للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ (بِإِرْسَالٍ) لَهُ (مِنْ يَدِهِ) مَعَ نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ فَلَوْ كَانَ مَفْلُوتًا فَأَرْسَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ، وَيَدُ خَادِمِهِ كَيَدِهِ، وَكَفَتْ نِيَّةُ الْآمِرِ وَتَسْمِيَتُهُ وَحْدَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ يَدَ غُلَامِهِ كَيَدِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مُسْلِمًا فِيمَا يَظْهَرُ (بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ) مِنْ الْجَارِحِ قَبْلَ الْوُصُولِ فَإِنْ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ ثُمَّ انْطَلَقَ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِذَكَاةٍ (وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصْيَدُهُ) أَيْ الْجَارِحُ إنْ نَوَى الصَّائِدُ الْجَمِيعَ فَلَوْ صَادَ شَيْئًا لَمْ يَنْوِهِ الصَّائِدُ

لَمْ يُؤْكَلْ بِصَيْدِهِ.

(أَوْ) ، وَلَوْ (أَكَلَ) الْجَارِحُ شَيْئًا مِنْ الصَّيْدِ، وَلَوْ جُلَّهُ.

(أَوْ) وَلَوْ (لَمْ يَرَ) أَيْ يَعْلَمْ الصَّيْدَ (بِغَارٍ) نَقْبٌ فِي الْجَبَلِ (أَوْ غَيْضَةٍ) شَجَرٍ مُلْتَفٍّ تُسَمَّى أَجَمَةً فَأَوْلَى إنْ عَلِمَ بِهِ فِيهِمَا تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمَعْلُومِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا مَنْفَذٌ آخَرُ، وَإِلَّا كَانَ مِنْ إفْرَادِ قَوْلِهِ أَوْ قَصْدِ مَا وُجِدَ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِنْهَارِ وَالْإِجْهَازِ بِسُرْعَةِ الَّذِي شُرِعَتْ الذَّكَاةُ لِأَجْلِهِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى بُنْدُقِ الطِّينِ فَاسِدٌ لِوُجُودِ الْفَارِقِ، وَهُوَ وُجُودُ الْخَرْقِ وَالنُّفُوذِ فِي الرَّصَاصِ تَحْقِيقًا، وَعَدِمَ ذَلِكَ فِي بُنْدُقِ الطِّينِ، وَإِنَّمَا شَأْنُهُ الرَّضُّ وَالْكَسْرُ، وَمَا كَانَ هَذَا شَأْنُهُ لَا يُسْتَعْمَلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَقْذِ الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. اهـ. بْن ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْعَصَا وَبُنْدُقِ الطِّينِ إذَا لَمْ يُؤْخَذْ الصَّيْدُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ، وَيُذَكَّى، وَيُسَمَّى ثَانِيًا عِنْدَ ذَكَاتِهِ، وَإِلَّا أَكَلَ فَإِذَا نَفَذَ مَقْتَلٌ مِنْ مَقَاتِلِهِ لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَنَا، وَلَوْ أُدْرِكَ حَيًّا وَذُكِّيَ.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا أُدْرِكَ حَيًّا، وَلَوْ مَنْفُوذَ جَمِيعِ الْمَقَاتِلِ، وَذُكِّيَ يُؤْكَلُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مَا مَاتَ بِهِ لَا يُؤْكَلُ، وَفِي أَنَّ مَا لَمْ يَنْفُذْ بِسَبَبِهِ مَقْتَلٌ مِنْ مَقَاتِلِهِ، وَأُدْرِكَ حَيًّا، وَذُكِّيَ يُؤْكَلُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا زَجَرَ انْزَجَرَ) هَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْبَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ بَلْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ اعْتِبَارِ الِانْزِجَارِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ عِصْيَانَ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ مُعَلَّمًا بِإِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: بِإِرْسَالٍ لَهُ مِنْ يَدِهِ إلَخْ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ أَوْ حَيَوَانٌ إنْ عَلِمَ مُتَلَبِّسٌ بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ أَيْ مِنْ يَدِ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ حَقِيقَتُهَا، وَمِثْلُهَا إرْسَالُهُ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ لَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ أَوْ الْمِلْكُ فَقَطْ ثُمَّ إنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِرْسَالِ مِنْ يَدِهِ وَنَحْوِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَفْلُوتًا فَأَرْسَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ أَوْ لَا يُؤْكَلُ، وَلَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ يَدِهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَاللَّخْمِيِّ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ، وَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ لِقُوَّتِهِ. اهـ.

بْن (قَوْلُهُ: وَكَفَتْ نِيَّةُ الْآمِرِ) أَيْ سَيِّدِ الْغُلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مُسْلِمًا) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّاوِيَ الْمُسَمِّيَ هُوَ سَيِّدُهُ فَالْإِرْسَالُ مِنْهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ: بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ مُلْتَبِسٌ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ بِعَدَمِ ظُهُورِ التَّرْكِ مِنْهُ لِمَا أُرْسِلَ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُنْبَعِثًا مِنْ حِينِ الْإِرْسَالِ إلَى حِينِ أَخْذِهِ الصَّيْدَ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ إذَا قَتَلَهُ الْجَارِحُ أَنْ يَكُونَ مُنْبَعِثًا مِنْ حِينِ الْإِرْسَالِ إلَى حِينِ أَخْذِ الصَّيْدِ فَلَوْ ظَهَرَ فِيهِ تَشَاغُلٌ بِغَيْرِ الصَّيْدِ ثُمَّ انْبَعَثَ ثَانِيًا فَلَا يُؤْكَلُ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ التَّشَاغُلِ، وَكَثِيرِهِ وَرَأْيُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ قَلِيلَ التَّشَاغُلِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْوُصُولِ) أَيْ لِلصَّيْدِ (قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَحْشِيًّا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَصِيدُ الْوَحْشِيُّ وَاحِدًا بَلْ، وَلَوْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ الْمَصِيدُ أَيْ إنْ نَوَى الْجَمِيعَ كَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُؤْكَلُ إلَّا الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَالَ عج فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي وَاحِدٍ، وَلَا فِي الْجَمِيعِ لَمْ يُؤْكَلْ شَيْءٌ، وَقَالَ جَدّ عج يُؤْكَلُ جَمِيعُ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ أَيْضًا فَأَدْخَلَهَا فِي تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ قَصْدُ مَا وُجِدَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ وَالْمَوْضُوعُ هُنَا تَحَقُّقُهَا فَلَوْ نَوَى وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا إيَّاهُ، وَإِنْ عَرَفَ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا الْأَوَّلُ أَيْضًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ، وَلَوْ شَكَّ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَادَ شَيْئًا لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ بِأَنْ نَوَى مُعَيَّنًا فَأَتَى بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْكَلْ بِصَيْدِهِ) أَيْ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ بِذَكَاةٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى غَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهَا صَيْدًا وَنَوَى ذَكَاةَ مَا وَجَدَهُ فِيهَا فَدَخَلَ ذَلِكَ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازُ الْغَارَ أَوْ الْغَيْضَةَ فَوَجَدَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمَعْلُومِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا عَلِمَ أَنَّ فِي الْغَارِ أَوْ الْغَيْضَةِ صَيْدًا، وَلَمْ يَرَهُ بِبَصَرِهِ، وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عِلْمُهُ وَإِبْصَارُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَالْمُبَالَغُ عَلَيْهِ انْتِفَاؤُهُمَا فَالْمَعْنَى إذَا كَانَ الصَّائِدُ الَّذِي هُوَ الْمُسْلِمُ الْمُمَيِّزُ عَالِمًا بِالصَّيْدِ وَرَآهُ أَوْ عَلِمَ بِهِ بِدُونِ رُؤْيَةٍ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ مُخْبِرٌ، بَلْ وَلَوْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ حَالَةَ كَوْنِهِ بِغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهِ شَيْئًا لَكِنْ نَوَى إنْ أَتَى مِنْهُ بِشَيْءٍ فَهُوَ مُذَكًّى فَأَرْسَلَ الْجَارِحُ فَوَجَدَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ، وَمَحَلُّ جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ فِي حَالَتَيْ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَارِ أَوْ لِلْغَيْضَةِ مَنْفَذٌ آخَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>