لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ بِالتَّقْدِيرِ السَّابِقِ.
وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعِوَضِ بَدَلَ الثَّمَنِ لَشَمِلَ كَلَامُهُ ضَمَانَ الدَّرَكِ لِلْبَائِعِ بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمَبِيعَ إنْ خَرَجَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا، إلَّا أَنَّهُ تَبِعَ الْجُمْهُورَ فِي فَرْضِ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ: إنَّ الثَّمَنَ وَفْرٌ عَنْ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِيهَا أَيْضًا، وَفِي صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ لِلْمُكْتَرِي وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ صَحَّحَ السُّبْكِيُّ مِنْهُمَا الصِّحَّةَ (وَ) كَضَمَانِ (الْفَسَادِ) بِأَنْ يَضْمَنَ الثَّمَنَ أَوْ الْمَبِيعَ بِتَقْدِيرِ فَسَادِ الْبَيْعِ بِمُفْسِدٍ آخَرَ غَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ: وَكَضَمَانِ رَدَاءَةِ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ بِأَنْ شَرَطَ كَوْنَهُ مِنْ نَوْعِ كَذَا فَيَضْمَنُ عَنْهُ ضَامِنٌ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمَضْمُونُ لَهُ بِمَا شَرَطَ (وَ) كَضَمَانِ (عَيْبِ مَا بِيعَ) ، أَوْ الثَّمَنِ (وَ) كَضَمَانِ (نَقْصِ الصَّنْجَةِ) الَّتِي وُزِنَ بِهَا الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ (وَيَشْمَلُ الْكُلَّ) أَيْ: كُلًّا مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (ضَمَانُ الدَّرَكِ) أَوْ الْعُهْدَةِ بِأَنْ يَقُولَ: ضَمِنْتُ لَك دَرَكَ، أَوْ عُهْدَةَ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اسْتِحْقَاقٍ، أَوْ فَسَادٍ أَوْ رَدَاءَةٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ نَقْصِ صَنْجَةٍ وَهَذَا وَجْهٌ مَرْجُوحٌ.
وَالْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ عَدَمُ شُمُولِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَسُمِّيَ ضَمَانَ الدَّرَكِ لِالْتِزَامِ الضَّامِنِ الْغُرْمَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَضَمَانَ الْعُهْدَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ) أَيْ ابْتِدَاءً، أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ ح ج (قَوْلُهُ: مُسْتَحَقًّا) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمَضْمُونُ لَهُ بِمَا شَرَطَ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِتَقْدِيرِ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا، أَوْ مُتَّصِفًا بِشَيْءٍ مِمَّا يَأْتِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ يَعْنِي أَنَّ السَّلَفَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَضْمُونَ الثَّمَنُ لَا مَا شَرَطَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَجْهٌ) مَرْجُوحٌ يُمْكِنُ رُجُوعُ قَوْلِهِ الْآتِي فِي قَوْلٍ حُكِيَ أَيْضًا لِقَوْلِهِ: وَيَشْمَلُ الْكُلَّ ضَمَانُ الدَّرَكِ وَإِنْ تَسَمَّحَ فِي تَعْبِيرِهِ عَنْ الْوَجْهِ بِالْقَوْلِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الْأَصَحِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحَقِّ) هَلْ الْمُرَادُ عِنْدَ طَلَبِ الْإِدْرَاكِ، وَالْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ
[حاشية الشربيني]
بِحَسَبِ صِيغَةِ ضَمَانِهِ فَإِنْ قَالَ: ضَمِنْته إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ خَرَجَ مَعِيبًا وَعَكْسُهُ، أَوْ ضَمِنْت نَقْصَهُ لِصِحَّةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ لِعَيْبٍ وَهَكَذَا، فَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ، وَكَانَ وَقْتَ ضَمَانِهِ بَاقِيًا ضَمِنَ عَيْنَهُ فَقَطْ وَيُسَمَّى ضَمَانَ عَيْنٍ فَإِنْ تَلِفَ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ.
وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِلَا تَلَفٍ لَا يَجِبُ عَلَى الضَّامِنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهَا لَا يَجِبُ عَلَى مُلْتَزِمِهِمَا شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ وَقْتَ ضَمَانِهِ تَالِفًا لَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَعْدَ الْعَقْدِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا لِلْحَيْلُولَةِ، وَإِنْ تَلِفَ لَزِمَهُ بَدَلُهُ وَيُسَمَّى فِي هَذَيْنِ ضَمَانَ ذِمَّةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ وَالْمُعَيَّنِ بَعْدَهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ بِخُرُوجِ الْأَوَّلِ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِ الثَّانِي. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وع ش وَقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَجْرِي هُنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ دَلِيلًا لِمُخَالَفَةِ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ لِلْمُعَيَّنِ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ هُنَا أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ لِرَدِّ الْمُعَيَّنِ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي فَإِنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ مَا فِي الذِّمَّةِ، كَذَا قِيلَ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ جَرَيَانِ هَذَا الْفَرْقِ هُنَا بِأَنْ يُفْرَضَ خُرُوجُ الثَّمَنِ مُسْتَحَقًّا فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا هُوَ صَرِيحُ التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ: فَعُلِمَ أَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ ضَمَانُ عَيْنٍ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا لَمْ يَتَوَجَّهْ لِبَدَلٍ أَصْلًا بَلْ لِلْعَيْنِ الْمُتَعَيِّنَةِ بِالْعَقْدِ وَأَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ ضَمَانُ ذِمَّةٍ فَلَا بُطْلَانَ بِتَبَيُّنِ اسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا لَمْ يَتَوَجَّهْ لِلْعَيْنِ بَلْ لِمَالِيَّتِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهَا اهـ.
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّدَّ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: ضَمَانُ عَيْنٍ وَضَمَانُ ذِمَّةٍ لَكِنَّ قَوْلَهُ: الثَّمَنُ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ يَشْمَلُ الْمُعَيَّنَ الْغَيْرَ الْبَاقِي بِيَدِ الْبَائِعِ مَعَ الْبُطْلَانِ بِتَبَيُّنِ اسْتِحْقَاقِهِ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ ضَمَانَ ذِمَّةٍ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ثَابِتٌ) أَيْ مَعْلُومٌ ثُبُوتُهُ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَا مَعَهُ ثَابِتٌ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فِيمَا إذَا ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا بِالشُّفْعَةِ أَوْ مَعِيبًا، فَإِنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ إنَّمَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْأَخْذِ بِهَا وَعِنْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ضَمَانُ الْعُهْدَةِ) الْعُهْدَةُ اسْمٌ لِلْوَثِيقَةِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا ذَلِكَ فَسُمِّيَ الْحَالُّ بِاسْمِ مَحَلِّهِ. اهـ. ق ل، فَالْعُهْدَةُ حِينَئِذٍ جُزْءٌ مِنْ الِاسْمِ لَا مُضَافٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الثَّمَنُ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ ق ل (قَوْلُهُ: خُرُوجُ الْمَبِيعِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمُعَيَّنِ كَمَا يَأْتِي فِي الثَّمَنِ وَالظَّاهِرُ التَّقْيِيدُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الثَّمَنَ وُفِّرَ) مِثْلُهُ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِهِ إنْ خَرَجَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ ضَمَانِ دَرَكِهِ مِنْ قَبْضِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ نَعَمْ ضَمَانُ عُهْدَةِ التَّلَفِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ صَحِيحٌ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ اهـ مِنْهُ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنُ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا (قَوْلُهُ: لِلْمُكْتَرِي) بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَ الْأُجْرَةِ إنْ خَرَجَتْ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّةً (قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِ الضَّامِنِ الْغُرْمَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ: عِنْدَ مُطَالَبَةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِلْآخَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute