(أَوْ لَمْ يَظُنَّ نَوْعَهُ) أَيْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَيَّ نَوْعٍ هُوَ (مِنْ) أَنْوَاعِ (الْمُبَاحِ) بِأَنْ شَكَّ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ فَإِنْ تَرَدَّدَ هَلْ هُوَ مُبَاحٌ كَظَبْيٍ أَوْ حَرَامٌ كَخِنْزِيرٍ فَصَادَهُ فَإِذَا هُوَ مُبَاحٌ لَمْ يُؤْكَلْ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا
(أَوْ) أَرْسَلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ ظَنَّهُ ظَبْيًا ثُمَّ (ظَهَرَ خِلَافَهُ) مِنْ الْمُبَاحِ كَبَقَرٍ فَيُؤْكَلُ (لَا إنْ ظَنَّهُ) حَالَ الْإِرْسَالِ أَوْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَهُ (حَرَامًا) كَخِنْزِيرٍ فَإِذَا هُوَ حَلَالٌ فَلَا يُؤْكَلُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ (أَوْ) (أَخَذَ) الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ (غَيْرَ مُرْسَلٍ عَلَيْهِ) تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا.
(أَوْ) (لَمْ يَتَحَقَّقْ) صَائِدُهُ أَوْ غَيْرُهُ (الْمُبِيحَ) لِأَكْلِهِ (فِي) حَالِ (شَرِكَةِ غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ الْمُبِيحِ لِلْمُبِيحِ فِي قَتْلِهِ فَلَا يُؤْكَلُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمُحَرِّمِ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَمَاءٍ) أَيْ كَشَرِكَةِ مَاءٍ بِأَنْ جَرَحَهُ الْمُسْلِمُ الْمُمَيِّزُ فَتَحَامَلَ الصَّيْدُ وَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ رَمَاهُ، وَهُوَ فِي الْمَاءِ فَمَاتَ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ هَلْ هُوَ الْجُرْحُ أَوْ الْمَاءُ (أَوْ) شَرِكَةِ سُمٍّ فِي (ضَرْبٍ) لَهُ (بِمَسْمُومٍ) أَيْ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ بِالسَّهْمِ فَمَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهِ (أَوْ) شَرِكَةِ (كَلْبٍ مَجُوسِيٍّ) لِكَلْبِ الْمُسْلِمِ، وَمِثْلُ الْكَلْبِ السَّهْمُ وَلَوْ قَالَ كَافِرٌ بَدَلَ مَجُوسِيٍّ كَانَ أَحْسَنَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ هُوَ الَّذِي أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوَّلًا أَكَلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ) شَرِكَةُ نَهْشِ جَارِحٍ لِلذَّكَاةِ (بِنَهْشِهِ) أَيْ الْجَارِحِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عِنْدَ (مَا) أَيْ صَيْدًا (قَدَرَ) الصَّائِدُ (عَلَى خَلَاصِهِ) أَيْ خَلَاصِ الصَّيْدِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَارِحِ فَتَرَكَ تَخْلِيصَهُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُؤْكَلُ (أَوْ أَغْرَى) الصَّائِدُ جَارِحَهُ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ بِنَفْسِهِ (فِي الْوَسَطِ) أَيْ أَثْنَاءَ إطْلَاقِهِ بَلْ، وَلَوْ أَغْرَاهُ ابْتِدَاءً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ، وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ عُطِفَ عَلَى ظَنِّهِ فَلَيْسَ مِنْ أَمْثِلَةِ الشَّرِكَةِ لَا مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ بِالْعَطْفِ عَلَى مَاءٍ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَمْثِلَةِ الشَّرِكَةِ (أَوْ) (تَرَاخَى) الصَّائِدُ (فِي اتِّبَاعِهِ) أَيْ اتِّبَاعِ الْجَارِحِ بَعْدَ إرْسَالِهِ حَتَّى وَجَدَهُ مَيْتًا فَلَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ إدْرَاكِ ذَكَاتِهِ لَوْ جَدَّ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ) إنْ جَدَّ (لَا يَلْحَقُهُ) حَيًّا (أَوْ حَمَلَ الْآلَةَ) لِلذَّبْحِ (مَعَ غَيْرٍ) ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُ ذَلِكَ الْغَيْرَ (أَوْ) وَضَعَهَا (بِخَرْجٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْتَدْعِي طُولًا فَمَاتَ بِنَفْسِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ أَوْ حِزَامِهِ لَأَدْرَكَهُ (أَوْ) (بَاتَ) الصَّيْدُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَظُنَّ إلَخْ) صُورَتُهُ أَرْسَلَ جَارِحَهُ أَوْ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُبَاحٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَظُنَّ نَوْعَهُ أَيْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَيُّ نَوْعٍ هُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ بِأَنْ شَكَّ فِيهِ وَتَرَدَّدَ هَلْ هُوَ بَقَرُ وَحْشٍ أَوْ حِمَارُهُ فَإِنْ أَخَذَ الْجَارِحُ صَيْدًا، وَقَتَلَهُ جَازَ أَكْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ الْعِلْمُ بِنَوْعِهِ حِينَ الْإِرْسَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ) أَيْ فِي أَنَّ الصَّيْدَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ أَيْ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ كَمَا إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَتَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ حِمَارَ وَحْشٍ أَوْ بَقَرَ وَحْشٍ أَوْ ظَبْيًا فَأَرْسَلَ الْجَارِحَ فَقَتَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ حَيْثُ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ الَّتِي تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ فَإِنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَتَرَدَّدَ هَلْ هُوَ نَعَمٌ أَوْ حِمَارُ وَحْشٍ أَوْ غَزَالٌ لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُبَاحُ بِالْعَقْرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْكَلْ) أَيْ مَا لَمْ يُدْرِكْ مَا ظَنَّهُ حَرَامًا غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ، وَيُذَكِّيهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ حَلَالٌ، وَإِلَّا أَكَلَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ مَعَ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ، وَأَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِي مُحَرَّمِ الْأَكْلِ فَلَمَّا ذَكَّاهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَلَالٌ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ، وَمِثْلُ ظَنِّهِ حَرَامًا ظَنُّهُ حَجَرًا أَوْ خَشَبَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ غَيْرَ مُرْسَلٍ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا) بِأَنْ صَادَ مَا نَوَاهُ، وَمَا لَمْ يَنْوِهِ أَوْ مَا لَمْ يَنْوِهِ فَقَطْ تَحْقِيقًا، وَقَوْلُهُ أَوْ شَكَّ كَمَا لَوْ نَوَى وَاحِدًا مُعَيَّنًا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّيْدِ ثُمَّ بَعْدَ وُقُوعِهِ مَيِّتًا شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ هَذَا هُوَ الَّذِي نَوَاهُ أَوْ غَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ هَلْ هُوَ الْجُرْحُ أَوْ الْمَاءُ) مَحَلُّ عَدَمِ الْأَكْلِ حَيْثُ لَمْ يَنْفُذْ شَيْءٌ مِنْ الْمَقَاتِلِ، وَأَمَّا إذَا نَفَذَتْ مَقَاتِلُهُ ثُمَّ شَارَكَ الْمُبِيحَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهِ) أَيْ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَلْ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ أَوْ السُّمِّ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرِكَةِ كَلْبٍ مَجُوسِيٍّ) أَيْ كَلْبٍ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ، وَقَوْلُهُ لِكَلْبِ الْمُسْلِمِ أَيْ لِلْكَلْبِ الَّذِي أَرْسَلَهُ الْمُسْلِمُ كَانَ مِلْكًا لَهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: كَانَ أَحْسَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَجُوسِيٍّ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُؤْكَلُ إذَا شَارَكَ كَلْبُ الْكِتَابِيِّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرِكَةِ نَهْشٍ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إنْ شَارَكَ نَهْش الْجَارِحِ الذَّكَاةَ كَمَا لَوْ نَهَشَ الْجَارِحُ صَيْدًا قَدَرَ الصَّائِدُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ فَتَرَكَ تَخْلِيصَهُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ جَرَحَهُ أَوَّلًا قَبْلَ النَّهْشِ، وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَاتَ مِنْ نَهْشِهِ لَهُ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ لَا أَوْ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ الَّذِي حَصَلَتْ لَهُ بِهِ الذَّكَاةُ أَوْ لَا؟ . وَكَذَا لَوْ ذَبَحَهُ فِي حَالِ نَهْشِ الْجَارِحِ لَهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَلَاصِ الصَّيْدِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ إذَا ذَكَّاهُ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْحَيَاةِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ الْجَارِحِ حَتَّى مَاتَ مِنْ نَهْشِهِ أُكِلَ إنْ كَانَ الْجَارِحُ قَدْ جَرَحَهُ.
(قَوْلُهُ: بِنَهْشِهِ) أَيْ، وَذَلِكَ عِنْدَ نَهْشِ الْجَارِحِ صَيْدًا قَدَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عُطِفَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا، وَلَا إنْ أَغْرَى الصَّائِدُ جَارِحَهُ فِي الْوَسَطِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ سَوَاءٌ زَادَهُ الْإِغْرَاءُ قُوَّةً وَاسْتِيلَاءً أَمْ لَا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حِلِّ الصَّيْدِ مِنْ إرْسَالِ الصَّائِدِ الْجَارِحَ مِنْ يَدِهِ إمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَلَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ يَدِهِ أَوْ أَغْرَاهُ فِي الْوَسَطِ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَسْتَدْعِي طُولًا) أَيْ فِي إخْرَاجِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى وَجَدَهُ مَيْتًا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ وَجَدَ السَّهْمَ فِي مَقَاتِلِهِ، وَقَدْ أَنْفَذَهَا، وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ غَوْصِ السَّهْمِ فِي الْمَقَاتِلِ بِحَرَكَاتِ الصَّيْدِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقَاتِلَهُ وَإِنْ بَاتَ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute