للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النِّهَايَةِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ: بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، فَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا سَلَّمَهُ إلَيْهِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ الْمُكَاتَبُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ نُجُومٌ وَأَرُشُّ جِنَايَةٍ وَدَيْنُ مُعَامَلَةٍ، فَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ الْأَرْشِ ثُمَّ النُّجُومِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا حَجْرَ بِالنُّجُومِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَدْيُونِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ كَيْفَ شَاءَ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِحَّةِ التَّصَرُّفِ لَكِنْ يَنْبَغِي إذَا اسْتَوَوْا وَطَالَبُوا وَحَقُّهُمْ عَلَى الْفَوْرِ أَنْ يَجِبَ التَّسْوِيَةُ، وَخَرَجَ بِالْحَالِّ الْمُؤَجَّلُ فَلَا يَدَّخِرُ لِأَرْبَابِهِ شَيْئًا، وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحِلُّ بِالْحَجْرِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْأَجَلِ مِنْ التَّخْفِيفِ لِيَكْتَسِبَ فِي مُدَّتِهِ الْمَدْيُونُ غَيْرُ فَائِتٍ، بِخِلَافِ الْمَوْتِ لِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ سِوَى إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَيَقْسِمُ الْقَاضِي (بِغَيْرِ حُجَّةِ انْحِصَارِ الْغُرَمَا) فِي الْمَوْجُودِينَ لِاشْتِهَارِ الْحَجْرِ، فَلَوْ كَانَ ثَمَّ غَرِيمٌ لَظَهَرَ، وَيُخَالِفُ الْمِيرَاثَ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَضْبَطُ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ بِعُسْرِ مُدْرَكِهَا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِهَا فِي الْأَضْبَطِ اعْتِبَارُهَا فِي غَيْرِهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ وَلِأَنَّ الْغَرِيمَ الْمَوْجُودَ تَيَقَّنَّا اسْتِحْقَاقَهُ لِمَا يَخُصُّهُ وَشَكَكْنَا فِي مُزَاحِمِهِ، وَهُوَ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَتَحَتَّمُ مُزَاحَمَةُ الْغَرِيمِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَبْرَأَ أَخَذَ الْآخَرُ الْكُلَّ وَالْوَارِثُ بِخِلَافِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، (وَعَادَ) الْقَاضِي (بِالْحِصَّةِ) عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمَوْجُودِينَ (يَقْضِي حَقَّا مِنْ بَعْدُ بَانَ) أَيْ: لِيَقْضِيَ الدَّيْنَ الَّذِي ظَهَرَ عَلَى الْمَدْيُونِ مِنْ بَعْدِ الْقِسْمَةِ مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ لَهَا، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْمُسَوِّغِ لَهَا ظَاهِرًا، فَلَوْ قَسَمَ مَالَهُ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى غَرِيمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ وَلِلْآخِرِ عَشَرَةٌ، فَأَخَذَ الْأَوَّلُ عَشَرَةً وَالْآخَرُ خَمْسَةً ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ لَهُ ثَلَاثُونَ عَادَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ مَا أَخَذَهُ، فَلَوْ أَتْلَفَ أَحَدُهُمَا مَا أَخَذَهُ وَكَانَ مُعْسِرًا كَانَ مَا أَخَذَهُ الْآخَرُ كَأَنَّهُ كُلُّ الْمَالِ، فَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ آخِذًا الْخَمْسَةَ اسْتَرَدَّ الْقَاضِي مِنْ آخِذِ الْعَشَرَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ ثُمَّ النُّجُومِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ الْجَائِزَ يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ، إذَا وَقَعَ الْحَجْرُ بِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ لِلسَّيِّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا) ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ مَالِ مَنْ ظَهَرَ إلَى مَجْمُوعِهِ مَعَ مَالِ الْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَنْهُ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ وَالْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ فِي الذِّمَّةِ وَمَا اُشْتُرِطَ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ ق ل. وَقَوْلُهُ: وَمَا اُشْتُرِطَ إلَخْ يُصَوَّرُ هُنَا بِأَنْ بَقِيَا بِالْمَجْلِسِ، حَتَّى حَجَرَ الْقَاضِي وَبَاعَ مَالَهُ وَأَرَادَ الْقِسْمَةَ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) حَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ فِي التَّأْخِيرِ مَصْلَحَةٌ وَمَا قَبْلَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ع ش وَمِّ ر. (قَوْلُهُ تَقْدِيمُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ) أَيْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَعُودَ إلَى الرِّقِّ فَيَتَأَخَّرَ دَيْنُهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْعِتْقِ، بِخِلَافِ دَيْنِ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ سم. (قَوْلُهُ إلَى صِحَّةِ التَّصَرُّفِ) أَيْ مَعَ الْحُرْمَةِ عِنْدَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ فَلَا يَدَّخِرُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ حَلَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ضَارَبَ صَاحِبَهُ مَعَ غَيْرِهِ م ر سم. (قَوْلُهُ لَا يَحِلُّ بِالْحَجْرِ) وَكَذَا لَا يَحِلُّ بِالْجُنُونِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَحِلُّ بِالِاسْتِرْقَاقِ سم عَنْ م ر.

(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ) وَقِيلَ: تُنْتَقَضُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ، فَإِنَّهَا تُنْتَقَضُ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ، بِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَقَّ الْغَرِيمِ هُنَا فِي الْقِيمَةِ اهـ. ق ل وَنُوقِشَ: بِأَنَّ الْمَقْسُومَ الْقِيمَةُ الْمُتَعَلِّقُ حَقُّهُمْ بِعَيْنِهَا، فَلَا فَرْقَ اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ حَقَّ الْغَرِيمِ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْوَارِثِ فَالْأَوْلَى فِي كَلَامِ ق ل الذِّمَّةُ بَذْلُ الْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَأَخَذَ الْأَوَّلُ عَشَرَةً) أَيْ بِمُقْتَضَى نِسْبَةِ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ لِلْآخَرِ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ تَنْسُبَ الْمَالَ الْمَوْجُودَ إلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ وَتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِذَا نَسَبْت الْخَمْسَةَ عَشَرَ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ، وَهُوَ بِمَا ظَهَرَ سِتُّونَ وَجَدْتهَا رُبْعَهَا، فَتُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ رُبْعَ دَيْنِهِ فَرُبْعُ الْعَشَرَةِ اثْنَانِ وَنِصْفٌ، وَرُبْعُ الْعِشْرِينَ خَمْسَةٌ، وَرُبْعُ الثَّلَاثِينَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ.

(قَوْلُهُ عَادَ عَلَى كُلٍّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ: أَنَّ الْآخِذَ لَيْسَ لَهُ إمْسَاكُ مَا أَخَذَهُ وَدَفْعُ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ فَيُحَرَّرُ. (قَوْلُهُ بِنِصْفِ مَا أَخَذَهُ) إلَّا إنْ حَدَثَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا يُسَاوِي نِسْبَةَ دَيْنِهِ ثُمَّ يَقْسِمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ الْجَمِيعِ، فَفِي مِثَالِ الشَّارِحِ لَوْ حَدَثَ لَهُ عِشْرُونَ أَخَذَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا أَخَذُوهُ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَتُقْسَمُ الْخَمْسَةُ بَيْنَهُمْ بِالنِّسْبَةِ اهـ. ق ل بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ كَانَ مَا أَخَذَهُ الْآخَرُ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ دَيْنُ الْمُعْسِرِ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا) لِأَنَّ الدَّيْنَ مَعَ اعْتِبَارِ سُقُوطِ دَيْنِ أَحَدِ الْخَمْسَةِ كَأَنَّهُ خَمْسُونَ فَتُنْسَبُ فِي الْمِثَالِ الثَّلَاثُونَ إلَى الدَّيْنِ، فَتُوجَدُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ فَيُرْجَعُ عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ مَا أَخَذَهُ، وَهُوَ سِتَّةٌ. (قَوْلُهُ نِصْفِ مَا أَخَذَهُ) لِأَنَّك إذَا نَسَبْت دَيْنَهُ لِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ كَانَ سُدُسًا فَيَسْتَقِرُّ لَهُ مِنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي أَخَذَهَا اثْنَانِ وَنِصْفٌ، هُمَا سُدُسُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا زَادَ، وَهُوَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ تُقْسَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>