للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْدَاهُمَا زَوْجَةً وَالْأُخْرَى فِرَاشًا فَلَا أَثَرَ لِلِاسْتِلْحَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ فَيَلْحَقُ صَاحِبَهُ بِحُكْمِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَيَكْفِي فِي إخْرَاجِ ذَلِكَ الِاقْتِصَارُ عَلَى غَيْرِ فِرَاشَيْنِ عَلَى مَا قَرَّرْتَهُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ فَإِنْ قَرَّرَ بِمَا قَرَّرَهُ شُرَّاحُ الْحَاوِي تَبَعًا لِغَيْرِهِمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا فِرَاشَيْنِ لِلسَّيِّدِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَتَا كَذَلِكَ فَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِالْفِرَاشِ لَا بِالِاسْتِلْحَاقِ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ زَوْجَةً أَوْ فَرْشًا ثَبَتَ الْإِيلَادُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُطَالَبُ بِالتَّعْيِينِ فَإِنْ عَيَّنَ فِي وَلَدِ الْأُخْرَى ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِيلَادُ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ: بِالِاسْتِيلَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْإِيلَادُ مُعَيَّنَيْنِ

(إذَا عَيَّنَ) الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ لَهُ مِنْ الْوَلَدَيْنِ (أَوْ) عَيَّنَهُ (مَنْ وَرِثَا) أَيْ وَارِثُ الْمُقِرِّ بَعْدَ مَوْتِهِ (فَقَائِفٌ) بَعْدَ مَوْتِ الْوَارِثِ أَوْ نَفْيِهِ النَّسَبَ أَوْ جَهْلِهِ لَهُ وَيَسْتَدِلُّ الْقَائِفُ بِالْعَصَبَةِ إنْ لَمْ يَرَ وَالِدَهُ (فَقُرْعَةٌ) بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ بَعْدَ فَقْدِ الْقَائِفِ أَوْ عَجْزِهِ لِمَعْرِفَةِ الْحُرِّيَّةِ فَقَطْ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (وَمَا عَدَتْ عِتْقًا) أَيْ مَا جَاوَزَتْ الْقُرْعَةَ عَتَقَ الْوَلَدُ وَأُمُّهُ إلَى نِسْبَةِ وَارِثِهِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِهَا فِي الْعِتْقِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الْوَلَدَيْنِ لِلِانْتِسَابِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي وَلَدٍ وَلَا قَائِفَ؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ هُنَا فِي أَنَّ الْوَلَدَ أَيُّهُمَا فَلَوْ اعْتَبَرْنَا الِانْتِسَابَ رُبَّمَا انْتَسَبَا جَمِيعًا إلَيْهِ فَلَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْحُرِّيَّةِ بَدَلَ الْعِتْقِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي يَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ يَكُونُ حُرَّ الْأَصْلِ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ (وَلِلْوَاحِدِ مِمَّنْ وَلَدَتْ أَصْغَرُ مِنْ مُعَيَّنٍ مَعَهُ عَتَقْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ لِوَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ أَمَتِهِ الْخَلِيَّةِ عَمَّا ذَكَرَ عَتَقَ مَعَ الْمُعَيَّنِ بِمَا مَرَّ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ إنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُقِرُّ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ الْمُعَيَّنِ

فَإِنْ ادَّعَاهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَعْتِقْ بَلْ يَرِقُّ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ

ــ

[حاشية العبادي]

فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَاخَذَ بِهِ حَالًا؛ لِأَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَثْبُتَ أَيْضًا أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ كَيْ تَعْتِقَ بِمَوْتِهِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى الزَّوْجِ، ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا كُلِّهِ إذَا ادَّعَى الْوَطْءَ وَالْوِلَادَةَ مِنْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ وَطْؤُهُ بِالْبَيِّنَةِ، أَمَّا لَوْ ثَبَتَ وَطْؤُهُ لَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ بِالْبَيِّنَةِ وَادَّعَى الْوَلَدَ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ ثَبَتَ النَّسَبُ وَأُمِّيَّةُ الْوَلَدِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَقَوْلُهُ: لَا بِالنَّظَرِ إلَى الزَّوْجِ هَلْ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ رَقِيقًا لَمْ تَتَخَيَّرْ إذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ فِرَاشَيْنِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَفْيَ كَوْنِهِمَا زَوْجَتَيْنِ وَفِرَاشَيْنِ صَادِقٌ مَعَ كَوْنِ إحْدَاهُمَا زَوْجَةً أَوْ فِرَاشًا

(قَوْلُهُ: مُعَيَّنَيْنِ) فَقَوْلُهُ: إذَا عُيِّنَ شَرْطٌ لِثُبُوتِهِمَا مُعَيَّنَيْنِ لَا لِأَصْلِ ثُبُوتِهِمَا

