للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ كَالْقِصَاصِ، وَالشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ أَمَّا فِي إبِلِ الدِّيَةِ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ السِّنِّ، وَالْعَدَدِ وَيَرْجِعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ.

(كَمَا فِي الْإِبْرَاءِ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُ الْمُبَرَّإِ مِنْهُ مَعْلُومًا فِي غَيْرِ إبِلِ الدِّيَةِ فَلَا يَصِحُّ عَنْ الْمَجْهُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا إسْقَاطٌ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا بِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا تَرْجِيحُهُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَدِينِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا، الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ: الْمُخْتَارُ أَنَّ كَوْنَ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا، أَوْ إسْقَاطًا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَ مِنْ مَجْهُولٍ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَذْكُرَ عَدَدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا فَيَقُولُ: أَبْرَأْتُك مِنْ مِائَةٍ وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةٍ لَمْ يُبَرَّأْ مِنْ الْوَاحِدِ وَيَحْتَاجُ إلَى إبْرَائِهِ مِنْ دِرْهَمٍ ثَانِيًا وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْ الدَّعْوَى لَمْ يُبَرَّأْ وَلَهُ الْعَوْدُ إلَى الدَّعْوَى أَمَّا فِي إبِلِ الدِّيَةِ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْهَا تَبَعًا لَهُ

(وَكَالْإِقْرَارِ مِنْ فَرْدٍ إلَى الْعَشْرَةِ) بِإِسْكَانِ الشَّيْنِ (تِسْعَةً ضَمِنْ) أَيْ وَفِي قَوْلِهِ ضَمِنْت مَا لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ يَضْمَنُ تِسْعَةً كَالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ تِسْعَةٌ فِي قَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ إدْخَالًا لِلطَّرَفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالنَّذْرُ، وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِالطَّلَاقِ وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَى هَذِهِ النَّخْلَةِ تَدْخُلُ الْأُولَى دُونَ الْأَخِيرَةِ، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَدْخُلَ الْأُولَى أَيْضًا كَقَوْلِهِ: بِعْتُك مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إلَى هَذَا الْجِدَارِ. قَالَ: الْقُونَوِيُّ وَقَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَرْضَ فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَاهُ، أَوْ النَّخِيلَ فَقَدْ يُتَخَيَّلُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: هُنَا تَرْجِيحُهُ) أَيْ عِلْمُهُمَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الثَّمَنَ عَلَيْهِ) لَعَلَّ هَذَا التَّقْيِيدَ بِالنِّسْبَةِ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ لَا بِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّ الدَّيْنَ يَزِيدُ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ مِمَّا ذَكَرَهُ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَأَبْرَأَهُ مِنْ مِائَةٍ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَاحِدِ) قَدْ يَتَبَادَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَوَّلُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالدِّرْهَمِ فِي قَوْلِهِ: مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةٍ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِقَوْلِهِ الْآتِي إدْخَالًا لِلطَّرَفِ الْأَوَّلُ فَقَطْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْآخَرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: قَالَ: الْقُونَوِيُّ وَقَدْ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَا دُخُولَ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْإِخْرَاجِ بِهَذَا الشَّرْطِ الْمُعْتَرِضِ طَرْدًا وَعَكْسًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ: بِحَقٍّ ثَابِتٍ أَيْ دَيْنٍ فَلَا يَرِدُ حَقُّ الْقَسْمِ بَلْ لَوْ جُعِلَ كَلَامُهُ شَامِلًا لِلْعَيْنِ لَمْ يَرِدْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: كَالْقِصَاصِ وَالشُّفْعَةِ إلَخْ) فَذَلِكَ لَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِي، وَالْقَاذِفِ وَالشَّرِيكِ الْجَدِيدِ، وَأَمَّا إسْقَاطُهُ عَمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ تَبَرُّعًا بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ فَلَا إشْكَالَ. أَفَادَهُ عَشْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: أَيْ إنْ كَانَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَخُلْعٍ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ لَهَا وَإِلَّا فَيَكْفِي عِلْمُ الْمُبَرِّئِ فَقَطْ وَيَصِحُّ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَيَكْفِي الْعِلْمُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ حَيْثُ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ الْإِسْقَاطِ. وَبِذَلِكَ فَارَقَ الضَّمَانُ وَوُجُودُهُ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ أَبْرَأَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَنْ كَانَتْ دُيُونًا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ يَعْلَمُ قَدْرَهَا، أَوْ عَلِمَ بِهَا بَعْدُ عِنْدَ قِسْمَتِهَا، أَوْ أَبْرَأهُ مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مِنْ قَدْرٍ لَا يَعْلَمُ نَقْصَهُ عَنْ دَيْنِهِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (فَرْعٌ)

يَكْفِي فِي الْغِيبَةِ النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ إنْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُغْتَابَ وَلَوْ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ، أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالُهُ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا بِأَنْ بَلَغَتْهُ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِحْلَالُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا وَتَعْيِينِ حَاضِرِهَا إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ هَذَا إنْ بَلَغَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِغْفَارِ وَالنَّدَمِ فَإِنْ بَلَغَتْهُ بَعْدَهُمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الِاسْتِحْلَالِ. اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ مِنْ ع ش وَنَقَلَ ع ش أَيْضًا عَنْ حَجَرٍ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ فَيَصِحُّ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا ظَاهِرٌ فِي سُقُوطِ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْمُغْتَابِ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَالنَّدَمِ وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّاقِطَ حَقُّ الْمُغْتَابِ فَقَطْ فَرَاجِعْ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا إلَخْ) وَغَلَّبُوا فِي عِلْمِهِ شَائِبَةَ التَّمْلِيكِ وَفِي قَبُولِهِ شَائِبَةَ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ أَدْوَنُ أَلَا تَرَى إلَى اخْتِيَارِ كَثِيرٍ جَوَازَ الْمُعَاطَاةِ. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ) فَهُوَ كَالْأَصْلِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجِ الْغَايَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالطَّرَفِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَرِعَايَةُ الْيَقِينِ أَوْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ يُقَوِّي إخْرَاجَهَا (قَوْلُهُ: الْإِبْرَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ) وَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ حُمِلَ الْمَجْهُولُ عَلَى جُمْلَةِ مَا قَبْلَ الْغَايَةِ كَانَ كَالْمُعَيَّنِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْحِسَابَ بِقَوْلِهِ: إعْطَاؤُهُ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّهُ الْحَاصِلُ مِنْ جَمْعِ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ عَلَى تَوَالِي الْعَدَدِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ: لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فَمَتَى ثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَهُ لَزِمَهُ الْجُمْلَةُ قَطْعًا اهـ مِنْ بَعْضِ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَآكُلَنَّ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ وَمِثْلُهُ بِالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْفَرْقُ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>