للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّوْكِيلِ فِيهِ.

وَحَكَاهُ فِيهَا هُنَا عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ بَحْثًا لَكِنْ قَالَ: الْأَقْوَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الِاغْتِنَامِ انْتَهَى وَبِهِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ، وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا (وَ) مِنْ (الْخِصَامِ) مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَضِيَ الْخَصْمُ أَوْ لَا، سَوَاءٌ كَانَ فِي مَالٍ أَمْ عُقُوبَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَوْكِيلٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ فَيُمْكِنُ مِنْهُ كَالتَّوْكِيلِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ رِضَا مَنْ عَلَيْهِ

(لَا إثْمٍ) أَيْ الْوَكَالَةُ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ لَا فِي الْمَعَاصِي كَالْقَتْلِ، وَالْقَذْفِ، وَالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا يَخْتَصُّ بِمُرْتَكِبِهَا (وَ) لَا فِي (إثْبَاتِ حُدُودِ) وَتَعَازِيرِ (ذِي الْعُلَا) جَلَّ وَعَلَا لِبِنَائِهَا عَلَى الدَّرْءِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ الْخِصَامِ كَالْحَاوِي كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ، نَعَمْ قَدْ يَقَعُ إثْبَاتُ الْحَدِّ بِالْوَكَالَةِ تَبَعًا بِأَنْ يَقْذِفَ شَخْصٌ آخَرَ فَيُطَالِبَهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَهُ أَنْ يَدْرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِإِثْبَاتِ زِنَاهُ بِالْوَكَالَةِ وَبِدُونِهَا فَإِذَا أَثْبَتَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (وَلَا) فِي (شَهَادَةٍ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهَا مَعَ عَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى قَبُولٍ؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مَنُوطٌ بِعِلْمِ الشَّاهِدِ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ لِلْوَكِيلِ وَهَذَا غَيْرُ تَحَمُّلِهَا الْجَائِزِ بِاسْتِرْعَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(وَ) لَا فِي (إقْرَارٍ) بِأَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَيَقُولَ الْوَكِيلُ: أَقْرَرْت عَنْهُ بِكَذَا، أَوْ جَعَلْته مُقِرًّا بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالشَّهَادَةِ (وَلَا تَجْعَلْ بِهِ مُقِرًّا الْمُوَكِّلَا) أَيْ وَلَا تَجْعَلْ أَنْتَ الْمُوَكِّلَ بِتَوْكِيلِهِ بِالْإِقْرَارِ مُقِرًّا كَمَا لَا تَجْعَلُهُ مُقِرًّا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ وَكَمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِبْرَاءِ لَيْسَ إبْرَاءً وَهَذَا مَا حَكَى الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَحَكَى مُقَابِلَهُ عَنْ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَحَكَى النَّوَوِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ: وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَلَوْ قَالَ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ: أَقِرَّ لَهُ عَلَيَّ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ.

(وَلَا) فِي (يَمِينٍ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِتَعَلُّقِ حُكْمِهَا بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمِنْ الْأَيْمَانِ إيلَاؤُهُ وَكَلِمُ اللِّعَانِ) فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِمَا (كَالنَّذْرِ، وَالظِّهَارِ، وَالتَّعْلِيقِ) ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الْيَمِينِ لِتَعَلُّقِهَا بِأَلْفَاظٍ وَخَصَائِصَ كَالْيَمِينِ وَحُكْمُ الْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا إثْمَ

قَالَ: فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ فِي الظِّهَارِ أَنْ يَقُولَ: أَنْت عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ، أَوْ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُظَاهِرًا مِنْك قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ: مُوَكِّلِي يَقُولُ أَنْتِ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ انْتَهَى. وَمَا ادَّعَى أَنَّهُ الْأَشْبَهُ ظَاهِرٌ أَنَّ الْأَشْبَهَ خِلَافُهُ، وَالْحَاوِي (أَرَادَ) بِالتَّعْلِيقِ التَّعْلِيقَ (فِي الْإِعْتَاقِ، وَالتَّطْلِيقِ) فَقَدْ قَيَّدَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ: إلَخْ) جَمَعَ بِأَنَّ الصِّحَّةَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْتِقَاطِ الْمُعَيَّنِ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ م ر

(قَوْلُهُ: لَا إثْمَ) لَوْ وَكَّلَ فِي بَيْعٍ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، أَوْ فِي طَلَاقٍ فِي حَيْضٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ فِي الْخَادِمِ الصِّحَّةُ قَالَ: الْجَوْجَرِيُّ لَكِنَّ مَرْجِعَ التَّوْكِيلِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ لَا نَفْسُ الْمَعْصِيَةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ بِرّ (قَوْلُهُ: إثْبَاتِ حُدُودٍ) خَرَجَ اسْتِيفَاؤُهَا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْذِفَ) مِنْ صُورَهْ أَيْضًا: دَعْوَى فِسْقِ الشَّاهِدِ وَالتَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِهِ بِرّ (قَوْلُهُ: لِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهَا) حَيْثُ لَا يَكْفِي عَنْ لَفْظِ أَشْهَدُ مَا بِمَعْنَاهُ نَحْوُ: أَعْلَمُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ مُقَابِلُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: صَاحِبُ التَّعْجِيزِ) يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: وَالظِّهَارُ) اسْتَبْعَدَ الْبُلْقِينِيُّ الْخِلَافَ فِي الظِّهَارِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةً، فِيهِ مَا يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ، وَالْبَيْعَ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ: كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيَخْرُجُ مِنْهُ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَحُكْمُ الْآيَةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيقِ) مِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي الطَّلَاقِ وَأَطْلَقَ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْلِيقُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَفِدْ التَّعْلِيقَ مَعَ التَّوْكِيلِ فَمَعَ الْإِطْلَاقِ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَفِيدَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيقِ) وَقِيلَ: يَجُوزُ، قَالَ الشَّارِحُ وَأَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِجَوَازِهِ فِي الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ، وَفِيهِمَا التَّعْلِيقُ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِتَعْلِيقِ غَيْرِهِمَا كَتَعْلِيقِ الْوِصَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا بِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَاسْتَمَرَّ قَصْدُهُ فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ، أَوْ أَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ فَلَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ، وَالْمُوَكِّلُ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ بِأُجْرَةٍ وَعَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَمْرًا خَاصًّا كَأَنْ قَالَ لَهُ: احْتَطِبْ لِي هَذِهِ الْحُزْمَةَ الْحَطَبَ مَثَلًا بِكَذَا فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَمْرًا خَاصًّا كَأَنْ قَالَ: احْتَطِبْ لِي حُزْمَةَ حَطَبٍ بِكَذَا فَاحْتَطَبَهَا وَقَصَدَ نَفْسَهُ وَقَعَتْ لَهُ، وَكَانَ عَمَلُ الْإِجَارَةِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ فَيَحْتَطِبُ غَيْرَهَا. وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا " وَاسْتَمَرَّ قَصْدُهُ " مَا لَوْ عَنَّ لَهُ قَصْدُ نَفْسِهِ بَعْدَ قَصْدِ مُوَكِّلِهِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْلِكُهُ مِنْ حِينَئِذٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: تَحَمَّلَهَا) وَهُوَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ بِتَوْكِيلٍ بَلْ الْحَاجَةُ جَعَلَتْ الشَّاهِدَ الْمُتَحَمِّلَ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا تَجْعَلُهُ إلَخْ) بَلْ إنَّمَا يَكُونُ مُقِرًّا بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: لِإِشْعَارِهِ إلَخْ) إذْ هُوَ إخْبَارٌ وَبِهِ فَارَقَ التَّوْكِيلَ فِي الْإِبْرَاءِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْأَيْمَانِ إيلَاؤُهُ) يُفِيدُ أَنَّ صُورَةَ الْإِيلَاءِ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا يَطَؤُك مُوَكِّلِي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ أَنَّ الْأَشْبَهَ خِلَافُهُ) ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ فِي مُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ عَنْ ظِهَارِ الْمُوَكِّلِ لَا فِي نَفْسِ الظِّهَارِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>