أَيْ إدْمَاؤُهُ، وَلَوْ بِإِذْنٍ، وَلَوْ لَمْ يَنْشَقَّ الْجِلْدُ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ إدْمَاءٌ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ شُقَّ الْجِلْدُ، وَأَمَّا صَيْدُ الْكَافِرِ وَلَوْ كِتَابِيًّا فَلَا يُؤْكَلُ أَيْ إنْ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ فَلَوْ جَرَحَهُ مِنْ غَيْرِ إنْفَاذِ مَقْتَلٍ ثُمَّ أُدْرِكَ فَذُكِّيَ أُكِلَ، وَلَوْ بِذَكَاةِ الْكِتَابِيِّ (مُمَيِّزٍ) لَا غَيْرُهُ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ حَيَوَانًا (وَحْشِيًّا، وَإِنْ) كَانَ (تَأَنَّسَ) ثُمَّ تَوَحَّشَ (عَجَزَ عَنْهُ) صِفَةٌ لِوَحْشِيًّا أَيْ وَحْشِيًّا مَعْجُوزًا عَنْهُ لَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (إلَّا بِعُسْرٍ) قَالَ فِيهَا مَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ حَتَّى صَارَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفِرَارِ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَسِيرًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ (لَا نَعَمٍ شَرَدَ) بِالْجَرِّ أَيْ لَا جُرْحِ نَعَمٍ شَرَدَ فَحَذَفَ الْمَعْطُوفَ، وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ، وَأَرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ الْوَحْشِيَّ فَيَشْمَلُ الْإِوَزَّ وَالْحَمَامَ الْبَيْتِيَّ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ وَلَوْ تَوَحَّشَ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فَلَوْ قَالَ لَا إنْسِيٍّ لَكَانَ أَبَيْنَ (أَوْ) نَعَمٍ (تَرَدَّى) أَيْ هَلَكَ (بِكَوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا أَيْ طَاقَةٍ يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسِيَّ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ فِي حُفْرَةٍ وَنَحْوِهَا كَالطَّاقَةِ فِي الْحَائِطِ وَعَجَزَ عَنْ إخْرَاجِهِ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ (بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ) أَيْ بِشَيْءٍ لَهُ حَدٌّ، وَلَوْ حَجَرًا لَهُ حَدٌّ، وَعَلِمَ إصَابَتَهُ بِحَدِّهِ لَا خُصُوصَ الْحَدِيدِ لِمَا يَأْتِي مِنْ نَدْبِهِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ الْعَصَا وَالْبُنْدُقِ أَيْ الْبِرَامِ الَّذِي يُرْمَى بِالْقَوْسِ، وَأَمَّا الرَّصَاصُ فَيُؤْكَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ السِّلَاحِ كَذَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ (وَحَيَوَانٍ) طَيْرًا أَوْ غَيْرِهِ (عُلِّمَ) بِالْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَالنَّمِرِ وَالْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ: أَيْ إدْمَاؤُهُ، وَلَوْ بِإِذْنٍ) وَالْحَالُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَقَّ الْجِلْدَ إلَخْ) ، وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ صَحِيحًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَرِيضًا فَشَقُّ الْجِلْدِ مِنْ غَيْرِ إدْمَاءٍ كَافٍ (قَوْلُهُ: عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا فِي حَالِ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) كَمَا لَوْ أَمْسَكَ صَيْدًا بِحِبَالَةٍ مَثَلًا، وَصَارَ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ أَسِيرًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ كَالشَّاةِ، وَيَضْمَنُ هَذَا الَّذِي رَمَاهُ فَقَتَلَهُ لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا (قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ) أَيْ بِمُضَافٍ مُقَدَّرٍ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ بَعْدُ، وَذَلِكَ الْمُضَافُ الْمُقَدَّرُ مَعْطُوفٌ عَلَى جُرْحِ مُسْلِمٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ، وَيُمْكِنُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعَهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِهِ) أَيْ بِالنَّعَمِ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْإِوَزَّ) أَيْ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْإِبِلَ الْمُتَأَنَّسَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَمِيعَ الْحَيَوَانَاتِ الْمُتَأَنَّسَةِ إذَا نَدَّتْ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنْ نَدَّ غَيْرُ الْبَقَرِ لَمْ يُؤْكَلْ بِالْعَقْرِ، وَإِنْ نَدَّ الْبَقَرُ جَازَ أَكْلُهُ بِالْعَقْرِ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ لَهَا أَصْلٌ فِي التَّوَحُّشِ تَرْجِعُ إلَيْهِ لِشَبَهِهَا بِبَقَرِ الْوَحْشِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَمَامُ الْبَيْتِيُّ) فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الْحَجِّ أَنَّ الْحَمَامَ كُلَّهُ صَيْدٌ وَحِينَئِذٍ إذَا تَوَحَّشَ أُكِلَ بِالْعَقْرِ بِخِلَافِ النَّعَمِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ، وَلَوْ تَوَحَّشَتْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهَا، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ. اهـ. بْن وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَكْلِ حَمَامِ الْبُيُوتِ بِالْعَقْرِ إذَا تَوَحَّشَتْ قَوْلٌ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ صَيْدًا فِي الْحَجِّ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا هُنَا عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ فِي الْبَابَيْنِ فَالْحَقُّ مَعَ الشَّارِحِ تَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَيَوَانَ إمَّا وَحْشِيٌّ أَصَالَةً أَوْ إنْسِيٌّ أَصَالَةً، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَالْأَوَّلُ إنْ كَانَ تَوَحُّشُهُ دَائِمًا أَوْ تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ يُؤْكَلُ بِالْجَرْحِ، وَإِنْ تَأَنَّسَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَأَنُّسِهِ كَالنَّعَامَةِ فِي الْقُرَى لَا يُؤْكَلُ بِالْجَرْحِ بَلْ بِالذَّبْحِ، وَإِلَى الْأَوَّلَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَحْشِيًّا، وَإِنْ تَأَنَّسَ، وَإِلَى الثَّالِثِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَذَبْحُ غَيْرِهِ.
النَّوْعُ الثَّانِي الْإِنْسِيُّ أَصَالَةً إنْ اسْتَمَرَّ دَائِمًا عَلَى تَأَنُّسِهِ أَوْ تَوَحَّشَ ثُمَّ تَأَنَّسَ أَوْ تَوَحَّشَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَوَحُّشِهِ لَا يُؤْكَلُ بِالْجَرْحِ بَلْ بِالذَّبْحِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا نَعَمٍ شَرَدَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ وَلَوْ تَوَحَّشَ دَائِمًا (قَوْلُهُ: بِكُوَّةٍ) أَيْ بِسَبَبِ إدْخَالِ رَأْسِهِ فِي كُوَّةٍ، وَقَوْلُهُ هَلَكَ أَيْ أَشْرَفَ عَلَى الرَّدَى وَالْهَلَاكِ، وَقَوْلُهُ أَوْ نَعَمٍ تَرَدَّى، الْأَوْلَى أَوْ حَيَوَانٍ تَرَدَّى أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ وَحْشِيًّا أَوْ غَيْرَ وَحْشِيٍّ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغَ مَا اضْطَرَّهُ الْجَارِحُ لِحُفْرَةٍ لَا خُرُوجَ مِنْهَا أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ فَكَنَعَمٍ أَيْ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِالذَّكَاةِ، وَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ (قَوْلُهُ: فِي حُفْرَةٍ) أَيْ بِسَبَبِ وُقُوعِهِ فِي حُفْرَةٍ، وَقَوْلُهُ كَالطَّاقَةِ أَيْ يُدْخِلُ رَأْسَهُ فِيهَا، وَقَوْلُهُ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ أَيْ بِالطَّعْنِ بِحَرْبَةٍ مَثَلًا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاتِهِ بِالذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْحَرُ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ أَكْلِ الْمُتَرَدِّي بِالْعَقْرِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُؤْكَلُ الْحَيَوَانُ الْمُتَرَدِّي الْمَعْجُوزُ عَنْ ذَكَاتِهِ مُطْلَقًا بَقَرًا أَوْ غَيْرَهُ بِالْعَقْرِ
صِيَانَةً لِلْأَمْوَالِ
(قَوْلُهُ: بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَجُرْحُ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: عَنْ نَحْوِ الْعَصَا وَالْبُنْدُقِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرَحُ، وَإِنَّمَا يَرَضُّ، وَيَكْسِرُ (قَوْلُهُ: فَيُؤْكَلُ بِهِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ مَا صِيدَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ السِّلَاحِ) أَيْ فِي إنْهَارِ الدَّمِ وَالْإِجْهَازِ بِسُرْعَةِ الَّذِي شُرِعَتْ الذَّكَاةُ مِنْ أَجْلِهِ.
(قَوْلُهُ: كَذَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْدَ بِبُنْدُقِ الرَّصَاصِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ لِلْمُتَقَدِّمِينَ لِحُدُوثِ الرَّمْيِ بِهِ بِحُدُوثِ الْبَارُودِ فِي وَسَطِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ قِيَاسًا عَلَى بُنْدُقِ الطِّينِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيِّ وَابْنِ غَازِيٍّ وَالشَّيْخُ الْمَنْجُورُ وَسَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute