بِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِلَّا لَمَا كَشَفُوا الْعَانَةَ فِي وَقْعَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ مَعَ الِاغْتِنَاءِ عَنْهُ (مِنْ الْهُدَى) أَيْ يُحْجَرُ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَالطِّفْلِ مِنْ الْهُدَى أَيْ الْإِيمَانِ فَلَا يَصِحُّ إيمَانُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي بِجَامِعِ عَدَمِ التَّكْلِيفِ (وَ) مِنْ (غَيْرِهِ) مِنْ الْوِلَايَاتِ وَكُلِّ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ، أَوْ فِعْلِيٍّ. نَعَمْ تَصِحُّ عِبَادَةُ الْمُمَيِّزِ وَيُعْتَبَرُ قَوْلُهُ: فِي الْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَحَلِّهِ. وَلَهُ تَمَلُّكُ الْمُبَاحَاتِ وَإِزَالَةُ الْمُنْكَرَاتِ وَيُثَابُ عَلَيْهَا كَالْمُكَلَّفِ وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ إذَا عَيَّنَ لَهُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (وَجُنِّبَا أَهْلًا مُمَيِّزٌ بِسِلْمٍ أَعْرَبَا) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ وَجُنِّبَ الطِّفْلُ الْمُمَيِّزُ أَهْلَهُ إذَا أَعْرَبَ بِالْإِسْلَامِ خِيفَةَ الْفِتْنَةِ وَطَمَعًا فِي ثَبَاتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَلَى مَا أَعْرَبَ بِهِ فَإِنْ بَلَغَ وَأَعْرَبَ بِالْكُفْرِ هُدِّدَ فَإِنْ أَصَرَّ رُدَّ إلَيْهِمْ وَصَحَّحَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ: أَنَّ هَذَا التَّجْنِيبَ مُسْتَحَبٌّ فَلْيُتَلَطَّفْ بِوَالِدِيهِ لِيُؤْخَذَ مِنْهُمَا فَإِنْ أَبَيَا فَلَا تَجْنِيبَ وَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ
. (ثُمَّ) الطِّفْلُ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ (تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّهْ) كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَالْإِعْتَاقِ، وَالْهِبَةِ، وَالْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ فِي مَظِنَّةِ الضَّرَرِ الْمَالِيِّ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَهَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥] أَيْ أَمْوَالَهُمْ لِقَوْلِهِ {وَارْزُقُوهُمْ} [النساء: ٥] وَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْخُلْعِ، وَالظِّهَارِ وَنَفْيِ النَّسَبِ وَاسْتِلْحَاقِهِ وَيُنْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَاسْتُثْنِيَ) مِنْ مَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ (التَّدْبِيرُ، وَالْوَصِيَّهْ) فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُمَا لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَاحْتِيَاجِهِ لِلثَّوَابِ وَفَقْدِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجَلِهِ حُجِرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ، وَالطِّفْلِ وَلَوْ مُمَيِّزًا إذْ لَا عِبَارَةَ لَهُمَا وَاسْتَثْنَى أَيْضًا عَقْدَ الْجِزْيَةِ بِدِينَارٍ وَصُلْحَهُ مِنْ قَوَدٍ لَزِمَهُ عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا صِيَانَةً لِلرُّوحِ، وَقَبْضَهُ دَيْنَهُ مِنْ غَرِيمِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَهُوَ مَا يُفْهِمُهُ نَصُّ الْأُمِّ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ دُونَ إيجَابِهِ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ
وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَبَعٌ وَلَوْ قَبِلَ الْهِبَةَ، أَوْ الْوَصِيَّةَ لِنَفْسِهِ فَوَجْهَانِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ مِنْهُمَا
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمَا كَشَفُوا الْعَانَةَ) قَدْ تُمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَنَبَاتِ الْعَانَةِ أَمَارَةٌ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا شَيْئًا مِمَّا عَدَا النَّبَاتَ وَأَرَادَ اسْتِعْلَامَ النَّبَاتِ هَلْ وُجِدَ فَيَدُلُّ عَلَى الْبُلُوغِ، أَوْ لَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِي تَفْرِقَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ تَفْرِقَتِهِ فِي غِيبَةِ الْمُوَكِّلِ عَنْهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ أَمْوَالَهُمْ) ، وَإِنَّمَا أَضَافَهَا إلَى الْأَوْلِيَاءِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ تَأَهُّلِ السُّفَهَاءِ لِوَضْعِ أَيْدِيهِمْ عَلَى الْمَالِ وَلِهَذَا أَضَافَهَا إلَيْهِمْ لَمَّا رَشَدُوا فِي قَوْلِهِ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦]
