بَلْ لَوْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ فِي بَلَدٍ فَلْيَبِعْ فِيهِ فَإِنْ نَقَلَ ضَمِنَ.
(وَحَيْثُ لَا نَهْيَ) مِنْ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ عَنْ إبْدَالِ الْحُلُولِ بِالتَّأْجِيلِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ عَنْ قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ الثَّمَنِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَقُلْ لَهُ (الْحُلُولُ وَالْأَجَلْ وَالْقَدْرُ مَعْ مَصْلَحَةٍ) لِلْمُوَكِّلِ (لَهَا) أَيْ لِلثَّلَاثَةِ (بَدَلْ) يَعْنِي لِلْوَكِيلِ إبْدَالُهَا بِالْمَصْلَحَةِ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا فَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ حَالًّا فَلَهُ الشِّرَاءُ مُؤَجَّلًا بِمَا يَرْغَبُ بِهِ فِيهِ حَالًّا إنْ أَمِنَ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ وَلَمْ يَكُنْ لِحِفْظِهِ مُؤْنَةٌ فِي الْحَالِّ أَوْ بِعْهُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ فَلَهُ بَيْعُهُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ بِمَا يُسَاوِيهِ إلَى الشَّهْرَيْنِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ قَالَ: ابْنُ النَّقِيبِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرَى وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ كَزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَلَوْ قَالَ بِعْهُ بِمِائَةٍ فَلَهُ بَيْعُهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ حَيْثُ وُجِدَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْغِبْطَةِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُشْتَرَى فَلَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَهُ.
بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ مُمْكِنًا مِنْ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ كَانَ تَعْيِينُهُ ظَاهِرًا فِي قَصْدِ إرْفَاقِهِ وَشِرَاءُ الْمُعَيَّنِ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ مِنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ ضَعُفَ احْتِمَالُ ذَلِكَ الْقَصْدِ وَظَهَرَ قَصْدُ التَّعْرِيفِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِبْدَالِ مَصْلَحَةٌ أَوْ كَانَتْ وَنَهَاهُ الْمُوَكِّلُ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الْإِبْدَالُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ لَكِنَّهُ أَبْدَلَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إذْ الْمَأْتِيُّ بِهِ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ (كَفِي) أَيْ كَأَنْ وَكَّلَهُ فِي (شِرَاءِ شَاةٍ) وَوَصَفَهَا بِصِفَةٍ (بِقَدْرٍ) كَدِينَارٍ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا (فَاشْتَرَى) بِهِ (شَاتَيْنِ) بِالصِّفَةِ (سَاوَتْ كُلٌّ) مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا
ــ
[حاشية العبادي]
أَوْ فِيمَا لَوْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالثَّمَنُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ هَذَا مُرَادُ الرَّوْضَةِ، ثُمَّ التَّضْمِينُ بِالنَّقْلِ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْمُودَعُ بِالْحِفْظِ فِي مَكَان فَنَقَلَهُ إلَى آخَرَ مِثْلِهِ لَا يَضْمَنُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ نَقْلُ الْوَدِيعَةِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الضَّمَانِ حِينَئِذٍ هَذَا إنْ أَرَادَ النَّقْلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ فَإِنْ أَرَادَ النَّقْلَ إلَى سُوقٍ آخَرَ أَيْضًا فَالْإِشْكَالُ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ حِينَئِذٍ جَوَابُهُ.
ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالصَّرِيحَةِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَلَدِ وَالسُّوقِ فِي الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ فَإِنَّ الرَّوْضَ عَبَّرَ كَالشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَيَّنَ لِلْبَيْعِ بَلَدًا فَنَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ ضَمِنَ الْمُثَمَّنَ وَالثَّمَنَ. اهـ. وَزَادَ الشَّارِحُ عَقِبَ قَوْلِهِ بَلَدًا لَفْظَ أَوْ سُوقًا وَكَانَ الْمُرَادُ بِضَمَانِ الْمُثَمَّنِ فِيمَا إذَا صَحَّ الْبَيْعُ مَعَ النَّقْلِ ضَمَانَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمُشْتَرِي وَقَوْلُ شَيْخِنَا أَوْ فِيمَا لَوْ قُدِّرَ الثَّمَنُ صَرِيحٌ فِي الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ وَإِنْ جَازَ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَلَدِ. قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ: بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا قَالَ ابْنُ كَجٍّ هُوَ كَقَوْلِهِ: بِعْ فِي سُوقِ كَذَا حَتَّى لَوْ بَاعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ جَاءَ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا بِالنَّقْلِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ مَضْمُونًا فِي يَدِهِ. اهـ. لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ يُفْهِمُ عَدَمَ الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ عَنْ السُّوقِ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ فِي بَلَدٍ فَلْيَبِعْ فِيهِ) هَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْبَلَدَ صَرِيحًا فَقَالَ بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ بِالتَّعْيِينِ صَرِيحًا وَعَدَمَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ) لَعَلَّ الزِّيَادَةَ رَاجِعَةٌ لِلثَّمَنِ وَالنَّقْصُ لِلْأَجَلِ وَقَدْ يَرْجِعُ لِلثَّمَنِ أَيْضًا فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهُ حَالًّا) هَلْ لَهُ حِينَئِذٍ قَبْضُ الثَّمَنِ نَظَرًا لِحُلُولِ الثَّمَنِ أَوْ لَا نَظَرًا لِمُقْتَضَى الْإِذْنِ حَيْثُ كَانَ بِالْمُؤَجَّلِ وَالْإِذْنُ بِالْمُؤَجَّلِ لَا يُسَوِّغُ الْقَبْضَ. فِيهِ نَظَرٌ. وَالثَّانِي لَعَلَّهُ أَقْرَبُ فَإِنْ قِيلَ قَضِيَّةُ جَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْحَالِّ جَوَازُ الْقَبْضِ قُلْنَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ حُلُولَ الثَّمَنِ يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِخِلَافِ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ شَيْءٌ آخَرُ خَارِجٌ عَنْ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ) وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمِائَةُ دُونَ الْمِثْلِ لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ. اهـ وَقَدْ تَوَجَّهَ الْإِطْلَاقُ بِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ الْمُحَابَاةَ بِعَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ لِعُرُوضِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ. . إلَخْ) هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ إبْدَالِ الثَّمَنِ بِأَنْقَصَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ) حَيْثُ قَيَّدَ بِالْحُلُولِ وَالْأَجَلِ وَالْقَدْرِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالرَّاغِبِ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ اللُّزُومِ تَبَيَّنَ الِانْفِسَاخُ. اهـ. مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ) أَيْ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا وَقَعَتْ الْمُسَاوَمَةُ فَقَطْ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدَةً بِالصِّفَةِ فِي صَفْقَتَيْنِ لَمْ تَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ عَقْدٌ وَاحِدٌ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ) مِثْلُهُ مَا إذَا اشْتَرَى شَاةً بِالصِّفَةِ وَثَوْبًا. اهـ. شَرْحُ م ر وَق ل (قَوْلُهُ: بِالصِّفَةِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالصِّفَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَكَّلَ بِهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِالصِّفَةِ دُونَ الْأُخْرَى وَتَسَاوِيَتَا وَقَعَ شِرَاؤُهُمَا لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ بِالصِّفَةِ لَمْ يَقَعْ شِرَاؤُهُمَا لِلْمُوَكِّلِ بَلْ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِهِ بَطَلَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ. اهـ. جُمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إحْدَاهُمَا. . إلَخْ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَكَفَى لَكِنَّهُ ذَكَرَ