الْمَطْلَبِ إنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ وَصَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ صَحَّ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَلَا، وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لِفَسَادِ الْإِيجَادِ لِتَمَكُّنِ الْوَكِيلِ مِنْ قَبُولِهِ لِنَفْسِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ فَيَظْهَرُ صِحَّةُ الْبَيْعِ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ وَقَالَ وَلَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ بِأَنْ قَالَ: بِعْ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ زَيْدٍ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْبُطْلَانُ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَنْقُولِ إلَّا إذَا لُمِحَ الْمَعْنَى وَمَحَلُّ مَنْعِ الْبَيْعِ فِي سُوقٍ آخَرَ إذَا لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ الثَّمَنَ فَإِنْ قَدَّرَهُ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ فِي آخَرَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بَلْ قَالَ: فِي الْمُهِمَّاتِ الرَّاجِحُ جَوَازُ الْبَيْعِ فِي آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ كَكَثْرَةِ الرَّاغِبِينَ أَوْ وَجَوْدَةِ النَّقْدِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَوْ قَالَ: بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا لَكِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا بِالنَّقْلِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ مَضْمُونًا فِي يَدِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا فَرَّعْنَا. . إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ لَا يَتَعَاطَى الشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ كَالسُّلْطَانِ صَحَّ الْبَيْعُ مِنْ وَكِيلِهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا يَقْصِدُ بِقَوْلِهِ بِعْ هَذَا لِلسُّلْطَانِ مَثَلًا ذَلِكَ لَا مُخَاطَبَتَهُ بِالْبَيْعِ قَالَ: وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى الْعَقْدُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُقَدَّرُ فِيهِ دُخُولُ الْمِلْكِ فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ صَحَّ شَرْحُ رَوْضٍ أَيْ كَأَنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْبُطْلَانُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمَحَ الْمَعْنَى) وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ زَيْدٌ. (قَوْلُهُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) لَوْ قَالَ: بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إطْلَاقُ الْجَوَازِ فِي بَلَدٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ يَعْنِي عِنْدَ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الذَّهَابُ إلَى الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ اللَّفْظَ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ، وَعَلَى إيقَاعِ الْبَيْعِ فِي بَلَدٍ سَقَطَ الثَّانِي فَيَبْقَى الْأَوَّلُ كَنَظِيرِهِ فِي هِبَةِ الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ الْجَوْجَرِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ اعْتِبَارَ الْمَسَافَةِ إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِلْبَلَدِ فَحَيْثُ سَقَطَ الْمَتْبُوعُ سَقَطَ التَّابِعُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَلَوْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إلَّا إنْ قُدِّرَ الثَّمَنُ فَيَصِحُّ فِي غَيْرِهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي السُّوقِ لَكِنَّ قَوْلَهُ: لَكِنَّهُ يَصِيرُ. . إلَخْ يُوهِمُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا. . إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ جَوَازُ النَّقْلِ إذَا قُدِّرَ الثَّمَنُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي لَكِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا إلَخْ مَعَ هَذَا أَنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا، وَإِنْ جَازَ النَّقْلُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِالنَّقْلِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ مِنْ السُّوقِ وَالْفَرْقُ مُتَّجَهٌ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الثَّمَنُ مَضْمُونًا فِي يَدِهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِأَنَّ تَعْيِينَ السُّوقِ لَا يَتَعَيَّنُ
[حاشية الشربيني]
الشِّرَاءُ فِيهِمَا وَاقِعًا لِلْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَسَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ عَلَى احْتِمَالٍ
(قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِ الْوَكِيلِ. . إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ الْوَكِيلُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ تَقَدُّمِ الْإِيجَابِ كَمَا لَوْ قَالَ: الْبَائِعُ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا. . إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ النَّقْلِ كَمَا يُفِيدُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ذَكَرَ وَقَدَّرَ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا) أَيْ فِيمَا مَرَّ بِأَنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّهُ. . إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي النَّقْلِ إلَى سُوقٍ آخَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا بِالنَّقْلِ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ النَّقْلِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ نَهْيٌ عَنْ النَّقْلِ امْتَنَعَ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ سَوَاءٌ فِي مَسْأَلَةِ السُّوقِ وَالْبَلَدِ وَإِلَّا فَإِنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِمَا وَضَمِنَ فِي الْبَلَدِ لِلسَّفَرِ دُونَ السُّوقِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَمْ يَصِحَّ فِيهِمَا وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَلَدِ دُونَ السُّوقِ فَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُعَيِّنْ بَلَدًا حُمِلَ عَلَى بَلَدِ التَّوْكِيلِ فَإِنْ نَهَى عَنْ السَّفَرِ وَسَافَرَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ ضَامِنًا وَإِنْ لَمْ يَنْهَ صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ. اهـ. بِهَامِشٍ لِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْهَ. . إلَخْ لَعَلَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ ضَامِنًا فِي مَسْأَلَةِ السَّفَرِ، ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ يَصِيرُ ضَامِنًا) أَيْ لِلْمُثَمَّنِ كَمَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ. اهـ. سم عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَضَمَانُ الْمُثَمَّنِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ وَضَمَانُ الثَّمَنِ بَعْدَ بَيْعِهِ قَالَ: سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَضَمَانُ الثَّمَنِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فَلَعَلَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْبَيْعِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، أَمَّا إذَا قَدَّرَهُ أَوْ لَمْ يُقَدِّرْهُ لَكِنْ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ هَذَا فِي النَّقْلِ لِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمُعَيَّنِ.
أَمَّا النَّقْلُ لِغَيْرِ السُّوقِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ إلَّا إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ فَإِنْ قَدَّرَ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَيَجُوزُ النَّقْلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّفَرَ يَمْتَنِعُ إلَّا بِالنَّصِّ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ إذَا نُقِلَ لِمِثْلِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ بِدُونِ سَفَرٍ. اهـ. بِالْمَعْنَى وَعَلَى مَا ذَكَرَ يَحْمِلُ الشَّارِحُ قَوْلَهُ: بَلْ يَجِبُ. . إلَخْ وَلَوْ وُجِدَ الرَّاغِبُ فِي زَمَنِ خِيَارِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لَزِمَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute