بِالصُّلْحِ
وَإِنَّمَا يَعُودُ الضَّامِنُ، وَالدَّافِعُ بِالْإِذْنِ (إنْ أَشْهَدَا) بِالْأَدَاءِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَلَوْ (مَنْ سُتِرَا) عَدَالَةً لِإِتْيَانِهِ بِحُجَّةٍ، وَلَوْ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ لَفْظَةَ " وَلَوْ " كَمَا ذَكَرْتهَا كَانَ أَوْلَى وَإِنْ فُهِمَ حُكْمُ الْمُقَدَّرِ بِالْأَوْلَى (أَوْ) أَشْهَدَا رَجُلًا (وَاحِدًا لِيَحْلِفَا مَعَهُ) إذْ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ حُجَّةٌ كَافِيَةٌ وَلَا يَضُرُّ احْتِمَالُ الرَّفْعِ إلَى حَنَفِيٍّ كَمَا لَا يَضُرُّ غَيْبَتُهُ وَلَا مَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ (وَإِنْ فَسَقَ الشَّهِيدُ انْكَشَفَا) أَيْ يَعُودُ مَنْ ذُكِرَ فِيمَا لَوْ أَشْهَدَ وَإِنْ انْكَشَفَ فِسْقُ الشَّاهِدِ لِتَعَذُّرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ فَكَانَ مَعْذُورًا، وَلَا يَكْفِي إشْهَادُ مَنْ يُعْلَمُ سَفَرُهُ عَنْ قُرْبٍ إذْ لَا يُفْضِي إلَى الْمَقْصُودِ.
وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لِيَحْلِفَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ بِحُضُورٍ مِنْ مَدِينٍ أَوْصَلَهْ) أَيْ يَعُودُ إنْ أَشْهَدَ بِالْأَدَاءِ كَمَا مَرَّ، أَوْ أَوْصَلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ بِحُضُورِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا كَانَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ فَالتَّقْصِيرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِتَرْكِهِ فَتَرَكَهُ (أَوْ صَدَّقَ الْمُؤَدِّيَ) بِالنَّصْبِ (الْمَضْمُونُ لَهْ) ، أَوْ الْمُؤَدَّى إلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمَدِينُ خَاصَّةً فَلَا عَوْدَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِأَدَائِهِ إذْ الطَّلَبُ بِحَالِهِ (وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ إشْهَادًا) أَيْ لِمُنْكِرِ الْإِشْهَادِ فَلَوْ قَالَ: أَشْهَدْت وَمَاتَ الشَّاهِدُ، أَوْ غَابَ، أَوْ طَرَأَ فِسْقُهُ وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ الْإِشْهَادَ صُدِّقَ الْمَدِينُ بِيَمِينِهِ فَلَا عَوْدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْإِشْهَادِ وَلَوْ قَالَ: أَشْهَدْت فُلَانًا وَفُلَانًا فَكَذَّبَاهُ لَمْ يَعُدْ، أَوْ قَالَا: لَا نَدْرِي وَرُبَّمَا نَسِينَا فَقَدْ تَرَدَّدَ فِيهِ الْإِمَامُ، ثُمَّ رَجَّحَ عَدَمَ الْعَوْدِ وَجَعَلَهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ دَعْوَاهُ مَوْتَ الشَّاهِدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إنْكَارَ الْمَدِينِ الْإِشْهَادَ مَعَ مُوَافَقَةِ الشَّاهِدِ مُدَّعِي الْإِشْهَادِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ وَمَتَى لَمْ يُقِمْ حُجَّةً بِالْأَدَاءِ وَحَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمَدِينِ فَذَاكَ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ مُدَّعِي الْأَدَاءِ ثَانِيًا فَقِيلَ لَا عَوْدَ بِشَيْءٍ لِتَقْصِيرِهِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْأَوَّلِ بِلَا إشْهَادٍ وَاعْتِرَافِهِ بِالظُّلْمِ بِالثَّانِي.
