بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ وَلَوْ عَنْ السَّيِّدِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ صِحَّةُ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ وَضَمَانُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ كَشِرَائِهِ فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ وَيُطَالَبُ بِمَا ضَمِنَهُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ قَالَ: الرَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُ الضَّمَانِ تَبَرُّعًا حَيْثُ لَا رُجُوعَ وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَاضٌ لَا مَحْضُ تَبَرُّعٍ بِدَلِيلِ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِإِذْنِ الْمَدْيُونِ حُسِبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَإِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمِنْ الثُّلُثِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: أَنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا فَاسِدٌ فَإِنَّهُ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ كَالْقَرْضِ كَانَ الْقَرْضُ تَبَرُّعًا وَسَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ حُسْبَانَ ضَمَانِ الْمَرِيضِ بِالْإِذْنِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَحَلُّهُ إذَا وَجَدَ مَرْجِعًا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ آخِرَ الْبَابِ (وَعَنْ صَرِيعٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ عَنْ حَيٍّ وَعَنْ مَيِّتٍ (مُفْلِسٍ وَمُوسِعِ) أَيْ مُوسِرٍ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْمُفْلِسِ وَقِيَاسًا فِي الْمُوسِرِ (وَ) عَنْ (ضَمَانٍ) كَالْأَصِيلِ بِجَامِعِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (وَعَاجِلٍ تَأْجِيلَا) أَيْ وَعَنْ حَالٍّ مُؤَجَّلًا (وَاعْكِسْهُ) أَيْ وَعَنْ مُؤَجَّلٍ حَالًّا إذْ الضَّمَانُ تَبَرُّعٌ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ فِي الصِّفَةِ لِلْحَاجَةِ (، وَالتَّأْجِيلُ لَا الْحُلُولَا أَثْبِتْ) أَيْ
ــ
[حاشية العبادي]
يَدْخُلُ فِيهِ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ السَّابِقَةِ الْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ) وَلَوْ عَنْ السَّيِّدِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ السَّيِّدِ قَدْرَ الدَّيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ اشْتِرَاطُهُ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمَالِ السَّيِّدِ لَا بِذِمَّةِ الْعَبْدِ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ بَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا إذَا ضَمِنَ عَنْ السَّيِّدِ أَيْضًا وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمَالِ السَّيِّدِ يَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ وَهَلْ يَخْرُجُ الْمُبَعَّضُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَنْ السَّيِّدِ) بِأَنْ يَضْمَنَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى السَّيِّدِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَاسِدًا) لَك أَنْ تَقُولَ الَّذِي اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ مَحْضِ التَّبَرُّعِ لَا نَفْيُ التَّبَرُّعِ بِرّ
[حاشية الشربيني]
قِيلَ يَبْطُلُ الضَّمَانُ.
وَالْوَجْهُ بَقَاؤُهُ فَيُطَالِبُهُ السَّيِّدُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْيَسَارِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِإِيضَاحٍ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دُيُونٌ فَإِنْ سَبَقَتْ الضَّمَانَ تَعَلَّقَتْ بِمَا فِي يَدِهِ، وَلَا يُصْرَفُ لِلضَّمَانِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْهَا وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِمَا فِي يَدِهِ وَلَا يُصْرَفُ لِلدُّيُونِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْجُرْ الْقَاضِي عَلَى الْعَبْدِ أَمَّا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِمَا فِي يَدِهِ حَتَّى يَنْفَكَّ الْحَجْرُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ الدُّيُونُ عَلَى الضَّمَانِ، أَوْ تَأَخَّرَتْ أَفَادَهُ ع ش فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَمَّنَ الرَّقِيقُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ) فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ حَالَ الْإِذْنِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الضَّمَانِ لَا بَعْدَهُ ضَمِنَ كَسْبَهُ أَوْ غَيَرَهُ قَضَى مِنْهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ بِهِ وَانْتَقَلَ التَّعَلُّقُ إلَى ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَفِ مَا عَيَّنَهُ لِلدَّيْنِ نَعَمْ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مُعَيَّنٍ بِالشَّخْصِ كَأَدِّ مِنْ هَذَا الْمَالِ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّعَلُّقُ مِنْهُ بِعِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ بِمَا فِي يَدِهِ وَقْتَ الْإِذْنِ فِيهِ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَرِبْحٍ وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ سَابِقًا عَلَى الْإِذْنِ وَمَا يَكْسِبُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ الضَّمَانِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَضْمُونَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْإِذْنِ وَلَوْ انْتَفَى فِي صُورَةِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ الْكَسْبُ وَالتِّجَارَةُ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ فَإِنْ حَدَثَ كَسْبٌ فَيَنْبَغِي التَّعَلُّقُ بِهِ. اهـ. ق ل بِإِيضَاحٍ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ.
أَمَّا هُمَا فَيُؤَدِّيَانِ بِمَا يَخْتَصَّانِ بِهِ وَقَوْلُ ق ل وَمَا يَكْسِبُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ اعْتَمَدَ سم عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا فَالتَّقْيِيدُ بِهَا فِيهِ مُعْتَبَرٌ لَكِنْ لَا يُقَيَّدُ بِمَا بَعْدَ الضَّمَانِ بِخِلَافِهِ فِي مُؤَنِ النِّكَاحِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَأْذُونَ فِي النِّكَاحِ أَوْ الضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ جِهَةٍ يُؤَدِّي مِنْهَا إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَدَّى مِمَّا فِي يَدِهِ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ وَكَسْبًا وَلَوْ حَصَلَ فِي يَدِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الْمُؤَنِ فِي النِّكَاحِ، أَوْ قَبْلَ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِي التِّجَارَةِ تَعَلَّقَتْ الْمُؤَنُ وَغَرِمَ الضَّمَانَ بِكَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَيُزَادُ فِي الْمُؤَنِ كَوْنُهُ حَاصِلًا بَعْدَ وُجُوبِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ الْمَضْمُونَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الضَّمَانِ فَصَارَ أَقْوَى مِنْ الْمُؤَنِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَبْلُ عَلَى أَحَدٍ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ مَعْنًى (قَوْلُهُ: صِحَّةُ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ إذْ قَدْ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ غَرَضٌ فِي عَدَمِ تَعَلُّقِ دَيْنِهِ بِهِ. اهـ. سم عَنْ م ر خِلَافًا لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ) هَذَا جَارٍ عَلَى بُطْلَانِ الضَّمَانِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إذَا ضَمِنَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ دَيْنِ الضَّمَانِ مُسْتَغْرِقٌ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ. اهـ. م ر وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا وَجَدَ مَرْجِعًا) وَإِلَّا بِأَنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنٍ، أَوْ كَانَ الضَّمَانُ لِمُعْسِرٍ وَاسْتَمَرَّ إعْسَارُهُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute