للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمَنُ الْعَبْدِ أَلْفًا (وَ) قَبِلْنَا قَوْلَهُ: (هُوَ) أَيْ هَذَا الشَّيْءُ (لَهُ عَارِيَّةٌ) فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْعَارِيَّةِ لَا بِالْمِلْكِ كَمَا أَوْضَحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَا جُعِلْ) ذَلِكَ إقْرَارًا (بِالْمِلْكِ) لِاحْتِمَالِهِ الْعَارِيَّةَ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هُوَ لَهُ وَعَارِيَّةٌ؛ لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ فَإِذَا قَيَّدَ بِهِ جِهَةً صَالِحَةً وَرَاءَ الْمِلْكِ حُمِلَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَى الْمِلْكِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ وُجُوهِ الِاخْتِصَاصِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ نَصْبِ لَفْظِ (عَارِيَّةٌ) وَرَفْعِهِ وَجَرِّهِ وَإِسْكَانِهِ

(وَ) قُبِلَ (اسْتِثْنَاءَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَهُوَ إخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِيمَا قَبْلَهُ بِإِلَّا أَوْ نَحْوِهَا مَعْهُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ (إنْ يَتَّصِلْ) بِالْإِقْرَارِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مَعَهُ كَلَامًا وَاحِدًا فَلَوْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ سُكُوتٍ لَمْ يُقْبَلْ نَعَمْ يُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ بِسَكْتَةِ تَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ أَوْ تَذَكُّرٍ أَوْ انْقِطَاعِ صَوْتٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالِاتِّصَالُ الْمَشْرُوطُ هُنَا أَبْلَغُ مِمَّا يُشْتَرَطُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ الِاثْنَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ الْوَاحِدِ وَلَمَّا ذَكَرَ فِيهَا أَنَّ تَخَلُّلَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ يُبْطِلُ الِاسْتِثْنَاءَ قَالَ هَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَقَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا مِائَةً صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لَنَا أَنَّهُ فَصْلٌ يَسِيرٌ فَصَارَ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ أَلْفٌ يَا فُلَانُ إلَّا مِائَةً وَمَا نَقَلَاهُ فِيهِ نَظَرٌ. انْتَهَى. وَنَظَرُهُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ وَمَا فِي الْمَقِيسِ فَجَوَابُهُ مَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ إنَّ قَوْلَهُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ اسْتِدْرَاكٌ لِمَا سَبَقَ مِنْهُ فَكَانَ مُلَائِمًا لِلِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ (بِالْقَصْدِ أَوَّلَا) أَيْ مَعَ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوَّلَ الْإِقْرَارِ فَلَا يَكْفِي بَعْدَهُ وَلَا فِي أَثْنَائِهِ كَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الطَّلَاقِ.

لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ هُنَاكَ الِاكْتِفَاءَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، وَإِنْ لَمْ يُقَارِنْ أَوَّلَهَا وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَعَشَرَةٍ إلَّا ثَلَاثَةً وَإِلَّا سَبْعَةً فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ كَعَشَرَةٍ إلَّا عَشَرَةً لَمْ يُصْبِحْ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِمَا أَثْبَتَهُ وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَغْرَقِ

ــ

[حاشية العبادي]

هُوَ شَامِلٌ لِكُلِّ الْمَسَائِلِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِدُونِ أَنْ يَقُولَ عَلَى مُحْتَمَلٍ لِلْعَارِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَفِي الْجِنَايَةِ إذَا نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَنْ الْأَلْفِ لَا يَلْزَمُهُ التَّكْمِيلُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ فَإِنَّ الْأَلْفَ لَازِمٌ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ اخْتِصَاصُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ بِمَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ قَوْلِ السُّبْكِيّ لَكِنَّ التَّفْسِيرَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الشِّرَاءِ لَا يَجِيءُ هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِإِتْيَانِهِ بِعَلَيَّ وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي عَبْدِي هَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: فِي هَذَا الْعَبْدِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ التَّفْسِيرُ بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ بِالشِّرَاءِ لِلْمُقَرِّ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: فِي هَذَا الْعَبْدِ إنْ كَانَ مَفْرُوضًا مَعَ زِيَادَةِ عَلَيَّ فَقَدْ سَبَقَ آنِفًا عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّهُ لَا يَجِيءُ فِيهِ التَّفْسِيرُ بِالشِّرَاءِ فَمَا مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ هُنَا الشِّرَاءُ فِي قَوْلِهِ: وَلَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ. . إلَخْ، وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا عِنْدَ إسْقَاطِهَا فَكَيْفَ يَكُونُ مَا فِيهِ عَلَى نَظِيرِ مَا لَيْسَتْ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: مَا لَوْلَاهُ) أَيْ الْإِخْرَاجُ لَدَخَلَ أَيْ مَا. (قَوْلُهُ تَنَفَّسَ ادَّعَى. . إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ أَنَّ السُّكُوتَ الْيَسِيرَ لَا لِغَرَضٍ يَضُرُّ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ. (قَوْلُهُ: فَجَوَابُهُ مَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ) هُوَ جَوَابٌ حَسَنٌ لَكِنْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي بَابِ الطَّلَاقِ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِغْفَارِ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ. . إلَخْ) لَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ فَهَلْ يُشْتَرَطُ عِنْدَهُ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا يَأْتِي أَوْ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدٌ أَصْلًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: كَعَشَرَةٍ إلَّا عَشَرَةً لَمْ يَصِحَّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا خَمْسَةً أَوْ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا عَشَرَةً خَمْسَةً وَيَلْغُو مَا حَصَلَ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ. اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَ مَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ كُلَّ اسْتِثْنَاءٍ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ لَا فَالِاسْتِعْرَاقُ يَضُرُّ، وَإِنْ كَانَ فِي الْإِثْبَاتِ وَاللُّزُومِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ) أَيْ فَلَهُ عَشَرَةٌ وَلَا نَظَرَ لِقِيمَتِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ بِسَكْتَةِ تَنَفُّسٍ. . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ بِقَدْرِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ. . إلَخْ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ التَّنَفُّسَ وَالْعِيَّ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مِقْدَارِ سَكْتَتِهِمَا لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَحَلِّيّ: وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى لَمْ يَصِحَّ قَالَ ق ل قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَتَ أَيْ لَا لِتَنَفُّسٍ أَوْ عَيٍّ وَيُصَدَّقُ إذَا ادَّعَاهُ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّنَفُّسَ وَالْعِيَّ قَيْدٌ فَلَوْ سَكَتَ بِمِقْدَارِهِمَا لَا لَهُمَا ضَرَّ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ. (قَوْلُهُ أَبْلَغُ مِمَّا شُرِطَ. . إلَخْ) أَيْ فَيَضُرُّ هُنَا الْفَصْلُ الْيَسِيرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَا يَضُرُّ هُنَاكَ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ.

(قَوْلُهُ بِالْقَصْدِ أَوْ لَا) أَيْ وَالتَّلَفُّظُ مَعَ إسْمَاعِ نَفْسِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ ق ل. (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ) وَلَوْ مَعَ آخِرِهَا ق ل (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَغْرَقِ. . إلَخْ) إلَّا إنْ فُسِّرَ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ اسْتِغْرَاقٌ. اهـ. ق ل عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>