(قَوْلُهُ: وَأُمُّهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ السَّيِّدَ كَانَ قَدْ قَالَ عَلِقْت بِهِ فِي مِلْكِي أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا سَلَفَ، ثُمَّ إنَّ الْقُرْعَةَ تَخْرُجُ عَلَى الْوَلَدِ وَحْدَهُ أَوْ أُمِّهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُفْرَدَ الْأُمُّ بِقُرْعَةٍ بَعْدَ خُرُوجِهَا لِلْوَلَدِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَخْرُجَ لِلْجَارِيَةِ الْأُخْرَى بِرّ (قَوْلُهُ: إلَى نِسْبَةِ وَارِثِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَثْبُتُ بِهَا الْوَلَاءُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَا وَلَاءَ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الْوَلَدَيْنِ لِلِانْتِسَابِ) ظَاهِرُهُ خُصُوصًا مَعَ قَوْلِهِ: فَلَوْ اعْتَبَرْنَا الِانْتِسَابَ إلَخْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلِانْتِسَابِ هُنَا مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ حَصَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِمَا مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْقُرْعَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ) وَالِاسْتِيلَادُ يَثْبُتُ بِالْقُرْعَةِ إنْ صَدَرَ مِنْ السَّيِّدِ مَا يَقْتَضِيهِ أَيْ بِأَنْ اعْتَرَفَ بِاسْتِيلَادِهَا فِي مِلْكِهِ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ) قَدْ يُقَالُ وَهُنَاكَ رُبَّمَا انْتَسَبَ إلَيْهِمَا فَلَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْ انْتَسَبَ إلَيْهِمَا دَفْعَةً بَطَلَ الِانْتِسَابِ أَوْ مُرَتَّبًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: حُرَّ الْأَصْلِ) قَدْ يُرَادُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْ السَّيِّدِ مَا يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: عَمَّا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ النِّكَاحِ وَفِرَاشِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُعَيَّنِ أَيْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ إذَا عَيَّنَ أَوْ مَنْ وَرِثَا إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُقِرُّ الِاسْتِبْرَاءَ) كَذَا فِي الرَّوْضِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لَكِنَّ مَا قَالَهُ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ) كَأَنَّهُ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لِلْغَيْرِ هِيَ الزَّوْجَةُ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: لِلسَّيِّدِ) بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِذَلِكَ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِمَاءِ الْخِدْمَةُ اهـ ق ل قَالَ ع ش وَمِثْلُ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ الْإِقْرَارُ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ الْمُحْتَرَمَةَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا زَوْجَةً أَوْ فِرَاشًا إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا زَوْجَةٌ وَالْأُخْرَى لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ أَوْ أَحَدَهُمَا فِرَاشٌ لِلسَّيِّدِ وَالْأُخْرَى لَيْسَتْ زَوْجَةً لِغَيْرِهِ وَلَا فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ: وَإِحْدَى الْأَمَتَيْنِ لَيْسَتْ فِرَاشًا لِأَحَدٍ كَانَ أَوْلَى فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ أَوْ مُسْتَفْرَشَةً لِأَحَدٍ دُونَ الْأُخْرَى أَوْ كَانَتَا غَيْرَ مُزَوَّجَتَيْنِ وَلَا مُسْتَفْرَشَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ إحْدَاهُمَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِأَحَدٍ فَيَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ فِيهِمَا وَيَلْزَمُهُ التَّعْيِينُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَتَا مُزَوَّجَتَيْنِ أَوْ مُسْتَفْرَشَتَيْنِ لِأَحَدٍ إذْ يَصْدُقُ أَنَّ إحْدَاهُمَا فِرَاشٌ لِأَحَدِ الزَّوْجِ أَوْ هُوَ فَإِنَّ الِاسْتِلْحَاقَ حِينَئِذٍ لَغْوٌ، أَمَّا الْأُولَى فَلِلُحُوقِ وَلَدِ كُلٍّ بِزَوْجِهَا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَلَدَيْنِ لَاحِقٌ بِهِ بِالْفِرَاشِ لَا بِالْإِقْرَارِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُزَوَّجَةً وَالْأُخْرَى مُسْتَفْرَشَةً لَهُ فَإِنَّهُ إنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدَ الزَّوْجِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ وَلَدَ الْأَمَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ بِالْفِرَاشِ اهـ شَرْحُ إرْشَادٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَثْبُتُ مُعَيَّنًا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بَلْ يُطَالَبُ بِالتَّعْيِينِ) لِأَنَّ التَّعْيِينَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: يَكُونُ حُرَّ الْأَصْلِ) فِيهِ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْأَصْلِيَّةَ لَا تُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ وَهَذِهِ حُرِّيَّةٌ أَصْلِيَّةٌ فَلِمَ مُيِّزَتْ بِهَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>