للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الْمُقَدَّرَا) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَزَادَ خَيْرًا وَيَشْهَدُ لَهُ خَبَرُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقُ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَجُوزُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَبِيعَ إحْدَى الشَّاتَيْنِ بِدِينَارٍ وَيَأْتِيَهُ بِهِ وَبِالْأُخْرَى كَمَا فَعَلَ عُرْوَةُ قُلْنَا لَا، وَأَمَّا عُرْوَةُ فَلَعَلَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِ مَا رَآهُ مَصْلَحَةً مِنْ مَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْوَكَالَةُ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ تَبَعًا لِبَيْعِ مَا هُوَ مَالِكُهُ صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا لَمْ تُسَاوِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا الْمُقَدَّرَ فَلَا يَصِحُّ لِفَوَاتِ مَا وَكَّلَ فِيهِ (وَ) ، أَمَّا الْوَكِيلُ (بِخُصُومَةٍ فَلَا يَبْرِي) خَصْمَهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْخُصُومَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْإِبْرَاءَ وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِمُوَكِّلِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي فَيَدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَيَسْعَى فِي كُلِّ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الْإِثْبَاتِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُنْكِرُ وَيَطْعَنُ فِي الْبَيِّنَةِ وَيَسْعَى فِي كُلِّ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الدَّفْعِ

(وَلَا يَشْهَدْ) أَيْ الْوَكِيلُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ (لَهُ) أَيْ لِمُوَكِّلِهِ (فِي تِلْكَ) الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِثْبَاتِ وَلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَعْزِلْ وَبِإِظْهَارِ صِدْقِهِ إنْ عَزَلَ وَقَدْ خَاضَ فِي الْخُصُومَةِ (لَا إنْ عُزِلَا وَلَمْ يَخُضْ) فِيهَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ مَا انْتَصَبَ خَصْمًا وَلَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ حَقًّا كَمَا لَوْ شَهِدَ لَهُ فِي غَيْرِهَا (وَلَا يُصَالِحْ) غَرِيمَ مُوَكِّلِهِ لَوْ بِغَيْطَةٍ كَمَا أَوْضَحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَاعْمُمْ) مَنْعَ الصُّلْحِ فِي سَائِرِ صُوَرِهِ لِمَا مَرَّ فِي الْإِبْرَاءِ (وَلَا يُقِرَّ) عَلَى مُوَكِّلِهِ لِذَلِكَ فَلَا يُقِرُّ وَكِيلُ الْمُدَّعِي بِالْقَبْضِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ التَّأْجِيلِ أَوْ قَبُولِ الْحَوَالَةِ أَوْ الصُّلْحِ عَلَى مَالٍ وَلَا وَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِتَضَمُّنِهِ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّهُ ظَالِمٌ فِي الْخُصُومَةِ بِخِلَافِ إبْرَائِهِ وَمُصَالَحَتِهِ فَإِنَّهُمَا بَاطِلَانِ لَا يَتَضَمَّنَانِ ذَلِكَ

. (وَبِصُلْحٍ عَنْ دَمِ عَلَى مُدَامٍ صَحَّ عَفْوٌ إنْ فَعَلٌ) أَيْ وَالْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ عَلَى خَمْرٍ إنْ فَعَلَ الصُّلْحَ صَحَّ الْعَفْوُ وَفَسَدَ الْعِوَضُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْمُوَكِّلُ بَدَلَ الدَّمِ كَمَا لَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِوَضِ صَحِيحٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِصَاصِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ صَحَّ لَا أَنَّا نُصَحِّحُ التَّوْكِيلَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ (لَا إنْ) عَدَلَ وَصَالَحَ (عَلَى الْخِنْزِيرِ) فَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ لِلْمُخَالَفَةِ وَيَبْقَى الْقِصَاصُ كَمَا كَانَ (كَالْعَكْسِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ بِالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ عَلَى خِنْزِيرٍ إنْ صَالَحَ عَلَى الْخِنْزِيرِ صَحَّ الْعَفْوُ أَوْ عَلَى خَمْرٍ فَلَا لِمَا ذَكَرَ وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّ ذِكْرَ الْخِنْزِيرِ فِي الْأُولَى وَالْخَمْرِ فِي الثَّانِيَةِ مِثَالٌ حَتَّى لَوْ صَالَحَ فِيهِمَا عَلَى مَالٍ لَمْ يَصِحَّ لِلْمُخَالَفَةِ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (جُعِلْ) تَكْمِلَةٌ.