ــ
[حاشية الشربيني]
بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ عَلَيْهَا لِنُدْرَتِهَا دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَوْ جُعِلَتْ عَلَامَةً أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ الْمَالِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَهِيَ أَدَلُّ عَلَى الْبُلُوغِ مِنْ نَبَاتِ الْعَانَةِ كَمَا فِي ع ش (قَوْلُهُ: لَمَا كَشَفُوا إلَخْ) أَيْ بِدُونِ سُؤَالٍ عَنْ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ كَوْنِهِ أَمِينًا) دَائِمَ الصِّدْقِ (قَوْلُهُ: كَالْمُكَلَّفِ)
التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الْإِثَابَةِ وَإِلَّا فَهُوَ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْفَرَائِضِ أَقَلَّ مِنْ ثَوَابِ الْمُكَلَّفِ عَلَى النَّافِلَةِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إذَا عَيَّنَ إلَخْ) وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهُ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَرَفَهُ اعْتَدَّ بِهِ وَإِنْ أَثِمَ وَإِلَّا ضَمِنَ وَلَا بُدَّ مِنْ الصَّرْفِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَجُنِّبَ الطِّفْلُ إلَخْ) ، أَوْرَدَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَهُ إلَيْهَا وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَ يُؤْمَرُ كَافِرٌ بِالصَّلَاةِ وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ؟ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا صِحَّةَ إسْلَامِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لِقِصَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إذْ ذَاكَ كَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ كَمَا بَيَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ اهـ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَفِيهِ هُنَا مَا يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ هَذَا وَلَعَلَّ الدَّلِيلَ عَلَى صِحَّةِ تَكْلِيفِ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَمْرُهُ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ إذْ ذَاكَ أَمْرُ نَدْبٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مُسْتَحَبٌّ) وَقِيلَ وَاجِبٌ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَنْ أَسْلَمَ بِدَارِنَا أَمَّا مَنْ جَاءَنَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا فَلَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: بِدِينَارٍ دُونَ مَا زَادَ) خِلَافًا لِلْعُبَابِ ق ل (قَوْلُهُ: وَصُلْحُهُ مِنْ قَوَدٍ إلَخْ) قِيَاسُهُ فِدَاؤُهُ نَفْسَهُ مِنْ الْأَسْرِ بِمَالٍ وَلَوْ سَاوَى دِيَاتٍ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَقَبُولُ النِّكَاحِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: دُونَ إيجَابِهِ) وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ م ر (قَوْلُهُ: فَوَجْهَانِ إلَخْ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ لِلْهِبَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قَبُولَ الْوَصِيَّةِ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْقَبُولِ؛ وَلِأَنَّ قَبُولَهَا غَيْرُ فَوْرِيٍّ فَيَتَدَارَكُهُ الْوَلِيُّ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فِيهِمَا فَإِنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَقَبُولُهَا فَوْرِيٌّ، ثُمَّ إنَّ الْقَابِضَ فِيهِمَا الْوَلِيُّ فَلَوْ سَلَّمَ الْوَاهِبُ، أَوْ وَارِثُ الْوَصِيِّ السَّفِيهَ ضَمِنَ الْوَارِثُ دُونَ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ قَدْ مُلِكَ بِقَبُولِ الْوَلِيِّ وَلَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ صَحِيحٌ وَلَا يُمْلَكُ الْمَوْهُوبُ إلَّا بِالْقَبْضِ الصَّحِيحِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى يَضْمَنَهُ أَفَادَهُ م ر وَالرَّشِيدِيُّ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ قَبُولِ