وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَغْصُوبِ تَلِفَ، وَبَاقِيهِ نَقَصَ وَكَمَا يَحْصُلُ الضَّمَانُ بِالْغَصْبِ بِتَقْدِيرِ التَّلَفِ يَحْصُلُ بِالْإِتْلَافِ مُبَاشَرَةً كَالْقَتْلِ، وَالْأَكْلِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، أَوْ تَسَبُّبًا (كَفَتْحِهِ) الْبَابَ (عَنْ غَيْرِ عَاقِلٍ) كَطَيْرٍ وَبَهِيمَةٍ وَعَبْدٍ لَا تَمْيِيزَ لَهُ (فَلَمْ يَلْبَثْ) بِأَنْ خَرَجَ فِي الْحَالِ وَضَاعَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ حَالًا يُشْعِرُ بِتَنْفِيرِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ بَعْدَ وُقُوفِهِ سَاعَةً؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ، أَمَّا فَتْحُهُ عَنْ الْعَاقِلِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ اعْتَادَ الْإِبَاقَ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الِاخْتِيَارِ، فَخُرُوجُهُ مُحَالٌ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ بِالْفَتْحِ أَيْضًا كُلَّ مَا يُعْقِبُهُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَثَبَتْ هِرَّةٌ حَالَ الْفَتْحِ، وَدَخَلَتْ وَقَتَلَتْ الطَّائِرَ، أَوْ اضْطَرَبَ الْقَفَصُ حَالَ الْخُرُوجِ وَسَقَطَ فَانْكَسَرَ، أَوْ كَسَرَ الطَّائِرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَارُورَةً، أَوْ كَانَ بِجَنْبِ حِمَارٍ جِرَابُ شَعِيرٍ مَشْدُودُ الرَّأْسِ، فَفَتَحَهُ فَأَكَلَهُ الْحِمَارُ فِي الْحَالِ
(وَفَتْحِ) أَيْ: وَكَفَتْحِ (زِقِّ مَالٍ مُحْتَرَمْ) مَائِعٍ حَيْثُ (يَسْقُطُ لِلْبَلِّ) أَيْ: لِبَلِّ أَسْفَلِهِ (بِمَا تَقَطَّرَا) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ يُؤَثِّرُ فِي التَّقَاطُرِ، وَالتَّقَاطُرُ فِي الِابْتِلَالِ، وَالِابْتِلَالُ فِي السُّقُوطِ، وَخَرَجَ بِالْمَالِ الْمُحْتَرَمِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي غَيْرُ الْمَالِ وَالْمَالُ غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ، فَلَا ضَمَانَ فِيهِمَا وَهُوَ وَاضِحٌ (أَوْ ذَابَ) أَيْ: وَكَأَنْ فَتَحَ زِقَّ مَالٍ مُحْتَرَمٍ جَامِدٍ فَذَابَ مَا فِيهِ (بِالشَّمْسِ) وَخَرَجَ مِنْهُ وَضَاعَ لِلْعِلْمِ بِشُرُوقِهَا الْمُؤَثِّرِ فِي الْإِخْرَاجِ، فَيَقْصِدُ بِالْفَتْحِ وَكَذَا لَوْ أَزَالَ أَوْرَاقَ الْعِنَبِ فَأَفْسَدَتْهُ الشَّمْسُ سَوَاءٌ حَضَرَ الْمَالِكُ، وَأَمْكَنَهُ التَّدَارُكُ فَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا، وَلَوْ ذَبَحَ شَاةً، أَوْ حَمَامَةً فَهَلَكَ وَلَدُهَا لِفَقْدِ مَا يَعِيشُ بِهِ ضَمِنَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مَاءً يَعِيشُ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِ غِذَائِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَحْرُمُ تَرْكُهُ بِلَا مُؤْنَةٍ بِخِلَافِ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ (وَحَيْثُ أَسْعَرَا سِوَاهُ) أَيْ: أَوْقَدَ غَيْرُ فَاتِحِ الزِّقِّ نَارًا بِقُرْبِهِ فَذَابَ مَا فِيهِ، وَخَرَجَ وَضَاعَ (فَهُوَ) دُونَ الْفَاتِحِ (ضَامِنٌ) ؛ لِأَنَّ إيقَادَهُ النَّارَ بِقُرْبِهِ تَصَرُّفٌ فِيهِ بِالتَّضْيِيعِ وَتَسَبُّبٌ إلَى إتْلَافِهِ (لَا إنْ سَقَطْ بِالرِّيحِ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَضَاعَ) وَلَوْ بِمَوْتِهِ بِصَدْمِ جِدَارٍ لَهُ (قَوْلُهُ: مُحَالٌ عَلَيْهِ) أَيْ: الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: حَالَ الْفَتْحِ) فِيهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا عَلِمَ بِحُضُورِهَا حِينَ الْفَتْحِ، وَإِلَّا كَانَتْ كَرِيحٍ طَرَأَ بَعْدَهُ لَا يُقَالُ: لَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِحُضُورِهَا إذْ الضَّمَانُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي ضَمَانِ الْمُبَاشَرَةِ بِخِلَافِ ضَمَانِ التَّسَبُّبِ كَمَا هُنَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ تَقْيِيدُ الضَّمَانِ فِي فَتْحِ جِرَابِ الشَّعِيرِ، فَأَكَلَهُ الْحِمَارُ فِي الْحَالِ بِمَا إذَا عَلِمَ بِحُضُورِ الْحِمَارِ حَالَ الْفَتْحِ، بَلْ قَضِيَّتُهُ أَيْضًا تَقْيِيدُ الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ سُقُوطِ الزِّقِّ بِالرِّيحِ الْهَابَّةِ عِنْدَ الْفَتْحِ بِمَا إذَا عَلِمَ هُبُوبَهَا حِينَ الْفَتْحِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ أَخَذْته هِرَّةٌ بِمُجَرَّدِ الْفَتْحِ، وَقَتَلَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ الْقَفَصَ أَوْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ
(قَوْلُهُ: أَوْ كَسَرَ الطَّائِرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَارُورَةً) قَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ، فَأَكَلَتْ عَلَفًا، وَكَسَرَتْ إنَاءً لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْحَلِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا الْمُتْلِفَةُ اهـ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ نَظِيرَ مَا ذُكِرَ فِي الطَّائِرِ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى الْبَهِيمَةِ بَابًا فَتَكْسِرُهُ حَالَ خُرُوجِهَا فِي الْحَالِ، أَوْ تَكْسِرُ إنَاءً عِنْدَ الْبَابِ، وَالْوَجْهُ هُنَا الضَّمَانُ، وَنَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي الْبَهِيمَةِ أَنْ يَحِلَّ الطَّائِرَ فَيُتْلِفُ شَيْئًا مِنْ نَحْوِ حَبٍّ أَوْ قَارُورَةٍ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَالْوَجْهُ هُنَا عَدَمُ الضَّمَانِ، بَلْ بِالْأَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ فِعْلُهُ كَالْفَتْحِ وَالْحَلِّ يُلْجِئُ الْحَيَوَانَ عَادَةً إلَى ذَلِكَ الْإِتْلَافِ بِأَنْ كَانَ الْإِتْلَافُ مِنْ لَازِمِ الْفِعْلِ عَادَةً ضَمِنَ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَلَا أَوْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الطَّيْرِ وَالْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّ لِلطَّيْرِ عِنْدَ الْفَتْحِ عَلَيْهِ مِنْ الْهَيَجَانِ الْمُؤَثِّرِ مَا لَيْسَ لِلْبَهِيمَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: حَالَ خُرُوجِهِ) أَيْ: فِي الْحَالِ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا طَارَ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: السَّابِقِ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ بَعْدَ وُقُوفِهِ سَاعَةً، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَضْمَنْهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ طَيَرَانِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاحْذَرْ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ سم
(قَوْلُهُ: بِالشَّمْسِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ حَرَارَةٍ إلَخْ مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ اهـ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الرِّيحُ عَارِضًا بَعْدَ الْفَتْحِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي السُّقُوطِ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ، وَلَا يَبْعُدُ التَّسْوِيَةُ فَلَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ سَقَطَ بِالرِّيحِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ جُهِلَ الْحَالُ فَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ تَرْجِيحَ هَذَا
ــ
[حاشية الشربيني]
اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: كَفَتْحِهِ إلَخْ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الطَّيَرَانِ إلَى التَّلَفِ اهـ حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِجَنْبِ حِمَارٍ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَّ الْحِمَارُ فَأَكَلَ عَلَفًا، أَوْ كَسَرَ إنَاءً فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي التَّالِفِ بَلْ فِي الْمُتْلِفِ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر قَالَ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَسَرَ الطَّائِرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَارُورَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ ضَرُورَةِ الْفَتْحِ عَادَةً كَمَا لَوْ فَتَحَ عَلَى الْبَهِيمَةِ بَابًا فَكَسَرَتْهُ حَالَ خُرُوجِهَا، أَوْ كَسَرَتْ إنَاءً عِنْدَ الْبَابِ، وَلَوْ فَتَحَ بَابًا عَنْ طَيْرٍ، فَأَتْلَفَ شَيْئًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ الضَّمَانِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْإِتْلَافُ مِنْ ضَرُورَةِ الْفَتْحِ، أَوْ الْحَلِّ عَادَةً ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا فَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ اهـ عَنْ م ر
(قَوْلُهُ: فَفَتَحَهُ فَأَكَلَهُ الْحِمَارُ) أَيْ: فَيَضْمَنُهُ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ وَلَا يُنَافِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الصِّيَالِ مِنْ كَوْنِ الْإِتْلَافِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي دَابَّةٍ مَنْسُوبٍ حِفْظُهَا إلَيْهِ، فَالتَّلَفُ فِيهِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْحِفْظِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَتَأَمَّلْهُ، فَإِنَّ بِهِ يُجْمَعُ مَا تَنَاقَضَ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: بِالشَّمْسِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الشَّمْسُ طَالِعَةً حَالَ الْفَتْحِ، أَوْ كَانَ هُنَاكَ غَيْمٌ لِلْجَزْمِ بِوُجُودِ الشَّمْسِ فِي الْأُولَى، وَزَوَالِ الْغَيْمِ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَوْنُ الْإِذَابَةِ بِهَا تُقْصَدُ عَلَى مُرُورِ الزَّمَانِ بِخِلَافِ الرِّيحِ، فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَهُبُّ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَشْعَرَ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِوُجُودِ الزَّقِّ عَلَى قِيَاسِ مَا شَرَطَ فِي الْهِرَّةِ حَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ دُونَ الْفَاتِحِ) لِقَطْعِهِ أَثَرَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الرِّيحِ الْهَابَّةِ وَالشَّمْسِ فَإِنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْقَطْعِ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: بِالرِّيحِ