إلَى بَائِعِهِ الثَّانِي، فَهَلْ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِسَبْقِ حَقٍّ؟ أَوْ الثَّانِي لِقُرْبِ حَقِّهِ؟ أَوْ يَشْتَرِكَانِ وَيُضَارِبُ كُلٌّ بِنِصْفِ الثَّمَنِ؟ ، فِيهِ أَوْجُهٌ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ، رَجَّحَ مِنْهَا فِي الْكِفَايَةِ الثَّانِي (لَا حَيْثُ حَقٌّ لَازِمٌ بِهِ) أَيْ: بِالْمَتَاعِ (ارْتَبَطْ) أَيْ: تَعَلَّقَ كَرَهْنٍ وَجِنَايَةٍ وَكِتَابَةٍ وَإِيلَادٍ وَإِجَارَةٍ، فَلَا عَوْدَ إلَيْهِ مَا دَامَ التَّعَلُّقُ، نَعَمْ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا وَالْمَتَاعُ صَيْدًا امْتَنَعَ عَوْدُهُ مَا دَامَ مُحْرِمًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِتَمَلُّكِهِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَتَاعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَالشَّفِيعُ أَوْلَى مِنْ الْبَائِعِ وَالثَّمَنُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ.
وَخَرَجَ بِاللَّازِمِ غَيْرُهُ كَتَدْبِيرٍ وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، فَلَهُ الْعَوْدُ مَعَهُ (وَ) كَذَا لَوْ (زُوِّجَتْ) أَيْ: الْأَمَةُ، (وَصَارَ) الْبَيْضُ (فَرْخًا وَخَلِّطْ) أَيْ: الْمُفْلِسُ (زَيْتًا) أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ (بِمِثْلٍ) لَهُ (أَوْ بِدُونِهِ) ؛ لِبَقَائِهِ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ بِغَيْرِ تَعَلُّقِ حَقٍّ لَازِمٍ بِهِ، وَيَكُونُ فِي الْأَخِيرَةِ مُسَامَحًا بِنَقْصِهِ كَنَقْصِ الْعَيْبِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَلَطَهُ بِأَجْوَدَ مِنْهُ، فَلَا عَوْدَ لِتَعَذُّرِ الْعَوْدِ إلَى عَيْنِهِ مَعَ تَضَرُّرِ الْمُفْلِسِ فَتَتَعَيَّنُ الْمُضَارَبَةُ بِالْعِوَضِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَلَّ الْخَلِيطُ جِدًّا فَقَالَ الْإِمَامُ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْعَوْدِ، إنْ كَانَ الْقَلِيلُ لِلْمُفْلِسِ وَبِعَدَمِهِ، إنْ كَانَ لِصَاحِبِهِ (بِلَا أَرْشٍ) أَيْ: لَهُ الْعَوْدُ إلَى مَتَاعِهِ بِلَا أَرْشٍ (لِنَقْصٍ) حَدَثَ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ حِسِّيًّا كَقَطْعِ يَدٍ أَمْ غَيْرَهُ، كَنِسْيَانِ حِرْفَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَإِبَاقٍ وَزِنًا، إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ مِنْ الْمُفْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَضْمَنُهَا كَحَرْبِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِمَا أَرْشًا، فَيَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ نَاقِصًا أَوْ يُضَارِبُ بِالْعِوَضِ، كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي مَعِيبًا بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ يَفْسَخُ، (لَا) أَرْشٍ (لِنَقْصٍ فَعَلَا) أَيْ فَعَلَهُ صَاحِبُ الْمُفْلِسِ (أَوْ أَجْنَبِيٌّ) يَضْمَنُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى مَتَاعِهِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ، بِأَنْ يُضَارِبَ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ اسْتَحَقَّ بَدَلًا
ــ
[حاشية العبادي]
لِجَهْلِ بَائِعِهِ الثَّانِي؟ أَوْ قَبْلَ الْحَجْرِ؟ ،. (قَوْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ الثَّانِي) وَظَاهِرٌ أَنَّ تَرْجِيحَ الثَّانِي لَا يُمْكِنُ خِلَافُهُ عَلَى تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ السَّابِقِ بِالتَّرَدُّدِ بَيْنَ الثَّانِي وَغَيْرِهِ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى غَيْرِ تَصْحِيحِهِمَا. (قَوْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ الثَّانِي) فَإِذَا عَادَ الثَّانِي فَهَلْ لِلْأَوَّلِ حِينَئِذٍ الْعَوْدُ؟ (قَوْلُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مَا بَقِيَ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ، كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِخِلَافِهِ فِي التَّحَالُفِ بَعْدَ الْإِيجَارِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا، لِمَا قَدَّمْته مَعَ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ فَرَاجِعْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا وَالْمَتَاعُ صَيْدًا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ كَافِرٌ رَجَعَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، لِمَا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ مِنْ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الصَّيْدِ، بِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ وَلَا يَزُولُ بِنَفْسِهِ قَطْعًا بِخِلَافِ الصَّيْدِ مَعَ الْمُحْرِمِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الرُّجُوعِ أَقُولُ: تَقَدَّمَ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَزُولُ مِلْكُ مُحْرِمٌ بِالْإِحْرَامِ عَنْ الصَّيْدِ، إلَّا مَا وَرِثَهُ حَالَ الْإِحْرَامِ، فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يُرْسِلَهُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ زُوِّجَتْ) أَيْ يَعُودُ وَلَعَلَّهُ عَطْفٌ عَلَى وَلَوْ بِعَوْدِ ذَا. (قَوْلُهُ مَا لَوْ قَلَّ الْخَلِيطُ جِدًّا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ بِهِ زِيَادَةٌ فِي الْحُسْنِ، وَإِنْ كَانَ لِلْجِنَايَةِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ،
(قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ بَدَلًا)
[حاشية الشربيني]
سم. عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ امْتَنَعَ عَوْدُهُ) فَإِنْ زَالَ إحْرَامُهُ رَجَعَ (قَوْلُهُ أَوْلَى) لِثُبُوتِ حَقِّهِ بِالْبَيْعِ، فَهُوَ سَابِقٌ عَلَى ثُبُوتِ حَقِّ الْبَائِعِ بِالْحَجْرِ. (قَوْلُهُ أَيْ الْمُفْلِسُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ خَلَطَهَا نَحْوُ بَهِيمَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَطَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ الْبَائِعُ، فَإِنَّ الْبَائِعَ فِي الْأُولَى يَرْجِعُ عَلَى الْمُفْلِسِ بِأَرْشِ النَّقْصِ وَيُضَارِبُ بِهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُفْلِسُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَيَغْرَمُ الْبَائِعُ فِي الثَّانِيَةِ أَرْشَ النَّقْصِ لِلْغُرَمَاءِ حَالًّا ثُمَّ إنْ رَجَعَ فِي الْعَيْنِ ضَارَبَ بِمَا غَرِمَ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا ضَارَبَ لِكُلِّ الثَّمَنِ اهـ. ق ل وَع ش عَلَى م ر وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: لَا لِنَقْصٍ فِعْلًا. (قَوْلُهُ بِمِثْلٍ أَوْ بِدُونِهِ) وَلَوْ لِبَائِعٍ آخَرَ، إذْ لِكُلٍّ الرُّجُوعُ فِي حَقِّهِ، وَإِذَا رَجَعَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالرُّجُوعِ شَرِيكَ الْمُفْلِسِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ، بَلْ يَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي فَيُفْرِزُ لَهُ نَصِيبَهُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ بِمِثْلٍ) خَرَجَ مَا لَوْ خَلَطَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ، فَلَا رُجُوعَ لِعَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ لِانْتِفَاءِ التَّمَاثُلِ، فَهُوَ كَالتَّالِفِ اهـ. أَيْ فَيُضَارِبُ اهـ. ع ش، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْمَخْلُوطُ بِمِثْلِهِ كَالتَّالِفِ كَمَا فِي الْغَصْبِ لِئَلَّا يَلْزَمَ ضَرَرُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ سَبِيلَهُ الْمُضَارَبَةُ وَأَمْوَالُ الْمُفْلِسِ لَا تَفِي بِدُيُونِهِ اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ مَا لَوْ قَلَّ الْخَلِيطُ جِدًّا إلَخْ) ضُبِطَ بِمَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، وَضَابِطُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ لِوَكِيلٍ أَوَّلًا ثُمَّ ثَانِيًا جَاءَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَذَلِكَ الْقَدْرُ يَحْصُلُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَصَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَرَّتَيْنِ، فَلَا يُقَالُ: إنَّ النَّقْصَ حَصَلَ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، إذْ الْكَيْلُ فِي الْمَرَّتَيْنِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ. مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ لِصَاحِبِهِ) هُوَ الْبَائِعُ الرَّاجِعُ (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ بَدَلًا) لِأَنَّ لَهُ عَلَى الْفَاعِلِ الْأَرْشَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute