الْعَطْفُ بِبَلْ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فَأَلْفٌ أَوْ أَلْفٌ بَلْ أَلْفٌ
(وَأَلْفٌ) أَيْ أَوْ يَقُلْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (فَوْقَهُ) أَلْفٌ (أَوْ مَعَهُ) أَلْفٌ (أَوْ تَحْتَهُ أَلْفٌ) أَوْ فَوْقَ أَلْفٍ أَوْ مَعَ أَلْفٍ أَوْ تَحْتَ أَلْفٍ (فَأَلْفًا) مِنْ الْأَلْفَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (دَعْهُ) أَيْ اُتْرُكْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَلْفٌ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْفَاءَ تَأْتِي لِغَيْرِ الْعَطْفِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ بِخِلَافِ أَنْت طَالِقٌ فَطَالِقٌ حَيْثُ يَقَعُ طَلْقَتَانِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ فَأَلْفٌ لَازِمٌ لِي أَوْ أَجْوَدُ مِنْهُ وَمِثْلُهُ لَا يَنْقَدِحُ فِي الطَّلَاقِ وَبِأَنَّ الْإِنْشَاءَ أَقْوَى وَأَسْرَعُ نُفُوذًا وَلِهَذَا يَتَعَدَّدُ بِالتَّلَفُّظِ بِهِ فِي يَوْمَيْنِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ الْفَرْقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ فَطَالِقٌ مَهْجُورَةٌ أَوْ لَا تُرَاجَعُ أَوْ خَيْرٌ مِنْك أَوْ نَحْوَهُ فَإِنْ أَرَادَ بِالْفَاءِ الْعَطْفَ لَزِمَهُ أَلْفَانِ كَمَا فِي الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ الِاسْتِدْرَاكَ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَيُعِيدُ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا فِي الْبَقِيَّةِ فَرُبَّمَا يُرِيدُ فَوْقَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ تَحْتَهُ أَلْفٌ لِي أَوْ يُرِيدُ فَوْقَهُ فِي الْجَوْدَةِ وَتَحْتَهُ فِي الرَّدَاءَةِ وَمَعَهُ فِي أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ لِمَا مَرَّ
وَ (لَوْ قَالَ) لِزَيْدٍ عَلَيَّ (أَلْفٌ، ثُمَّ أَلْفٌ) بِالْعَطْفِ بِ، ثُمَّ (أَوْ لَهُ) عَلَيَّ (أَلْفٌ وَأَلْفٌ) بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ (فَكَأَلْفٍ) أَيْ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (قَبْلَهُ) أَلْفٌ (أَوْ بَعْدَهُ أَلْفٌ) أَوْ قَبْلَ أَلْفٍ أَوْ بَعْدَ أَلْفٍ (فَذَا) أَيْ الْمُقَرُّ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (أَلْفَانِ) لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ وَالْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةَ الْمُغَايَرَةَ وَتَعَذُّرِ التَّأْكِيدِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ بِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْمَكَانِ فَيَتَّصِفُ بِهِمَا نَفْسُ الْأَلْفِ وَالْقَبْلِيَّةُ وَالْبَعْدِيَّةُ يَرْجِعَانِ إلَى الزَّمَانِ وَلَا يَتَّصِفُ بِهِمَا نَفْسُ الْأَلْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ وَلَيْسَ إلَّا الْوُجُوبُ عَلَيْهِ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى الرُّتْبَةِ وَغَيْرِهَا أَيْضًا قَالَ وَلَوْ سَلَّمَ فَلَا يَلْزَمُ رُجُوعُهُمَا إلَى الْوُجُوبِ فَقَدْ يُرِيدُ أَلْفٌ مَضْرُوبَةٌ قَبْلَ أَلْفٍ وَنَحْوَهُ وَلَوْ سَلَّمَ فَقَدْ يُرِيدُ لِزَيْدٍ أَلْفٌ قَبْلَ وُجُوبِ أَلْفٍ لِغَيْرِهِ (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ) أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ (اثْنَانِ) أَيْ دِرْهَمَانِ لِتَعَذُّرِ نَفْيِ مَا قَبْلُ بَلْ لِاشْتِمَالِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ نَفْيُ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَإِثْبَاتُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَاسْتَشْكَلَهُ بِأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ حَيْثُ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ فَإِذَا أَنْشَأَ طَلْقَةً، ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْهَا إلَى إنْشَاءِ طَلْقَتَيْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
لَفْظًا (قَوْلُهُ: فَأَلْفٌ) أَوْ قَفِيزُ حِنْطَةٍ (قَوْلُهُ: فَلِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنَّ قَصْدَ الِاسْتِئْنَافِ تَعَدَّدَ بِحَسَبِ الْمُرَادِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقُوا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَفِي بِعْتُك بِدِرْهَمٍ فَدِرْهَمُ الثَّمَنِ دِرْهَمَانِ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَأَشْبَهَ أَنْت طَالِقٌ فَطَالِقٌ كَذَا قَاسَهُ عَلَى الطَّلَاقِ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْلِ وَأَقَرَّهُ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ يُمْكِنُ أَنْ يَعْقُبَ بَعْضُهُ بَعْضًا بِخِلَافِ الشَّيْءِ إذَا بِيعَ بِدِرْهَمٍ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِدِرْهَمٍ آخَرَ قَالَ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ وَنَحْنُ نَلْتَزِمُهُ اهـ
مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ قَوْلِهِ: امْتَنَعَ بَيْعُهُ إلَخْ إذْ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ جَائِزَةٌ فَكَذَا قَبْلَ تَمَامِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَلْفَانِ) أَوْ أَلْفٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ فِي أَلْفٍ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ
(قَوْلُهُ يَرْجِعَانِ إلَى الزَّمَانِ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْمَكَانِ أَيْضًا كَمَا فِي دَارِ زَيْدٍ قَبْلَ دَارِ عَمْرٍو أَوْ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ رُجُوعُهُمَا لِلزَّمَانِ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَّصِفُ بِهِمَا نَفْسُ الْأَلْفِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا مَعْنَى لِاتِّصَافِ الْأَلْفِ بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْمَكَانِ إلَّا حُصُولَهُ فِيهِ وَمِثْلُ هَذَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الزَّمَانِ لِأَنَّ الْأَلْفَ تَتَّصِفُ بِالْحُصُولِ فِي الزَّمَانِ فَمَعْنَى أَلْفٍ قَبْلَهُ أَلْفٌ حَصَلَ أَلْفٌ فِي زَمَنٍ سَابِقٍ عَلَى زَمَانِ حُصُولِهِ وَكَذَا الْبَاقِي فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ رُجُوعُهُمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَبْلَ وَبَعْدَ صَرِيحَانِ أَوْ ظَاهِرَانِ فِي الزَّمَانِ فَالْحَمْلُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الرُّتْبَةِ وَغَيْرُهَا بَعِيدٌ وَالْحَمْلُ عَلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ مُنَافٍ لِعَلَيَّ الْمَوْضُوعَةِ لِلْإِلْزَامِ وَاحْتِمَالُ إرَادَةِ قَبْلَ وُجُوبِ دِرْهَمٍ لِغَيْرِهِ مُنَافٍ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: وَلَيْسَ كُلُّ احْتِمَالٍ مَقْبُولًا اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْجَوَابُ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَالْحَمْلُ عَلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ مُنَافٍ لِعَلَى الْمَوْضُوعَةِ لِلْإِلْزَامِ مُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَلْفِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ عَلَيَّ بِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَقَوْلُهُ: وَاحْتِمَالٌ إلَى قَوْلِهِ: مُنَافٍ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: لَهُ مُسَلَّمٌ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَلْفِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ قَوْلِهِ: لَهُ بِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبُ إلَخْ) الْجَوَابُ لِابْنِ الْمُقْرِي وَاعْتَرَضَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ إضْرَابًا فَلَيْسَتْ إضْرَابًا عَمَّا أَوْقَعَهُ مِنْ طَلْقَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ إضْرَابٌ عَنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى إيقَاعِهَا فَقَطْ وَيَكُونُ الَّذِي أَنْشَأَهُ بِذِكْرِهِ بَلْ طَلْقَةً ثَانِيَةً مَضْمُونَةً إلَى الَّتِي وَقَعَتْ أَوَّلًا لَا طَلْقَتَيْنِ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَبْعُدْ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ الْعَطْفِ) وَالْمُنَاسِبُ مِنْهُ هُنَا التَّفْرِيعُ أَيْ فَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُنِي أَلْفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَجْوَدُ مِنْهُ) أُؤَدِّيهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يُفَرَّقُ بِالِاحْتِيَاطِ لِلْإِبْضَاعِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلِذَا قَالَ وَمِثْلُهُ لَا يَنْقَدِحُ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَأْتِي اهـ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الطَّلَاقِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَضَاءِ بِهِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُ إنَّهُ لَا يُدَيَّنُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْفَرْقُ الثَّانِي فَإِنَّهُ فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْإِنْشَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ إخْبَارٌ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَتَعَذُّرِ التَّأْكِيدِ) مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الطَّلَاقُ عَلَى مَا اخْتَارَ م ر هُنَاكَ (قَوْلُهُ: يَرْجِعَانِ إلَى الزَّمَانِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَلِكَوْنِهِمَا صَرِيحَيْنِ أَوْ ظَاهِرَيْنِ فِي الزَّمَانِ