(مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إلَى) يَوْمِ (الْفَقْدِ) لِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي لُزُومِ تَسْلِيمِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ الْفَقْدِ كَمَا لَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ تَلَفِ الْمُتَقَوِّمِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمِثْلُ مَوْجُودًا عِنْدَ التَّلَفِ فَلَمْ يُسْلِمْهُ حَتَّى فُقِدَ فَإِنْ كَانَ مَفْقُودًا عِنْدَهُ، فَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وُجُوبُ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ وَنُقِلَ فِيهَا عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَنْتَظِرَ وُجُودَ الْمِثْلِ، وَلَا يَأْخُذَ الْقِيمَةَ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (وَلَمْ يَرُدَّ وَاحِدٌ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمَالِكِ أَيْ: لَا يَرُدُّ الْغَاصِبُ الْمِثْلَ إذَا وَجَدَهُ لِيَسْتَرِدَّ الْقِيمَةَ الْمَأْخُوذَةَ لِلْفَقْدِ وَلَا الْمَالِكُ الْقِيمَةَ لِيَأْخُذَ الْمِثْلَ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِالْبَدَلِ كَالْيَسَارِ بَعْدَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ (كَأَنْ يَرْغَبَ) الْمَالِكُ (فِي قِيمَتِهِ) أَيْ: الْمِثْلِ الَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ (فِي غَيْرِ أَرْضِ التَّلَفِ) فَإِنَّهُ لَا رَدَّ مِنْهُمَا إذَا اجْتَمَعَا بِمَوْضِعِ التَّلَفِ لِمَا قُلْنَاهُ، وَهَذِهِ الْقِيمَةُ قِيمَةُ بَلَدِ الْغَصْبِ إنْ تَلِفَ فِيهِ، وَأَكْثَرُ قِيمَتَيْ بَلَدِ الْغَصْبِ وَالتَّلَفِ إنْ تَلِفَ فِي غَيْرِهِ (لَا كَإِبَاقِهِ) أَيْ: لَا كَالْقِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ لِإِبَاقِ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُمَا الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ إنَّمَا كَانَ لِلْحَيْلُولَةِ، وَقَدْ زَالَتْ، وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْعَبْدَ عَيْنُ الْحَقِّ الْمَغْصُوبِ، وَالْمِثْلَ بَدَلُهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّمْكِينِ مِنْ الرَّدِّ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْ: إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: لِلْمَغْصُوبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ: لِلْمِثْلِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ اهـ فَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ قُلْنَا: قَدْ تَتَفَاوَتُ قِيَمُ أَفْرَادُ النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمِثْلِيِّ مِنْ رَدَاءَةٍ، وَلَا عَيْنَ نَحْوَ كَوْنِ حَبَّاتِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ أَكْثَرَ، أَوْ أَشَدَّ بَيَاضًا، أَوْ حُمْرَةً وَذَلِكَ التَّفَاوُتُ لَا يَمْنَعُ الْمُمَاثَلَةَ، قُلْنَا: مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّفَاوُتُ لَا يَنْضَبِطُ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي اتِّحَادِ النَّوْعِ بِدَلِيلِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ مِثْلِيٌّ لِآخَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ مَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ عَنْهُ، وَإِنْ وُجِدَ التَّفَاوُتُ الْمَذْكُورُ
(قَوْلُهُ: لِلْمَغْصُوبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ: لِلْمِثْلِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ اهـ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْمَغْصُوبِ إلَى تَلَفِهِ ثُمَّ الْمِثْلُ إلَى فَقْدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَى يَوْمِ الْفَقْدِ) فَلَوْ كَانَ مَفْقُودًا حِينَ الْغَصْبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إلَى يَوْمِ تَلَفِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) بِخِلَافِ مَا لَيْسَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا كَانَ لِلْحَيْلُولَةِ) وَيَمْلِكُهَا مِلْكَ قَرْضٍ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ
[حاشية الشربيني]
أَقْصَى الْقِيَمِ) أَيْ: أَقْصَى قِيَمِ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي حَلَّ بِهَا الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ الْوَاحِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِلْمَغْصُوبِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ، فَإِنْ قِيلَ: أَنَّهُ كَالْمَوْجُودِ بِوُجُودِ مِثْلِهِ قِيلَ: اعْتِبَارُ الزِّيَادَةِ بَعْدَ تَلَفِهِ مَعَ وُجُودِ الْمِثْلِ الَّذِي لَا يُسَاوِيهَا مُشْكِلٌ لَا يُقَالُ: هِيَ لَا تُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فَلَمْ يُعْتَبَرْ أَقْصَى قِيمَةٍ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا لِلْمَغْصُوبِ) قَالَ السُّبْكِيُّ الْوُجُوبُ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً وَبِنَوْعِهَا، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْهَا إذَا تَلِفَتْ وَبِمَالِيَّتِهَا، وَهِيَ الْقِيمَةُ إذَا تَعَذَّرَ الْمِثْلُ، قَالَ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمِثْلِ لَا قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ اهـ نَاشِرِيٌّ، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَا بِقِيمَتِهَا، وَعِنْدَ تَلَفِهَا يَتَعَلَّقُ بِنَوْعِهَا لَا بِقِيمَتِهَا، وَلَا بِقِيمَتِهِ فَإِنْ فُقِدَ نَوْعُهَا انْتَقَلَ الضَّمَانُ لِقِيمَتِهِ لَا لِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَوْعِهَا لَا بِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ نَوْعُهَا مَفْقُودًا عِنْدَ تَلَفِهَا تَعَيَّنَ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِقِيمَتِهَا لَا بِقِيمَةِ نَوْعِهَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي لُزُومِ تَسْلِيمِهِ) فَالْمِثْلُ فِي حُكْمِ الْمِثْلِيِّ، فَمَا دَامَ مَوْجُودًا كَأَنَّ الْمِثْلِيَّ مَوْجُودٌ، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ عَنْهُ اُعْتُبِرَ أَقْصَى قِيَمِ الْمِثْلِيِّ، وَهُوَ الْمَغْصُوبُ لِتَفْوِيتِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَكَأَنَّهُ عِنْدَ فَوَاتِ الْمِثْلِ فَوَّتَ الْمِثْلِيَّ الْآنَ فَلِذَا اُعْتُبِرَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ تَلَفِهِ، فَقَوْلُ سم فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ اعْتِبَارُ الزِّيَادَةِ بَعْدَ تَلَفِهِ مَعَ وُجُودِ الْمِثْلِ الَّذِي لَا يُسَاوِيهَا مُشْكِلٌ مَمْنُوعٌ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِقِيمَةِ الْمِثْلِيِّ، فَإِنْ كَانَتْ لِقِيمَةِ الْمِثْلِ، فَظَاهِرُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ أَقْصَى قِيَمِ الْمَغْصُوبِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ أَقْصَى قِيَمِ الْمِثْلِ بِدُونِ يَاءٍ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَنَّ لِلْمَالِكِ إلَخْ) فَلَوْ انْتَظَرَ وَوَجَدَ الْمِثْلَ، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ الْغَاصِبُ حَتَّى تَلِفَ وَفُقِدَ، فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى تَلَفِ الْمِثْلِيِّ أَوْ الْمِثْلِ؟ ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَحَرِّرْهُ
(قَوْلُهُ: الَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ طَلَبَ الْقِيمَةَ فِي بَلَدٍ لَمْ يَحِلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ، وَكَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَالْقِيمَةُ هِيَ الْوَاجِبَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute