للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاكْتَسَبَ، فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَكْسُوهُمْ مِنْ مَالِهِ بَلْ مِنْ كَسْبِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ رُدَّ إلَى الْمَالِ، أَوْ نَقَصَ كُمِّلَ مِنْ الْمَالِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ، فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَالْمَطْلَبِ: أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَاخْتَارَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِقَاعِدَةِ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ.

وَقَوْلُ النَّظْمِ قَسْمٍ وَيَفِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَقَلَّ كَافِي هَؤُلَا، وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ: أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَقَلَّ مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَعَلَّلَهُ: بِأَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ لَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْقَرِيبِ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ، بِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ غَيْرُ الْمُعْتَبَرِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ انْتِفَاءُ الثَّانِي.

(تَنْبِيهٌ) ذَكَرُوا فِي وَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ، فَلْيَكُنْ هُنَا مِثْلُهُ، بَلْ أَوْلَى لِمُزَاحَمَةِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ (وَاسْتَثْنَى) أَيْ: الْقَاضِي أَيْ تَرَكَ لِكُلٍّ مِنْ الْمُفْلِسِ وَمُمَوَّنِهِ الَّذِي لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ (دَسْتُ ثِيَابٍ لَائِقًا) بِهِ مِنْ قَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ وَعِمَامَةٍ وَمُكْعَبٍ أَيْ: مَدَاسٍ، وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ، وَيَتْرُكُ لَهُ دُرَّاعَةً فَوْقَ الْقَمِيصِ وَخُفًّا وَطَيْلَسَانًا، إنْ لَاقَتْ بِهِ وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مِقْنَعَةً وَغَيْرَهَا مِمَّا يَلِيقُ بِهَا، قَالَ الْإِمَامُ وَالْعِبْرَةُ فِي اللَّائِقِ بِهِ بِحَالِ إفْلَاسِهِ دُونَ يَسَارِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُسَاعِدُونَهُ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى. وَبِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ صَرَّحَ سُلَيْمٌ وَالْعِمْرَانِيُّ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ جَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى فِقْهِ الْبَابِ، وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُ قَبْلَ إفْلَاسِهِ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِهِ رُدَّ إلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، أَوْ يَلْبَسُ دُونَهُ تَقْتِيرًا لَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ اُشْتُرِيَ لَهُ، (وَسُكْنَى) أَيْ: وَتَرَكَ لَهُمْ سُكْنَاهُمْ (وَقُوتَهُمْ لِيَوْمِ قِسْمَةٍ قَدْ) أَيْ: فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ فِي أَوَّلِهِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ؛ وَلِأَنَّ حُقُوقَهُمْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ أَصْلًا.

وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِالْيَوْمِ لَيْلَتَهُ أَيْ: اللَّيْلَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ لَهُ الْفُرُشَ وَالْبُسُطَ، وَهُوَ كَذَلِكَ، نَعَمْ يُسَامَحُ بِالْبَلَدِ وَالْحَصِيرِ الْقَلِيلِ الْقِيمَةِ، وَلَا يَتْرُكُ لَهُ مَرْكُوبَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَا مُرُوءَةٍ وَلَا مَسْكَنَهُ وَخَادِمَهُ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا؛ وَلِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَيُتْرَكُ لِلْعَالَمِ كُتُبُهُ وَابْنُ الْأُسْتَاذِ تَفَقُّهًا: يُتْرَكُ لِلْجُنْدِيِّ خَيْلُهُ وَسِلَاحُهُ، وَفَارَقَ الثِّيَابُ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ فِيمَا ذُكِرَ، بِأَنَّ الْخَادِمَ عَنْهُ غُنْيَةً وَالْمَسْكَنُ يَسْهُلُ اسْتِئْجَارُهُ، إنْ تَعَذَّرَ

ــ

[حاشية العبادي]

شَامِلٌ لِمَنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْحَجْرِ فِي ذِمَّتِهِ وَأَوْلَدَهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ بِقُدْرَتِهَا عَلَى الْفَسْخِ، وَالْكَلَامُ عَلَى الْقَوْلِ بِنُفُوذِ إيلَادِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ) إلَى قَوْلِهِ: بَلْ مِنْ كَسْبِهِ. مَا فَائِدَةُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: فَإِنْ فَضَلَ إلَخْ؟ وَأَيُّ تَفَاوُتٍ حِينَئِذٍ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ) اُنْظُرْ عَلَى هَذَا مَا فَائِدَةُ قَوْلِهِمْ السَّابِقِ فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَكْسُوهُمْ مِنْ مَالِهِ، بَلْ مِنْ كَسْبِهِ. (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ هُنَا مِثْلُهُ إلَخْ) نَعَمْ ذَكَرُوا أَنَّ الْقَرِيبَ لَوْ كَانَ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْإِرْسَالِ كَزَمِنٍ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ بِلَا طَلَبٍ، حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ يَطْلُبُ لَهُ، وَقِيَاسُهُ: أَنْ يَكُونَ الْقَرِيبُ هُنَا كَذَلِكَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) كَزَوْجَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ تَرْكَ الْجُبَّةِ إذَا وَافَقَ زَمَنُ الْقِسْمَةِ الشِّتَاءَ، كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِلتَّعْبِيرِ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهَا تُتْرَكُ مُطْلَقًا، وَمَعْنَى يُزَادُ فِي الشِّتَاءِ يُزَادُ لِأَجْلِ الشِّتَاءِ. (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ اُشْتُرِيَ لَهُ) هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: نَعَمْ يُسَامَحُ بِاللِّبَدِ وَالْحَصِيرِ الْقَلِيلِ الْقِيمَةِ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ اُشْتُرِيَ لَهُ؟ ، (قَوْلُهُ لَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُقُوقَهُمْ) كَأَنْ هَذَا الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمُفْلِسِ وَمُمَوَّنِهِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ فِيهِ) أَيْ فِيمَا بَعْدَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى ظَاهِرِهِ لِلنَّصِّ عَلَى بَاقِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَعْدُ. (قَوْلُهُ وَاكْتَسَبَ) حَيْثُ اكْتَسَبَ بِالْفِعْلِ امْتَنَعَ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ الْكَسْبُ غَيْرَ لَائِقٍ اهـ. ع ش عَنْ الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) أَيْ بَلْ يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ بِالنِّسْبَةِ لِقَرِيبِهِ، إنْ كَانَ أَصْلًا لَهُ، وَلَا يُكَلَّفُ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ هُوَ الْجَانِي عَلَيْهَا وَفِي حَقِّ زَوْجَتِهِ هِيَ قَادِرَةٌ عَلَى الْفَسْخِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُوسِرَ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ مَنْ يَفْضُلُ مَالُهُ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ، وَفِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ مَنْ يَكُونُ دَخْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَرْجِهِ، وَالْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ الْوَاسِعِ مُعْسِرٌ فِي الزَّوْجَةِ مُوسِرٌ فِي الْقَرِيبِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَوَجَدْنَا الْمُعْسِرَ يُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ فِي صُوَرٍ مِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ، فَإِنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ، وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ، وَيُبَاعُ فِيهَا الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَالٌ وَلَهُ كَسْبٌ وَاسِعٌ فَنَفَقَةُ قَرِيبِهِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ اهـ. مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ الْقُوَيْسِنِيُّ الْيَسَارُ بِالنِّسْبَةِ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ هُوَ أَنْ يَمْلِكَ زَائِدًا عَلَى كِفَايَةِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ مَا يَفِي بِكِفَايَةِ الْقَرِيبِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ يَسَارَهَا هُوَ أَنْ يَفْضُلَ دَخْلُهُ عَنْ خَرْجِهِ بِمَا يَكْفِي الْعُمُرَ الْغَالِبَ فَيَسَارُ الْقَرِيبِ لَا يُنَافِي إعْسَارَ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ) فَلَوْ أَنْفَقَ بِلَا طَلَبٍ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِأَخْذِهِ حَقَّهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ دَسْتُ) أَيْ جُمْلَةً، وَهِيَ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ إلَخْ) أَيْ إنْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي الشِّتَاءِ سم وَقَالَ ق ل

<<  <  ج: ص:  >  >>