الْهَابَّةِ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَخَرَجَ مَا فِيهِ وَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاتِحِ إذْ لَا يَقْصِدُ بِالْفَتْحِ هُبُوبَ الرِّيحِ أَمَّا سُقُوطُهُ بِالْهَابَّةِ عِنْدَ الْفَتْحِ فَمُضَمَّنٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ (أَوْ قَدْ فَتَحَ الْحِرْزَ فَقَطْ) أَيْ: وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا بَلْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ (أَوْ دَلَّ مَنْ يَسْرِقُ شَيْئًا) أَيْ: عَلَيْهِ (فَسَرَقْ) أَيْ: فَسَرَقَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاتِحِ وَالدَّالِّ لِانْقِطَاعِ التَّسَبُّبِ بِالْمُبَاشَرَةِ (أَوْ ضَاعَ شَيْءٌ عِنْدَهُ) كَأَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ فَضَاعَ لِانْتِفَاءِ التَّسَبُّبِ (أَوْ دُونَ حَقْ يَحْبِسُهُ) التَّقْيِيدُ بِدُونِ حَقٍّ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: أَوْ حَبَسَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (فَهَلَكَتْ مَاشِيَتُهْ) جُوعًا أَوْ عَطَشًا بِسَبَبِ حَبْسِهِ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَالِ
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ: لَوْ أَرَادَ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى زَرْعِهِ، فَمَنَعَهُ ظَالِمٌ مِنْ السَّقْيِ فَفَسَدَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ فَتَحَ الزِّقَّ عَنْ جَامِدٍ ذَابَ بِالشَّمْسِ وَضَاعَ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت الْأَصَحُّ فِي صُورَتَيْ الْحَبْسِ وَالسَّقْيِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَالِ انْتَهَى وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَهَلَاكِ وَلَدِ الشَّاةِ إذَا ذُبِحَتْ أَنَّهُ هُنَاكَ أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنَ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ غَصَبَ الْأُمَّ فَتَبِعَهَا الْعِجْلُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ طَائِرٌ عَلَى جِدَارِهِ فَنَفَّرَهُ فَإِنْ رَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ، وَلَوْ فِي هَوَاءِ دَارِهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَائِهِ
(وَالْبُضْعُ وَالْحُرُّ مَعًا) بِزِيَادَةِ مَعًا لِلتَّأْكِيدِ بِمَعْنَى جَمِيعًا (مَنْفَعَتُهْ) أَيْ: مَنْفَعَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ) أَيْ: بِتَفْوِيتِهَا لَا بِفَوَاتِهَا فَيَجِبُ بِوَطْءِ الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ مَهْرُهَا مَا لَمْ تَكُنْ طَائِعَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ جَاهِلَةً، لَكِنَّهَا مُقَصِّرَةٌ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَجَبَ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، فَلَوْ حَبَسَهَا وَلَمْ يَطَأْهَا لَمْ يَضْمَنْ مَنْفَعَةَ بِضْعِهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْمَغْصُوبَةِ وَدَعْوَى كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ نِكَاحَهَا عَلَيْهَا لَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَلِأَنَّهَا تُسْتَحَقُّ اسْتِحْقَاقَ ارْتِفَاقٍ لِلْحَاجَةِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ نَقْلَهَا أَصْلًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ اسْتِحْقَاقَ مِلْكٍ تَامٍّ، وَيَجِبُ بِاسْتِعْمَالِ الْحُرِّ أُجْرَتُهُ، فَلَوْ حَبَسَهُ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ لَمْ تَجِبْ أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، فَمَنَافِعُهُ تَفُوتُ تَحْتَ يَدِهِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُكْتَرِي الْحُرِّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ، وَأَنَّهُ لَا تَتَقَرَّرُ أُجْرَتُهُ إذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ لَهُ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَفَّالُ إلَّا أَنَّ الْأَكْثَرِينَ خَالَفُوهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَأَنَّهُمْ بَنَوْا الْأَمْرَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَمَحَلُّ ضَمَانِ تَفْوِيتِ مَا ذَكَرَ حَيْثُ لَا رِدَّةَ مُتَّصِلَةً بِالْمَوْتِ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِهَا لَوْ أَكْرَهَ أَمَةً
ــ
[حاشية العبادي]
مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا اهـ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ (فَرْعٌ)
حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ بِحَلِّهِ ضَمِنَ أَوْ بِحَادِثِ رِيحٍ أَيْ: أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَادِثٌ فَوَجْهَانِ اهـ أَيْ: أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ الضَّمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ أَحَدُ الْمُتْلِفَاتِ، وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ هُنَا (قَوْلُهُ: الْهَابَّةِ) أَوْ نَحْوِهَا كَعَارِضِ زَلْزَلَةٍ وَوُقُوعِ الطَّائِرِ (قَوْلُهُ: فَضَاعَ) قَالَ فِي الْعُبَابِ قَبْلَ مُكْنَةِ رَدِّهِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: فَضَاعَ يَنْبَغِي قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ لِمَالِكِهِ بِإِعْلَامِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ: لَمْ يَضَعْ يَدَهُ، فَإِنْ وَضَعَهَا عَلَيْهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَائِهِ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِنَحْوِ زَرْقِهِ؛ لِأَنَّهُ: حِينَئِذٍ صَائِلٌ
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى جَمِيعًا) أَيْ: لَا بِمَعْنَى الْمُقَارَنَةِ الزَّمَانِيَّةِ لِعَدَمِ اتِّجَاهِهَا هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: لَا بِفَوَاتِهَا) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَوْ أَوْصَى بِمَنَافِعِ عَبْدِهِ أَبَدًا، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ، أَوْ أَجَّرَ شَخْصٌ عَبْدَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ، قَالَ: فَلَوْ حَبَسَهُ حَابِسٌ مُدَّةً فَوَّتَ فِيهَا الْمَنَافِعَ، فَالْأَشْبَهُ الضَّمَانُ اهـ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ نَقَلَ حُرًّا كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا بِالْقَهْرِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَنْقُولِ غَرَضٌ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ وَاحْتَاجَ إلَى مُؤْنَةٍ فَهِيَ عَلَى النَّاقِلِ لِتَعَدِّيهِ
(فَرْعٌ)
لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ مُكْرَهَةً وَلَكِنْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَهَلْ إذْنُهُ كَرِضَاهَا؟ وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ الْمُصَحَّحِ فِي وَطْءِ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْوُجُوبُ بِرّ (قَوْلُهُ: فِي بَابِهَا) أَيْ: الرِّدَّةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْهَابَّةِ بَعْدَ الْفَتْحِ) مِثْلُ الرِّيحِ الْمَذْكُورَةِ وُقُوعُ الطَّائِرِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ وُقُوعَهُ لَمَّا كَانَ بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُ لَا يُقْصَدُ بِالْفَتْحِ بِخِلَافِ إخْرَاجِ الطَّائِرِ لَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَإِنَّهُ فِعْلٌ لَهُ يُقْصَدُ أَيْ: يَصِحُّ قَصْدُهُ مِنْ الْفَتْحِ فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامَيْ م ر كَحَجَرٍ وَقَوْلِ سم: هَذَا: أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَ إخْرَاجِهِ لَهُ وَالسُّقُوطِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْتَضِ التَّسَاوِي فِي الْحُكْمِ اقْتَضَى عَكْسَهُ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ إلَخْ) وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ لَكِنْ يَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا (قَوْلُهُ: أَيْضًا مَا لَمْ تَكُنْ طَائِعَةً) فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْمَهْرَ لِلسَّيِّدِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ بِمُطَاوَعَتِهَا قُلْنَا: وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ عَهِدَ تَأْثِيرَهُ بِفِعْلِهَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ م ر
(قَوْلُهُ: مَهْرُ ثَيِّبٍ، وَأَرْشُ بَكَارَةٍ) هُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ صَحَّحَ السُّبْكِيُّ وُجُوبَ مَهْرِ بِكْرٍ، وَأَرْشِ بَكَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَمْتَعَ بِبِكْرٍ وَأَزَالَ الْبَكَارَةَ وَلَا يَتَدَاخَلَانِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُهَا الْحُرَّةُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ بِلَا أَرْشٍ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَمَهْرُ بِكْرٍ، وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَفِيهِ يَتَضَاعَفُ غُرْمُ الْبَكَارَةِ لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَاَلَّذِي مَرَّ أَنَّ وَطْءَ الْمُشْتَرِي فِيهِ جِهَتَانِ جِهَةُ كَوْنِ عَقْدِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَمْلِكُ فَضَمَّنَّاهُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ وَطِئَ بِلَا نَقْدِ مَهْرِ بِكْرٍ، وَجِهَةُ كَوْنِ الشِّرَاءِ فَاسِدًا، فَالْإِزَالَةُ وَقَعَتْ مَعَ فَسَادِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا فَضَمَّنَّاهُ أَرْشَ بَكَارَةٍ، وَأَمَّا هُنَا فَالْجِهَةُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ وَضْعُ الْيَدِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَالْغَاصِبِ لِفَسَادِ عَقْدِهِ إجْمَاعًا اهـ بَعْضُ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ) وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ مُشْتَرِيًا مِنْ غَاصِبٍ، وَقَوْلُهُمْ: الْوَطْءُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يُوجِبُ مَهْرَ بِكْرٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ فِي الْمُسْتَنِدِ إلَى عَقْدٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا اهـ ع ش آخَرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقَّ الْمَنْفَعَةِ بِإِجَارَةٍ وَلِذَا تُضْمَنُ حِينَئِذٍ بِالتَّفْوِيتِ