وَلَا رِيبَةَ أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَفِي حُلُولِهِ بِاسْتِرْقَاقِهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْفَلَسِ وَأَوْلَى بِالْحُلُولِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي السِّيَرِ وَجَزَمَ بِالْحُلُولِ فِي الْكِتَابَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ
(لِضَامِنٍ بِالْإِذْنِ أَنْ طَالَبَ ذَا حَقٍّ) بِفَتْحِ أَنْ أَيْ وَلِلضَّامِنِ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ أَنْ يُطَالِبَ صَاحِبَ الْحَقِّ إذَا مَاتَ الْأَصِيلُ عَنْ مِيرَاثٍ (بِأَنْ يُبْرِئَهُ) عَنْ الْحَقِّ وَلَوْ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ (أَوْ يَأْخُذَا مِنْ إرْثِ أَصْلٍ) أَيْ مِنْ مِيرَاثِ الْأَصِيلِ (حَقَّهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ.
(كَطَلَبِهْ) أَيْ الضَّامِنِ بِالْإِذْنِ أَيْ كَمَا لَهُ أَنْ يَطْلُبَ (تَخْلِيصَهُ) أَيْ أَنْ يُخَلِّصَهُ (الْمَضْمُونَ) عَنْهُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ الْحَقَّ لِمُسْتَحِقِّهِ لِيُبَرَّأَ هُوَ بِبَرَاءَتِهِ (إنْ طُولِبَ بِهْ) أَيْ بِالْحَقِّ كَمَا أَنَّهُ يَغْرَمُهُ إذْ غَرِمَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُطَالَبْ بِهِ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِتَخْلِيصِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَلَا طُولِبَ بِشَيْءٍ، بِخِلَافِ الْمُعِيرِ لِلرَّهْنِ، لَهُ طَلَبُ فَكِّهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ عَنْهُ بِالْحَقِّ، وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ. وَنَقَلَ فِي الشَّامِلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَحِقِّ: إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَنِي وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي التَّتِمَّةِ. قَالَ: فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ كَانَ الْأَصِيلُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِصِبًى فَلِلضَّامِنِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ إنْ طُولِبَ طَلَبَ الْوَلِيَّ بِتَخْلِيصِهِ مَا لَمْ يَزُلْ الْحَجْرُ فَإِنْ زَالَ تَوَجَّهَ الطَّلَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيُقَاسُ بِالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ بِإِذْنِهِمَا قَبْلَ الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ أَمْ يَأْذَنُ وَلِيُّهُمَا بَعْدُ (أَمَّا) طَلَبُهُ مِنْ الْأَصِيلِ (بِأَنْ يُعْطِيَهُ مَا قَدْ كَفِلَ) أَيْ مَا ضَمِنَهُ بِهِ لِيَدْفَعَهُ، أَوْ بَدَلَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (فَلَا) يُمَكَّنُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُرْمِ شَيْءٌ.
(وَلَا اعْتِقَالُهُ لَوْ يَعْتَقِلْ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ وَإِنْ حُبِسَ، قَالَ: فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا مُلَازَمَتُهُ إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ. وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْمُطَالَبَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ بَلْ مِنْ فَوَائِدِهَا: إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَتَفْسِيقُهُ إذَا امْتَنَعَ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةَ وَالِدِهِ بِدَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ، أَمَّا إذَا غَرِمَ فَلَهُ حَبْسُهُ وَمُلَازَمَتُهُ (ثُمَّ يَعُودُ) عَلَى الْأَصِيلِ (مَنْ بِإِذْنِهِ ضَمِنْ) بَعْدَ غُرْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَوْدَ سَوَاءٌ غَرِمَ بِإِذْنِهِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَمَّا بِإِذْنِهِ فَلِصَرْفِ مَالِهِ لِمَصْلَحَةِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ كَعَلَفِ دَابَّتِهِ بِأَمْرِهِ كَذَا ذَكَرَ هَذَا الْمَقِيسَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ، وَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اُضْطُرَّتْ الدَّابَّةُ كَمَا فِي الْآدَمِيِّ، أَوْ عَلَى مَا إذَا
ــ
[حاشية العبادي]
وَفِي حُلُولِهِ بِالرِّدَّةِ أَقْوَالٌ: الْمِلْكُ قَالَ: ابْنُ الرِّفْعَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِالْحُلُولِ فِي الْكِتَابَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: طَلَبَ الْوَلِيَّ بِتَخْلِيصِهِ) فِي النَّاشِرِيِّ بَعْدَ نَحْوِ هَذَا قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مُعْدَمًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُطَالَبُ بِخَلَاصِ الضَّامِنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مُوسِرًا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ وَإِنْ حُبِسَ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا مُلَازَمَتُهُ، فِي الْعُبَابِ بَعْدَ نَحْوِ هَذَا: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَهُ طَلَبُ حَبْسِهِ مَعَهُ اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ هَذَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعُودُ مَنْ بِإِذْنِهِ ضَمِنْ) أَيْ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الضَّمَانِ، أَمَّا لَوْ نَهَاهُ قَبْلَهُ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْهُ وَإِنْ قَارَنَهُ أَفْسَدَهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ فَإِذَا ضَمِنَ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ كَانَ ضَامِنًا بِغَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ حَمْلُهُ إلَخْ) تَرَكَ غَيْرُهُ الْحَمْلَ وَفَرَّقَ م ر بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ بِإِطْعَامِ الْخُبْزِ (فَرْعٌ)
قَدْ تَقَرَّرَ فِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّ الْمَدِينَ لَوْ طَلَبَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْضَ دَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَكَانَ غَرَضُ الْمَدِينِ غَيْرَ الْبَرَاءَةِ كَفَكِّ رَهْنِ أَجِيرِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْقَبُولِ، أَوْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَامْتَنَعَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ قَبُولِهِ لِغَرَضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ، أَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ لَزِمَهُ الْقَبُولُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ، فَلَوْ جَاءَ الْأَصِيلُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالدَّيْنِ وَطَلَبَ مِنْهُ قَبْضَهُ جَرَى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ أَمْ لَا. وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ أَوْ لَا وَنَازَعَ فِيهِ م ر فَلْيُنْظَرْ مُسْتَنَدُهُ: نَقْلٌ أَوْ فَهْمٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَغْرَمُهُ إلَّا إذَا غَرِمَ لَا يُطَالِبُهُ إلَّا إذَا طُولِبَ اهـ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إلَخْ) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمَضْمُونَ لَهُ بِأَنْ يُطَالِبَ الْأَصْلَ، أَوْ يُبَرِّئَهُ مِنْ الضَّمَانِ. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ قَبْلَ مُطَالَبَتِهِ أَنْ يَقُولَ: إلَخْ، وَهَذَا ضَعِيفٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي إلَخْ) فَإِنْ طَالَبَهُ طَالَبَ حِينَئِذٍ الْأَصِيلَ بِتَخْلِيصِهِ. اهـ. سم بِهَامِشِ النَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحَبْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: احْبِسْهُ مَعِي، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْبِسَهُ مَعَهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَتَفْسِيقُهُ إذَا امْتَنَعَ) أَيْ مَعَ يَسَارِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعُودُ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ جِهَةِ الضَّمَانِ وَلَمْ يُؤَدِّ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ عَبْدًا عَنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ الْأَدَاءِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى كَلَامٍ فِيهِ لع ش وَلَمْ يَكُنْ سَيِّدٌ أَدَّى عَنْ عَبْدِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا قَبْلَ تَعْجِيزِهِ. اهـ. ق ل بج
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا لِعَوْدِ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ وَقَالَ حَجَرٌ: الْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الصَّارِفِ مِنْ قَصْدِ نَحْوِ التَّبَرُّعِ لِانْصِرَافِ الْأَدَاءِ فِيهِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الضَّامِنِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ:، وَالْوَجْهُ حَمْلُهُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْحَمْلِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَطْعِمْنِي رَغِيفًا وَاغْسِلْ ثِيَابِي بِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِخِلَافِ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي، أَوْ عَبْدِي، أَوْ اعْلِفْ دَابَّتِي لِوُجُوبِ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَمِّرْ دَارِي، فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا إنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ التَّعْمِيرَ لَيْسَ وَاجِبًا