وَالْأَصَحُّ الْعَوْدُ؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ لِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ وَعَلَى هَذَا هَلْ يَعُودُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي، أَوْ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمُسْقِطُ لِلطَّلَبِ؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِأَقَلِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي، أَوْ الثَّانِي فَهُوَ الْمُبَرِّئُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الزَّائِدِ وَسَبَقَهُ إلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي
(وَإِنْ مَرِيضُ مَوْتٍ دَيْنَ تِسْعِينَ ضَمِنْ) أَيْ وَإِنْ ضَمِنَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ دَيْنًا تِسْعِينَ (وَمِثْلُهُ) أَيْ تِسْعُونَ فَقَطْ (لَهُ) أَيْ لِلْمَرِيضِ وَمَاتَا (وَنِصْفٌ) مِنْ ذَلِكَ أَيْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَقَطْ (لِلْأَصِيلْ) فَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ أَوَّلًا مِنْ تَرِكَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
فَإِنَّ الرُّجُوعَ هُنَا بِالْأَقَلِّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا الصُّلْحُ (قَوْلُهُ: قَدْ تَرِدُ) قَدْ يُجَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْوُرُودِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ صَرِيحُ بَيْعٍ أَوَّلًا بَلْ إبْرَاءٌ عَنْ الْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءُ الْبَعْضِ
(قَوْلُهُ: إشْهَادُ مَنْ يُعْلَمُ إلَخْ) خَرَجَ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ سَفَرُهُ عَنْ قُرْبٍ، أَوْ مَنْ عُلِمَ عَدَمُ سَفَرِهِ عَنْ قُرْبٍ فَطَرَأَ لَهُ السَّفَرُ لِعَارِضٍ
(قَوْلُهُ: دَيْنَ تِسْعِينَ) مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ كَشَجَرِ أَرَاكٍ، وَفِي الرَّوْضِ: فَصْلُ ضَمَانِ الْمَرِيضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا عَنْ مُعْسِرٍ عِنْدَ مَوْتِ الضَّامِنِ، أَوْ حَيْثُ لَا رُجُوعَ فَإِنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: (تَنْبِيهٌ)
قَدْ يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ أَوَّلًا لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ تَسَلُّطَ الْمُوصَى لَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسْلِيطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَبَاقِي مَالِهِ غَائِبٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَرْجِعَ الْمَوْجُودَ هُنَا حَاضِرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَغِبْ بَاقِي مَالِهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ هُنَا لَوْ كَانَ غَائِبًا كَانَ الْحُكْمُ كَمَا فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَهُوَ خِلَافُ إطْلَاقِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
غَرِمَهُ وَالدَّيْنِ لَشَمِلَهَا وَحَيْثُ قَيَّدَ بِالصُّلْحِ خَرَجَتْ مَعَ أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا غَرِمَ وَالدَّيْنِ وَالِاعْتِذَارُ بِأَنَّهُ زَادَ التَّقْيِيدُ بِالصُّلْحِ لِإِخْرَاجِ مَسْأَلَتَيْ الْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ وُرُودَهَا فَإِنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: فِي صُلْحٍ، أَوْ إبْرَاءٍ عَنْ الْبَعْضِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْ سُتِرَا) قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِثْبَاتِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَقَدْ يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ يَأْبَى إشْهَادَ الْوَاحِدِ لِاحْتِمَالِ الرَّفْعِ إلَى حَنَفِيٍّ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِهِ هُنَا لِتَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ اهـ: (قَوْلُهُ: أَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا إلَخْ) قَالَ: م ر إلَّا إذَا كَانَ جَمِيعُ الْقُطْرِ حَنَفِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي عِنْدَهُمْ الْوَاحِدُ، وَالْيَمِينُ.
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ اطِّلَاعِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ الْمَدِينُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ أَقَامَ شَاهِدًا لَا يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى بَاطِنِهِ وَتَعْلِيلُهُمْ بِانْتِفَاعِ الْمَدِينِ نَظَرٌ لِلْغَالِبِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَلَا عَوْدَ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يَعُودُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى بِإِذْنِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صِحَاحًا، وَالْآخَرُ مُكَسَّرًا مَثَلًا. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ: فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ تَرِكَةَ الْأَصْلِ وَثُلُثَ تَرِكَةِ الضَّامِنِ ثَلَاثِينَ وَفَاتَ عَلَيْهِ الْبَاقِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَا دَوْرَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ سِتِّينَ وَضَارَبَ بِهَا وَرَثَتَهُ مَعَ الْغَرِيمِ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ فَيَكُونُونَ قَدْ رَجَعُوا عَلَى تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بِثَلَاثِينَ إذْ هِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَهُ ثَلَاثُونَ وَلِوَرَثَةِ الضَّامِنِ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ سِتُّونَ وَيَكُونُ الدَّائِنُ قَدْ أَخَذَ مِنْ وَرَثَةِ الْأَصِيلِ بِالْمُضَارَبَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ إذْ هِيَ ثُلُثُهَا وَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا.
وَالْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ حِينَئِذٍ سِتُّونَ