الْتَزَمَ الْبَدَلَ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَطْعِمْنِي خُبْزَك، فَأَطْعَمَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلِلْإِذْنِ فِي سَبَبِ الْأَدَاءِ.
نَعَمْ إنْ ثَبَتَ الضَّمَانُ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ مُنْكِرٌ كَأَنْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ مَا عَلَى الْآخَرِ بِإِذْنِهِ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَغَرَّمَهُ لَمْ يَعُدْ زَيْدٌ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ إذَا كَانَ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَبْطُلُ غَيْرُ ظَالِمِهِ، أَمَّا مَنْ ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ فَلَا عَوْدَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي
. (وَدَافِعٌ لِلدَّيْنِ فِي الدَّفْعِ أَذِنْ) أَيْ وَيَعُودُ الدَّافِعُ لِدَيْنِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ ضَمَانٍ إنْ أَذِنَ لَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فِي الدَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْعَوْدَ لِلْعُرْفِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْغَسَّالِ وَنَحْوِهَا بِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ فَإِنْ دَفَعَهُ بِلَا إذْنٍ فَلَا عَوْدَ لِتَبَرُّعِهِ وَيُخَالِفُ مَنْ أَوْجَرَ طَعَامَهُ لِمُضْطَرٍّ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ إبْقَاءً لِلْمُهْجَةِ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لَا ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَدَاءُ بِالْإِذْنِ) دَفْعًا لِإِيهَامِ شُمُولِ مَا قَبْلَهُ لِلضَّامِنِ بِغَيْرِ إذْنٍ إذَا دَفَعَ بِالْإِذْنِ، أَيْ لَا ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَصِيلِ فَلَا عَوْدَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَدَاءُ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ.
نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْعَوْدَ عَادَ كَغَيْرِ الضَّامِنِ، أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِتَبَرُّعِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الْعَوْدُ لَمَا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَيِّتِ بِضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ لِبَقَاءِ الْحَقِّ وَإِذَا أَدَّى الْوَلِيُّ دَيْنَ مَحْجُورِهِ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ، أَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ كَذَلِكَ عَادَ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ وَحَيْثُ ثَبَتَ الْعَوْدُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يَعُودَ فِي الْمُتَقَوِّمِ بِمِثْلِهِ صُورَةً (بِالْأَقَلِّ مِنْ مَا أَدَّاهُ فِي يَوْمِ الْأَدَا، وَالدَّيْنُ فِي صُلْحٍ جَرَى) أَيْ وَإِنَّمَا يَعُودُ الضَّامِنُ، وَالْمُؤَدِّي بِالْإِذْنِ فِيمَا إذَا جَرَى صُلْحٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ مَا أَدَّاهُ يَوْمَ الْأَدَاءِ وَمِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى ثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ، أَوْ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ عَلَى ثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمَغْرُومَةُ فِي الْأُولَى وَلِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ: فِي يَوْمِ الْأَدَاءِ وَفِي صُلْحٍ جَرَى يَوْمُ الضَّمَانِ وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ الْأَدَاءِ وَغَيْرُ الصُّلْحِ بِأَنْ أَدَّى الْحَقَّ بِصِفَتِهِ فَيَعُودُ بِهِ
، أَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ بِعَشَرَةٍ قُدِّرَ الدَّيْنُ وَتَقَاصَّا فَيَعُودُ بِالْعَشَرَةِ لِثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِمَا ضَمِنْته لَك عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَدَّى الضَّامِنُ بَعْضَ مَا ضَمِنَهُ وَأَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْبَاقِي لَمْ يَعُدْ إلَّا بِمَا أَدَّاهُ وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصِيلِ وَهَذِهِ قَدْ تَرِدُ عَلَى تَقْيِيدِ النَّظْمِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مُكَذِّبًا بِالْبَيِّنَةِ) اُنْظُرْ لَوْ رَجَعَ وَصَدَّقَ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) وَلَيْسَ وَلِيًّا
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ شَرَطَ) أَيْ فِي الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَدَّى الْوَلِيُّ) أَبًا، أَوْ جَدًّا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ) اسْتَشْكَلَهُ السُّبْكِيُّ بِمَسْأَلَةِ الصُّلْحِ السَّابِقَةِ أَيْ فَإِنَّ الصُّلْحَ فِيهَا بَيْعٌ.
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْآتِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَاَلَّذِي يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمُشَارِ إلَيْهَا أَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصِيلِ) هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ الضَّامِنُ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى بَعْضِهِ فَإِنَّ الْأَصِيلَ أَيْضًا يُبَرَّأُ مِنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ، أَوْ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْوَثِيقَةِ (قَوْلُهُ: قَدْ تَرِدُ) أَفْهَمَ ذِكْرُ " قَدْ " أَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ لَا تَرِدَ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ: بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ مَا أَدَّاهُ إلَخْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ الدَّيْنِ، أَوْ بَعْضِهِ فَيَخْرُجُ بِالصُّلْحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ الْأَدَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ فَيَعُودُ بِمَا أَدَّاهُ فَقَطْ وَالدَّيْنُ يَشْمَلُ الْكُلَّ، وَالْبَعْضَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: قَدْ تَرِدُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
فَلَا يَلْحَقُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ آلَةُ التَّعْمِيرِ لِمَالِكِ الدَّارِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، رَاجِعْ ع ش (قَوْلُهُ: وَغَائِبٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّ كُلًّا إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَى زَيْدٍ خَمْسُمِائَةٍ وَكَانَ ضَامِنًا لِلْغَائِبِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَمَدَارُ التَّصْوِيرِ عَلَى كَوْنِ الْحَاضِرِ مُطَالَبًا بِالْأَلْفِ أَصَالَةً وَضَمَانًا
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ ضَمَانٍ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنْ تَقَدَّمَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ ضَمَانٍ) إنْ أَذِنَ لَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَيْ إنْ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُؤَدِّي ضَمَانٌ بَعْدَ الْإِذْنِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لِوُجُودِ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ غَيْرِ الْإِذْنِ إلَّا إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْإِذْنِ السَّابِقِ. اهـ. ق ل عَنْ م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْعَوْدَ) أَيْ الْإِذْنَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ق ل وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا شَرَطَهُ الْمُؤَدِّي وَوَافَقَهُ الْآذِنُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: عَادَ) أَيْ إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْآذِنِ. اهـ. ق ل أَيْ لِوُجُودِ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ غَيْرِ الْإِذْنِ فَعُلِمَ مِنْ هُنَا مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْقَصْدِ إلَّا إذَا ضَمِنَ بِالْإِذْنِ، أَوْ أَذِنَ فِي الدَّفْعِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ ضَمَانٌ بِغَيْرِ إذْنٍ، أَوْ يَتَأَخَّرْ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ لِلْأَدَاءِ عَنْ الْآذِنِ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يَعُودُ إلَّا بِخَمْسَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الْعَوْدُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ الثَّوْبِ لَا بِقِيمَتِهِ أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فَلَا يَعُودُ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَيَعُودُ بِالْعَشَرَةِ ع ش عَلَى م ر إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِغَيْرِ الصُّلْحِ، أَوْ الْبَيْعِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ كَوْنَ حُكْمِهِ حُكْمَ الْقَرْضِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَدَّى مِثْلَ الْمَضْمُونِ فَيَرْجِعُ بِهِ وَلَوْ مُتَقَوِّمًا اهـ.
(قَوْلُهُ: قَدْ تَرِدُ إلَخْ) فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصُّلْحِ وَقَالَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا