للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالدَّاخِلُ غَاصِبٌ لِوُجُودِ الِاسْتِيلَاءِ، وَأَثَرُ قُوَّةِ الْمَالِكِ إنَّمَا هُوَ فِي سُهُولَةِ النَّزْعِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَبَ قَلَنْسُوَةَ مَلِكٍ، فَإِنَّهُ مُسْتَوْلٍ وَإِنْ سَهُلَ عَلَى الْمَلِكِ نَزْعُهَا وَخَرَجَ بِقَصْدِ اسْتِيلَائِهِ دُخُولُهُ لِيُنْظَرَ إلَيْهِ فَيَتَّخِذَ مِثْلَهُ، أَوْ يَشْتَرِيَهُ إنْ رَضِيَهُ، أَوْ نَحْوَهُمَا فَلَا اسْتِيلَاءَ، وَلَا ضَمَانَ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ حَالَ دُخُولِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ الْمَنْقُولَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكِهِ لِذَلِكَ، فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً فَلَا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهَا إلَى قَرِينَةٍ، وَعَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةٌ، فَلَا بُدَّ فِي تَحْقِيقِهَا مِنْ قَرِينَةِ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَمَا ذَكَرْته مِنْ الضَّمَانِ فِي رَفْعِ الْمَنْقُولِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا يَضْمَنُ، وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا يُوَافِقُهُ لَكِنْ لَوْ خَطَا بِهِ خُطُوَاتٍ فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي يَضْمَنُ وَفِي فَتَاوِيهِ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى

(يَضْمَنُ مَا الْقَدْرُ) مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ (حَاصِرٌ لَهُ وَيُمْكِنُ سَلَمُهُ) أَيْ: مَنْ اسْتَوْلَى عَلَى مَا ذُكِرَ يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ مِنْهُ، وَهُوَ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ، أَوْ وَزْنٌ، وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ (بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَا) أَيْ: الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ، وَاشْتَرَطُوا جَوَازَ السَّلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ تَلَفِهِ يُشْبِهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ

(وَذَاكَ) أَيْ: الْمِثْلِيُّ التَّالِفُ (كَالْعَصِيرِ صَارَ) فِي يَدِ الْغَاصِبِ (قَرْقَفَا) بِفَتْحِ الْقَافَيْنِ أَيْ: خَمْرًا، فَتَخْمِيرُهُ تَلَفٌ لَهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ، وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ إذَا كَانَ لَهُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قِيمَةٌ، وَإِلَّا كَانَ تَلَفُ الْمَاءِ بِمَفَازَةٍ، وَطُولِبَ بِهِ عِنْدَ نَهْرٍ، أَوْ الْجَمَدُ بِالصَّيْفِ وَطُولِبَ بِهِ فِي الشِّتَاءِ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ، وَيَضْمَنُ حُلِيَّ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا رِبَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعُقُودِ: وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِوَزْنِهَا مِنْ جِنْسِهَا، وَالصَّنْعَةَ بِقِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ نَقْدُ الْبَلَدِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْكُلَّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: هَذَا نَقْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ أَنَّ صَنْعَةَ الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي ذَاتِهِ الْوَجْهَانِ فِي التِّبْرِ فَإِنْ قُلْنَا: مُتَقَوِّمٌ ضَمِنَ الْكُلَّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، أَوْ مِثْلِيٌّ أَيْ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ وَالصَّنْعَةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَخَرَجَ بِمَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ مَا حَصَرَهُ عَدٌّ كَالْحَيَوَانِ، أَوْ ذِرَاعٌ كَالثِّيَابِ، وَبِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ الْغَالِيَةُ وَالْمَعْجُونُ وَنَحْوُهُمَا، وَشَمِلَ التَّعْرِيفُ الرَّدِيءَ نَوْعًا أَمَّا الرَّدِيءُ عَيْبًا فَلَيْسَ بِمِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ

(وَالْمِثْلُ إنْ يُفْقَدْ) فِي الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ (يَجِبْ أَقْصَى الْقِيَمْ) لِلْمَغْصُوبِ

ــ

[حاشية العبادي]

الضَّعِيفِ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يُعَارَضُ أَيْ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِلنِّصْفِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَصْدِ اسْتِيلَائِهِ) هَلْ يَخْرُجُ أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا؟ (قَوْلُهُ: فَلَا اسْتِيلَاءَ وَلَا ضَمَانَ) وَحَيْثُ لَمْ يُجْعَلْ غَاصِبًا لَمْ يَلْزَمْ أُجْرَةٌ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْقَاضِي فِي سَارِقٍ تَعَذَّرَ خُرُوجَهُ، فَتَخَفَّى فِي الدَّارِ لَيْلَةً لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مُشْكِلٌ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي نَظَرَ إلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ لَا أُجْرَةَ لَهَا غَالِبًا فَيَصِحُّ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: فَتَخْمِيرُهُ تَلَفٌ لَهُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمَالِكِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ تَخَلَّلَ الْعَصِيرُ رُدَّ مَعَ تَغْرِيمِ أَرْشِ النَّقْصِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِتَخَلُّلِهِ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ، ثُمَّ تَخَلَّلَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ وَعَلَى الْغَاصِبِ الْأَرْشُ إنْ كَانَ الْخَلُّ أَنْقَصَ قِيمَةً أَيْ: مِنْ الْعَصِيرِ لَكِنْ لَوْ تَخَلَّلَ بَعْدَ دَفْعِ الْغَاصِبِ الْمِثْلَ فَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ، وَهَذَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْمِثْلَ قَدْ يُؤْخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ تَبَيُّنِ عَدَمِ ضَمَانِ الْمِثْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَهُ قِيمَةٌ) هَذَا يَشْمَلُ الْقِيمَةَ التَّافِهَةَ، وَفِي اعْتِبَارِهَا تَرَدُّدٌ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: قِيمَةٌ إلَخْ) وَلَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فِيمَا إذَا طَالَبَهُ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ أَيْضًا م ر

(قَوْلُهُ: وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: فِي الْبَلَدِ) أَيْ: لِلْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَحَوَالِيهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ رَفْعَ الْمَنْقُولِ الثَّقِيلِ بِالْيَدِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ لَا يَكُونُ غَصْبًا، وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: بِقَصْدِهِ اسْتِيلَاءَهُ) هَذَا إذَا لَمْ يُزْعِجْهُ أَيْ: يُخْرِجْهُ، وَإِلَّا فَهُوَ غَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ مُغْنٍ عَنْ قَصْدِهِ اهـ شَرْحُ م ر؛ وَقَوْلُهُ أَيْضًا: بِقَصْدِهِ اسْتِيلَاءَهُ أَيْ: بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ سم عَلَى ع ش

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَى مَالِكِهِ بِالْأَخْذِ لِلنَّظَرِ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) ضَعِيفٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَهُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قِيمَةٌ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا م ر، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ هَذَا إنْ لَمْ يَنْقُلْ الْغَاصِبُ الْمِثْلِيَّ، وَإِلَّا كَانَ لِلْمَالِكِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ، وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أُجْرَةُ حَمْلِهِ إلَى مَحَلِّ الْغَصْبِ، وَإِنْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ اهـ قُوَيْسَنِيٌّ اهـ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: وَالْمِثْلُ أَنْ يُفْقَدَ إلَخْ) أَمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ، وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ الْجَوَازَ قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ مَا لَوْ يُوجَدْ مِنْهُمَا لَفْظٌ صَالِحٌ لِلتَّمْلِيكِ، وَالْأَظْهَرُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ اهـ سم عَلَى ع (قَوْلُهُ: فِي الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ) قَالَ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ: وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ شَاءَ مِنْ الْبِقَاعِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا مِنْ الْبَلَدَيْنِ، وَمَا بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا، فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ فِيهِمَا حِسًّا، أَوْ شَرْعًا غَرَّمَهُ أَقْصَى قِيَمِهَا اهـ فَقَوْلُهُ هُنَا: فِي الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ بَلَدُ الْمُطَالَبَةِ سَوَاءٌ كَانَ بَلَدَ الْغَصْبِ، أَوْ بَلَدًا آخَرَ نُقِلَ إلَيْهِ سَوَاءٌ تَلِفَ فِيهِ، أَوْ لَا تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>