(وَفَسَدَتْ بِفَاسِدِ التَّصَرُّفِ) أَيْ وَالْوَكَالَةُ بِالتَّصَرُّفِ الْفَاسِدِ فَاسِدَةٌ فَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدَيْنِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْ أَوْ اشْتَرِ إلَى وَقْتِ الْعَطَاءِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ أَوْ بِعْ هَذَا بِأَلْفٍ وَزِقِّ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ وَلَا الْفَاسِدَ لِمَنْعِ الشَّرْعِ مِنْهُ (وَ) لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ وَقَالَ (اشْتَرِهِ بِالْعَيْنِ) أَيْ بِعَيْنِ الثَّمَنِ (فَاشْتَرَاهُ فِي ذِمَّتِهِ) لِيَنْقُدَ الْمُعَيَّنَ فِيهِ لَمْ يَقَعْ لِمُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ فَأَتَى بِمَا لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ وَيُطَالَبُ بِغَيْرِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِذِمَّتِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْوَكَالَةُ فِي بَيْعِ. . إلَخْ) جَوَابُ إشْكَالٍ. (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِبَيْعِ مَا هُوَ مَالِكُهُ) لَعَلَّهُ فِي وَاقِعَةِ عُرْوَةَ وَالثَّمَنُ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَاوِ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ إحْدَاهُمَا) قَدْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا اتَّحَدَ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سَاوَتْ لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهُ الصِّحَّةَ أَوْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ لَمْ تُسَاوِ اتَّحَدَ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ أَنَّ إحْدَاهُمَا لَمْ تُسَاوِ وَالْأُخْرَى سَاوَتْ لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهُ الصِّحَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ) وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِغَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ) أَوْ بِالْخُلْعِ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ صَحَّ) بِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ هُنَا لَا يُشْكِلُ بِفَسَادِهِ فِي قَوْلِهِ: الْآتِي وَفَسَدَتْ بِفَاسِدِ التَّصَرُّفِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَلَى الْخِنْزِيرِ. . إلَخْ) قَالَ: الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ جَرَى فِي الْكِتَابَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ عِنْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ حِينَئِذٍ يَنْصَبُّ إلَى مَحْضِ التَّعْلِيقِ وَالتَّوْكِيلُ فِي التَّعْلِيقِ بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّوْكِيلَ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا غَيْرُ مَرْعِيٍّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ فِيهَا عَنْ النُّجُومِ بَرِئَ وَعَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا عِتْقَ فِيهَا بِمَحْضِ الصِّفَةِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَصِّلَهُ الْوَكِيلُ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: جَعَلَ) أَيْ جَعَلَ الصُّلْحَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

مَا قَبْلَهُ نَظَرًا لِانْفِرَادِ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ فِي الْمَنْطُوقِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْرَأُ خَصْمُهُ) وَلَوْ أَبْرَأَهُ لَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَغْوًا حَجَرٌ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الْخُصُومَةِ) بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَلَهُ الشَّهَادَةُ لَهُ فِيهِ سم. (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ) وَلَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ لِبَيِّنَةِ الْخَصْمِ لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ فِي قَطْعِ الْخُصُومَةِ وَلَوْ عَدَلَ انْعَزَلَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ سم عَلَى حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ) لَوْ اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْغَيْرِ إنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا وَقَعَ لِنَفْسِهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ إنْ وُجِدَتْ. اهـ. ق ل وسم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ. . إلَخْ) قَالَ: الْمُحَشِّي فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ شَيْئًا بِصِفَةٍ مَا وُكِّلَ فِيهِ وَلَمْ يَنْوِ نَفْسَهُ وَلَا مُوَكِّلُهُ فَهَلْ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ شَرْطُ الْوُقُوعِ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَنْوِيَهُ أَوْ يُسَمِّيَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ وَمُقْتَضِي كَلَامِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ إلَّا إنْ سَمَّاهُ فَإِنْ نَوَاهُ وَقَعَ لِنَفْسِهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ اهـ وَفِي إلْغَاءِ نِيَّتِهِ نَظَرٌ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بِغَيْرِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَمَالِ نَفْسِهِ بِأَنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ) لَا لِلْوَكِيلِ لِإِضَافَتِهِ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ وَلَا لِلْمُوَكِّلِ لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ وَفِي م ر وَحَجَرٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ بِإِذْنِهِ صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ فَرَاجِعْهُمَا. اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ خَالَفَ وَأَضَافَ الثَّمَنَ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَقَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِفَسَادِهِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ يَعْنِي فَاشْتَرَى بِأُخْرَى بِلَا مَالِ الْمُوَكِّلِ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>