للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُمْكِنُ إنْشَاءُ إعَادَةِ الْأُولَى مَعَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ تَحَصُّلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ فَإِذَا أَخْبَرَ بِالْبَعْضِ، ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْ الْإِخْبَارِ بِهِ إلَى الْإِخْبَارِ بِالْكُلِّ جَازَ دُخُولُ الْبَعْضِ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ عَكَسَ فَقَالَ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ أَيْضًا فَإِنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْأَكْثَرِ لَا يُقْبَلُ، وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِيهِ هَذَا إذْ لَمْ يَخْتَلِفْ الْجِنْسُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُقَرَّ بِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَدِرْهَمٍ بَلْ دِينَارَانِ أَوْ عَيَّنَ الْمُقَرَّ بِهِ كَهَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ لِعَدَمِ التَّدَاخُلِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ: (وَأَوْجَبُوا بِذِكْرِ دِينَارَيْنِ مَكَانَ دِرْهَمَيْنِ) فِيمَا ذَكَرَ (ذَا) أَيْ الدِّرْهَمَ (وَذَيْنِ) أَيْ الدِّينَارَيْنِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيهِمَا، وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ وَكَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ اخْتِلَافُ النَّوْعِ وَالْوَصْفِ

(وَفِي) قَوْلِهِ: (لَهُ) عَلَيَّ (دَرَاهِمُ) بِالصَّرْفِ لِلْوَزْنِ (أَوْ دِرْهَمُ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ يَلْتَزِمُ) الْمُقِرُّ فِيهِمَا (ثَلَاثَةً) مِنْ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ فِي الْأُولَى وَمُقْتَضَى الْعَطْفِ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ يُؤَكِّدْ) فِيهِمَا (ثَانِي بِثَالِثٍ يَلْزَمْهُ دِرْهَمَانِ) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثَةُ فِيمَا عَدَا هَذِهِ بِأَنْ يُرِيدَ التَّكْرَارَ بِالْجَمِيعِ أَوْ لَا يُرِيدَ تَكْرَارًا وَلَا تَأْكِيدًا أَوْ يُرِيدَ بِالثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ التَّأْكِيدُ فِي هَاتَيْنِ لِعَدَمِ اتِّفَاقِ اللَّفْظَيْنِ فِي الْأُولَى وَلِتَخَلُّلِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ بِكَذَا دِرْهَمٍ الشَّخْصُ أَقَرْ رَفْعًا وَنَصْبًا) أَيْ بِرَفْعِ الدِّرْهَمِ وَبِنَصْبِهِ (وَبِوَقْفٍ) عَلَيْهِ (وَبِجَرِّ) لَهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ (مُكَرِّرٌ لَفْظُ كَذَا) كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٌ (أَوْ مُفْرَدُ) كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٌ (فَكَيْفَ كَانَ) الدِّرْهَمُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرِ مَا سَيَأْتِي يَلْزَمُهُ (دِرْهَمٌ لَا أَزْيَدُ) مِنْهُ لِكَوْنِ الدِّرْهَمِ تَفْسِيرًا لِمَا أَبْهَمَهُ بِقَوْلِهِ كَذَا، وَإِنْ اقْتَضَى النَّصْبُ لُزُومَ عِشْرِينَ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ عَدَدٍ مُفْرَدٍ يَنْصِبُ الدِّرْهَمَ عَقِبَهُ إذْ لَا نَظَرَ فِي تَفْسِيرِ الْمُبْهَمِ إلَى الْإِعْرَابِ بِدَلِيلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ مِائَةٍ بِقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْجَرِّ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَ أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: وَكَذَا دِرْهَمٍ كَيْفَ كَانَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: فَكَيْفَ كَانَ وَلَا لِقَوْلِهِ: لَا أَزْيَدُ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا قَبْلَهُمَا (إلَّا إذَا كَرَّرَهُ بِثُمَّا وَالْوَاوِ) أَيْ بِإِحْدَاهُمَا (نَاصِبًا) لِلدِّرْهَمِ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا، ثُمَّ كَذَا دِرْهَمًا أَوْ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا (فَإِنَّ الْحُكْمَا) فِي ذَلِكَ (أَنْ يُلْزِمُوهُ لِلَّذِي لَهُ أَقَرْ عَدَّ كَذَا) أَيْ عَدَدَهُ فَيَلْزَمُهُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمُبْهَمَيْنِ وَعَقَّبَهُمَا بِالدِّرْهَمِ مَنْصُوبًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِمُقْتَضَى الْعَطْفِ غَيْرَ أَنَّا نُقَدِّرُهُ فِي صِنَاعَةِ الْإِعْرَابِ تَمْيِيزًا لِأَحَدِهِمَا وَنُقَدِّرُ حَذْفَ مِثْلِهِ مِنْ الْآخَرِ وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ وَهُوَ يَعُودُ لِلْمُتَعَاطِفَاتِ قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا، ثُمَّ كَذَا، ثُمَّ كَذَا دِرْهَمًا أَوْ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ لِذَلِكَ

(قُلْتُ وَفِي هَذَا نَظَرْ) فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ بِذَلِكَ إلَّا دِرْهَمٌ أَيْضًا كَمَا هُوَ وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الدِّرْهَمَ تَفْسِيرٌ لِمَجْمُوعِ الْمُبْهَمَيْنِ أَوْ الْمُبْهَمَاتِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا نَظَرَ فِي التَّفْسِيرِ الْمُبْهَمِ إلَى الْإِعْرَابِ

(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (وَاحِدٌ) أَيْ دِرْهَمٌ (فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ) لَزِمَهُ (أَحَدْ) أَيْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ (لَا إنْ حِسَابًا) فُهِمَ مَعْنَاهُ (أَوْ مَعِيَّةً قَصَدْ) بِذَلِكَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْصِدَ الظَّرْفِيَّةَ (أَوْ يَقْصِدْ الْحِسَابَ دُونَ فَهْمِ) مَعْنَاهُ أَوْ يُطْلِقُ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَأَخَذَ بِالْيَقِينِ سَوَاءٌ قَصَدَ فِي الثَّانِيَةِ مَعْنَى الْحِسَابِ عِنْدَ أَهْلِهِ أَمْ لَا إذْ لَا يَصِحُّ قَصْدُ مَا لَا يَفْهَمُهُ، أَمَّا إذَا قَصَدَ الْحِسَابَ وَفُهِمَ مَعْنَاهُ فَيَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ أَوْ قَصَدَ الْمَعِيَّةَ بِأَنْ قَالَ قَصَدْت مَعَ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَهُ فَيَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَاصِلُ بِضَمِّهِمَا وَوَرَدَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: ٣٨] أَيْ مَعَهُمْ وَلَوْ قَالَ لَا إنْ حِسَابًا فُهِمَ مَعْنَاهُ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ: أَوْ يَقْصِدُ إلَى آخِرِهِ أَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ لَا إنْ حِسَابًا أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ: أَوْ يَقْصِدُ إلَى آخِرِهِ (وَ) يَجْرِي (فِي الطَّلَاقِ مِثْلُ هَذَا الْحُكْمِ) فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَقَعَ طَلْقَةٌ إلَّا إذَا قَصَدَ الْحِسَابَ وَفُهِمَ مَعْنَاهُ فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ أَوْ الْمَعِيَّةَ فَثَلَاثٌ (وَالْأَلْفُ فِي أَلْفٍ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ (وَدِرْهَمْ) بِالْإِسْكَانِ لِلْوَزْنِ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ (مُبْهَمُ) فَلَهُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَكَذَا كُلُّ مُبْهَمٍ عُطِفَ عَلَيْهِ مُبَيِّنٍ كَأَلْفٍ وَثَوْبٍ (لَا حَيْثُ لِتَمْيِيزٍ جَاءَ الدِّرْهَمُ) كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

أُخْرَيَيْنِ حَتَّى يَصِيرَ الْمُوقَعُ ثَلَاثًا وَكَأَنَّهُ يَصِيرُ مُنْشِئًا مُخْبِرًا مَعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّانِيَةِ الْأُولَى وَقَالَ وَهَذَا وَاضِحٌ اهـ

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اتِّفَاقِ اللَّفْظَيْنِ فِي الْأُولَى) وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: عَدَدٌ مُفْرَدٌ) احْتَرَزَ عَنْ الْمُرَكَّبِ كَأَحَدَ عَشَرَ وَأَخَوَاتِهِ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ يُنْصَبُ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: بِثُمَّ وَالْوَاوِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِالْفَاءِ إذَا أَرَادَهُ بِهَا كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ وَلَوْ قَالَ: كَذَا بَلْ كَذَا فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالثَّانِي شَيْئَانِ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ رَأَيْت زَيْدًا بَلْ زَيْدًا إذَا عَيَّنَ الْأَوَّلَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا عَيَّنَ غَيْرَهُ اهـ فَانْظُرْ الثَّانِيَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي أَلْفٍ بَلْ أَلْفٍ

(قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ لُزُومُ أَحَدٍ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْصِدُ الْحِسَابَ) قَدْ يَقْتَضِي صَنِيعُ الشَّارِحِ عَطْفَ هَذَا عَلَى مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: فِي الْجَمِيعِ) أَيْ قَصْدِ الظَّرْفِيَّةِ أَوْ قَصْدِ الْحِسَابِ دُونَ فَهْمٍ أَوْ الْإِطْلَاقِ بِرّ (قَوْلُهُ: مَعَ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَهُ) زَادَ لَهُ فِي تَصْوِيرِ قَصْدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَمْ يُحْمَلَا عَلَى غَيْرِهِ كَالرُّتْبَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ إنْشَاءُ إعَادَةِ الْأُولَى) لَعَلَّ الظَّاهِرَ لَا يُمْكِنُ إعَادَةُ إنْشَاءِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَكَسَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: وَبِجَرٍّ) أَيْ لَحْنًا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ بِأَنَّ كَذَا مِثْلُ كَمْ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَعِيَّةَ) أَيْ فَهِمَهَا أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>