ مَا أَرَادَهُمَا أَيْ مَا أَرَادَ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ كَأَشْهَادٍ) أَيْ مِنْ الْمُقِرِّ فِي ذُكْرٍ بِخَطِّهِ، أَوْ أَمْرٍ بِكِتَابَتِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا كَتَبَ وَثِيقَةً بِخَطِّهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدِيّ مِائَةَ دِينَارٍ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِي تِلْكَ الْوَثِيقَةِ، ثُمَّ كَتَبَ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَةِ أُخْرَى بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهَا الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، أَوْ غَيْرَهُمَا فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْمُقِرَّ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَتُعَدُّ الثَّانِيَةُ تَوْكِيدًا لِلْأُولَى وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَا أَرَادَهُمَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُمَا كَمَا صَوَّرْنَا، أَوْ ذَكَرَهُ وَكَانَ مُتَّحِدًا كَمَا إذَا كَتَبَ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَرَقَتَيْنِ لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، وَالْمَوْضُوعُ اتِّحَادُ الْمَكْتُوبِ فِي الْوَثِيقَتَيْنِ قَدْرًا وَنَوْعًا كَمِائَةِ رِيَالٍ، أَوْ مَحْبُوبٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ وَتُعَدُّ الثَّانِيَةُ تَوْكِيدًا لِلْأُولَى (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا سَبَبًا) بِأَنْ كَتَبَ فِي وَاحِدَةٍ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ رِيَالٍ مِنْ بَيْعٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةُ رِيَالٍ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ، أَوْ قَدْرًا) كَمَا لَوْ كَتَبَ فِي وَثِيقَةٍ مِائَةُ رِيَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَتَا رِيَالٍ (قَوْلُهُ، أَوْ نَوْعًا) كَمَا لَوْ كَتَبَ فِي وَثِيقَةٍ مِائَةُ رِيَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةُ مَحْبُوبٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمِائَتَانِ) الْأَوْلَى لَزِمَهُ مَا فِي الْوَثِيقَتَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ مَا فِي الْوَثِيقَتَيْنِ قَدْرًا اللَّازِمُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذُكْرٍ بِمِائَةٍ وَعَلَى ذُكْرٍ آخَرَ بِمِائَةٍ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ، وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ) يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَذْهَبِ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الذِّكْرَيْنِ كَتَبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهِ بِأَنْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَكْتُبْهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِكَتْبِهَا فِي مَجْلِسٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ ثَانٍ فَكَتَبَ الْمُقَرُّ لَهُ وَثِيقَتَيْنِ وَقَالَ لِلْحَاضِرَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ اُكْتُبُوا شَهَادَتَكُمْ فِي هَذِهِ الْوَثِيقَةِ عَلَى مَا سَمِعْتُمْ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَرَّرَ عبق كَلَامَ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ كَإِشْهَادٍ مِنْ الْمُقَرّ لَهُ فِي ذُكْرٍ أَيْ وَثِيقَةٍ كَتَبَهَا لِنَفْسِهِ بِمِائَةٍ وَفِي ذِكْرٍ آخَرَ بِمِائَةٍ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْضًا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ أَمْوَالٌ) أَيْ لَا مَالٌ وَاحِدٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِمِائَتَيْنِ لِشَخْصٍ لَزِمَاهُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ قَوْمٍ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ بِمِائَةٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا وَلَمْ يَكْتُبْ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْكَتْبِ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِمِائَةٍ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَتْبٍ وَلَا أَمْرٍ بِهِ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ، وَالْمَقْرِ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ
(قَوْلُهُ بِمِائَةٍ وَبِمِائَتَيْنِ) أَيْ وَكَإِشْهَادٍ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي ذِكْرٍ آخَرَ بِمِائَتَيْنِ وَكِلَاهُمَا بِخَطِّ الْمُقِرِّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ قَائِلًا مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ لُزُومِ مِائَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْأَكْثَرُ فِي الثَّانِيَةِ لَا أَعْرِفُهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمَعْرُوفُ لُزُومُ مِائَتَيْنِ فِي الْأُولَى وَثَلَثُمِائَةٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكَتْبِهَا أَمْوَالٌ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَقَدْ حَمَلَ الشَّيْخُ عبق كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الذِّكْرَيْنِ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُقِرُّ بِكَتْبِهِمَا وَشَارِحُنَا هُنَا حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْكِتَابَةِ لِأَجْلِ التَّخَلُّصِ مِنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ بِلَا كِتَابَةٍ فِيهِمَا) أَيْ مِنْ الْمُقِرِّ وَلَا بِأَمْرٍ مِنْهُ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَقَدَّمَ الْإِقْرَارُ بِالْأَقَلِّ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ الْقَوْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَتِهَا تَكُونُ مَالًا وَاحِدًا، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِائَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلٌ لِلْمُعْتَمَدِ أَيْ الَّذِي وَافَقَهُ أَصْبَغُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابِهَا أَمْوَالٌ لَا مَالٌ وَاحِدٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا كَتَبَ الْوَثِيقَتَيْنِ، أَوْ أَمَرَ بِكُتُبِهِمَا، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ، أَوْ بَيَّنَهُ؛ فِيهِمَا وَكَانَ مُتَّحِدًا فَالْمُعْتَمَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute