للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا لِمَنْ ظَهَرَ، ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ الْمُتْلِفُ أَخَذَ مِنْهُ الْآخَرَانِ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ، وَقَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ دَيْنَيْهِمَا، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ بَعْضَ الْبَسْطِ فِي شَرْحِ كِفَايَةِ ابْنِ الْهَائِمِ (لَا إنْ اُسْتُحِقَّا) أَيْ: لَا إنْ خَرَجَ (مَا بَاعَهُ الْقَاضِي) مُسْتَحَقًّا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَتَلَفِهِ (فَبِالْجَمِيعِ) أَيْ: فَيَعُودُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ، وَلَا يُضَارِبُ بِهِ الْغُرَمَاءَ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ شِرَاءِ مَالِ الْمُفْلِسِ، فَالتَّقْدِيمُ بِالْجَمِيعِ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَنَحْوِهَا وَقَوْله: (وَلَمْ يَغْرَمْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: وَلَا يَغْرَمُ الْقَاضِي إذَا خَرَجَ مَا بَاعَهُ مُسْتَحَقًّا ثَمَنُ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ مَا بَاعَهُ الْمُفْلِسُ قَبْلَ الْحَجْرِ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ تَلَفِ الثَّمَنِ، فَإِنَّهُ كَدَيْنٍ ظَهَرَ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ وَكَالْقَاضِي فِيمَا ذُكِرَ نَائِبُهُ.

(وَيُنْفِقُ الْقَاضِي عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُفْلِسِ (وَعَلَى مَمُونِهِ) مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ آخَرُ كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ، (أَقَلَّ كَافِي هَؤُلَا) أَيْ: كَافِيهِمْ، وَيُسَلَّمُ إلَيْهِ ذَلِكَ يَوْمًا بِيَوْمٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَيَانِ، وَمَمُونُهُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ. (مِنْ عِرْسِهِ) أَيْ: زَوْجَتِهِ أَيْ: الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْحَجْرِ دُونَ الْمُتَجَدِّدَةِ بَعْدَهُ (وَالْفَرْعِ) لَهُ وَإِنْ سَفَلَ وَتَجَدَّدَ وَفَارَقَ تَجَدُّدَ الزَّوْجَةِ، بِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ فِي بَابِ الْحَجْرِ: إنَّ السَّفِيهَ إذَا أَقَرَّ بِنَسَبٍ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ وَيُنْفِقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ أَيْضًا هُنَا؟ قُلْنَا: لَا، فَإِنَّ إقْرَارَ السَّفِيهِ بِالْمَالِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ، فَإِنَّهُ مَقْبُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَغَايَتُهُ هُنَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَإِقْرَارُهُ بِهِ مَقْبُولٌ وَيَجِبُ أَدَاؤُهُ فَبِالْأَوْلَى وُجُوبُ الْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا كَثُبُوتِ النَّسَبِ تَبَعًا لِثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ انْتَهَى. وَيُفَارِقُ إقْرَارُهُ بِالنَّسَبِ تَجْدِيدَهُ الزَّوْجَةَ، بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ.

(وَالْأَصْلِ) لَهُ، وَإِنْ عَلَا وَكَذَا مَمَالِيكُهُ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ كَأُمِّ وَلَدِهِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مُمَوَّنِهِ لَشَمِلَهُمْ وَلَكَانَ أَخْصَرَ، وَيَسْتَمِرُّ الْإِنْفَاقُ (إلَى بَيْعٍ وَقَسْمٍ) لِمَالِهِ أَيْ: إلَى فَرَاغِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ، وَلَيْسَ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالرَّهْنِ (وَكُسُوا) أَيْضًا (بِالْعُرْفِ) أَيْ: بِالْمَعْرُوفِ، (لَا إنْ كَانَ) الْمُفْلِسُ (ذَا كَسْبٍ) لَائِقٍ بِهِ (يَفِي) بِنَفَقَتِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لَا إنْ اسْتَحَقَّ مَا بَاعَهُ الْقَاضِي) قَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا بَاعَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ، وَيُكْتَفَى بِالْيَدِ وَعَلَى الْقَوْلِ: بِالِاحْتِيَاجِ فَقَدْ يُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يُنَافِي مَا هُنَا؛ لِأَنَّ حُجَّةَ الثُّبُوتِ قَدْ تَكُونُ شَاهِدًا وَيَمِينًا، وَحُجَّةَ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْ تَكُونُ شَاهِدَيْنِ، وَقَدْ تَكُونُ الْأُولَى مُطْلِقَةً لِلْمِلْكِ وَالثَّانِيَةُ مُضِيفَةً إلَى سَبَبِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَغْرَمُ الْقَاضِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَيْسَ الْقَاضِي وَمَأْذُونُهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَمَأْذُونُهُ شَامِلٌ لِلْمُفْلِسِ، وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ فِي شَرْحِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ) خَرَجَ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ الْأَعْيَانَ بَعْدَ الْحَجْرِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ، فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ حَادِثٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُهُ قَدْ يُفْهِمُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ فِيمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ نَحْوِ مَا يُدْفَعُ إلَيْهِ كَتَصَرُّفِهِ فِي مُؤْنَتِهِ، فَإِنْ قُلْت: قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا بَاعَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ قُلْت قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ إذَا بَاعَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَانَ كَمَا لَوْ بَاعَ نَفْسُ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَائِبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ هَذَا قَدْ لَا يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ: بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْقَاضِي، فَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ مِلْكُهُ، فَإِنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ بَيْعَهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَيْسَ كَبَيْعِ نَفْسِ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ كَبَيْعِ نَفْسِ الْقَاضِي فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى الْإِثْبَاتِ لَا مُطْلَقًا فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ كَدَيْنٍ ظَهَرَ) فَيُقَاسِمُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ بِلَا نَقْضِ الْقِسْمَةِ

(قَوْلُهُ فَغَايَتُهُ هُنَا إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ كَوْنُ غَايَتِهِ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَجَبَ بَعْدَ الْحَجْرِ لَمْ يُزَاحِمْ الْغُرَمَاءَ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى مُسْتَلْحِقِهِ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِلْحَاقُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَأَسْنَدَ وُجُودَهُ إلَى مَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ: بِأَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَجْرِ يَتَبَيَّنُ بِهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ قَبْلَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ مِنْ أَوَّلِ وُجُودِ الْوَلَدِ وَقَدْ يُقَالُ: قَدْ يَكُونُ وُجُودُ ذَلِكَ الْوَلَدُ بَعْدَ الْحَجْرِ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَاجِبٌ) قَضِيَّتُهُ: عَدَمُ الْإِنْفَاقِ عَلَى أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ، إذَا أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ وَقَبِلَ ذَلِكَ وَقَبَضَهُ فِي الْهِبَةِ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ تَعَلُّقٌ بِهِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَكَذَا مَمَالِيكُهُ) شَامِلٌ لِمَا مَلَكَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ فِي ذِمَّتِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ فِي مِلْكِهِمْ مَصْلَحَةً لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ يُبَاعُونَ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ إلَخْ) بِخِلَافِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُ مُؤْنَتُهُمْ كَالْمُكَاتَبِينَ.

(قَوْلُهُ كَأُمِّ وَلَدِهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

بَيْنَ صَاحِبِ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثِينَ بِنِسْبَةِ كُلٍّ مِنْ الدَّيْنَيْنِ إلَى الْآخَرَ، فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْعِشْرِينَ وَاحِدًا، وَصَاحِبُ الثَّلَاثِينَ وَاحِدًا وَنِصْفًا اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ بِنِسْبَتِهِ دَيْنَيْهِمَا) أَيْ أَخْمَاسًا اهـ ق ل.

(قَوْلُهُ دُونَ الْمُتَجَدِّدَةِ) أَيْ فَنَفَقَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ، كَذَا فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ إقْرَارَ إلَخْ) فَرَّقَ ق ل: بِأَنَّ السَّفِيهَ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ لِذَاتِهِ، وَإِقْرَارُهُ بِهَا بَاطِلٌ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ. (قَوْلُهُ إلَى فَرَاغِهِمَا) أَيْ فَرَاغِ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِ الَّتِي بَعْدَهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ حَقٌّ كَرَهْنٍ لَمْ يُتْرَكْ لَهُ شَيْءٌ، وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ اهـ. ق ل وَمِّ ر وَالْأَوْلَى إبْقَاءُ مَا هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>