مُرْتَدَّةً عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ مُرْتَدًّا عَلَى عَمَلٍ، وَمَاتَا عَلَى الرِّدَّةِ لَا مَهْرَ لَهَا، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْمُرْتَدِّ، أَوْ وَقْفِهِ (بَلْ غَيْرُهُمَا) أَيْ: غَيْرُ الْبِضْعِ وَالْحُرِّ مِمَّا لَهُ مَنْفَعَةٌ تُؤَجَّرُ
(فَبِالْفَوَاتِ) تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُ كَمَا تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ، فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا، أَوْ مَا يُقْصَدُ لِلشَّمِّ كَمِسْكٍ وَأَمْسَكَهُ مُدَّةً لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ، فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يُحْسِنُ صِنَاعَاتٍ لَزِمَهُ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا أُجْرَةً لَا أُجْرَةُ الْكُلِّ، أَمَّا مَا لَا تُؤَجَّرُ مَنْفَعَتُهُ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ وَمَقْبَرَةٍ وَعَرْفَةٍ فَتُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ لَا بِالْفَوَاتِ (لَا) الْمَنْفَعَةِ (مِنْ الْكَلْبِ) وَلَوْ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِتَفْوِيتٍ وَلَا فَوَاتٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ (وَمَا صَادَ) هـ الْكَلْبُ الْمَغْصُوبُ بِإِرْسَالِ الْغَاصِبِ مِلْكٌ (لِغَاصِبٍ) الْكَلْبِ لَا لِصَاحِبِهِ إذْ الْجَارِحَةُ آلَةٌ كَالشَّبَكَةِ، وَالْقَوْسِ وَكَالْكَلْبِ فِي هَذَا سَائِرِ الْجَوَارِحِ (وَمَا الْعُبَيْدُ) بِالتَّصْغِيرِ أَيْ: وَلَيْسَ مَا صَادَهُ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ
(كَذَا) أَيْ: لِغَاصِبِهِ بَلْ لِمَالِكِهِ لِاسْتِقْلَالِ الْعَبْدِ بِالصَّيْدِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَمَرَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ بِذَلِكَ فَفَعَلَ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الصَّيْدَ لِمَالِكِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّهُ آدَمِيٌّ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ
(وَلَا يُسْقِطُ أَجْرًا صَيْدُ) أَيْ: وَلَا يُسْقِطُ أُجْرَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ صَيْدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ مَالِكِهِ رُبَّمَا صَرَفَ مَنْفَعَتَهُ إلَى مَا تَزِيدُ أُجْرَتُهُ عَلَى أَضْعَافِ قِيمَةِ الصَّيْدِ (أَوْ أَرْشُ نَقْصٍ) أَيْ: وَلَا يُسْقِطُ أُجْرَةَ الْمَغْصُوبِ أَرْشُ نَقْصِهِ الْحَاصِلُ تَحْتَ يَدِ الْغَاصِبِ، فَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى انْمَحَقَتْ أَجْزَاؤُهُ أَوْ انْمَحَقَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ بَلْ تَجِبُ مَعَ الْأَرْشِ لِفَوَاتِ الْعَيْنِ، وَالْمَنْفَعَةِ فَتَجِبُ لِمَا قَبْلَ النَّقْصِ أُجْرَةُ مِثْلِ السَّلِيمِ، وَلِمَا بَعْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمَعِيبِ (أَوْ ضَمَانُ فِرْقَتِهْ) أَيْ: وَلَا يُسْقِطُ أُجْرَتَهُ أَيْضًا ضَمَانُ فُرْقَتِهِ لِإِبَاقِهِ، أَوْ ضَلَالِهِ فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ، أَوْ ضَلَّ لَمْ يُسْقِطْ ضَمَانُ الْفُرْقَةِ أُجْرَتَهُ، بَلْ يَجِبَانِ مَعًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْغَصْبِ بَاقٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ لِلْفُرْقَةِ، فَتُضْمَنُ الْأُجْرَةُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ (وَالزَّيْتَ وَالْعَصِيرَ) بِالنَّصْبِ بِيَضْمَنُ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ (نَقْصَ قِيمَتِهْ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ (لَا عَيْنِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: وَيَضْمَنُ نَقْصَ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ نَقَصَتْ دُونَ عَيْنِهِ بِإِغْلَائِهِ
(وَ) كَذَا (الْعَكْسُ) أَيْ: يَضْمَنُ نَقْصَ عَيْنِهِ إنْ نَقَصَتْ دُونَ قِيمَتِهِ (بِالْإِيقَادِ) عَلَيْهِ بِالنَّارِ أَيْ: بِإِغْلَائِهِ كَمَا يَضْمَنُهُمَا مَعًا إنْ نَقَصَتَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَلَوْ غَصَبَ صَاعَيْ زَيْتٍ قِيمَتُهُمَا دِرْهَمَانِ، وَأَغْلَاهُمَا فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا فَقَطْ بِأَنْ عَادَتْ إلَى دِرْهَمٍ رَدَّهُمَا مَعَ دِرْهَمٍ، أَوْ عَيْنُهُمَا فَقَطْ، أَوْ مَعَ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ عَادَ إلَى صَاعٍ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ، أَوْ أَقَلُّ رَدَّهُ مَعَ صَاعٍ آخَرَ، وَرَدَّ أَيْضًا نَقْصَ قِيمَةِ الْبَاقِي إنْ نَقَصَتْ، فَلَوْ عَادَتْ قِيمَتُهُ إلَى ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ رَدَّ مَعَ ذَلِكَ ثُلُثَ دِرْهَمٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَيَكْفِيهِ رَدُّهُمَا، وَسَائِرُ الْأَدْهَانِ كَالزَّيْتِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي الْعَصِيرِ هُوَ مُقْتَضَى تَرْجِيحِ الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْفَلَسِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَا يُقْصَدُ لِلشَّمِّ) لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ: بِحُسْنِ صِنَاعَاتٍ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا وَقَدْ يُقَالُ: لَا بُدَّ مِنْ إحْسَانِهِ كَخِدْمَةٍ مَا فَانْظُرْ مَا لَوْ كَانَ مَجْنُونًا لَا تَمْيِيزَ لَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ إحْسَانُ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: لَا أُجْرَةُ الْكُلِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ عَمَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا لَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ مَعَهُ بِصِيغَةٍ أُخْرَى فَإِنْ أَمْكَنَ كَالْخِيَاطَةِ مَعَ الْحِرَاثَةِ ضَمِنَ الْأُخْرَى أَيْضًا قَالَ: وَسَيَأْتِي فِي صَيْدِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحُرِّ، أَمَّا الْحُرُّ فَلَا يَضْمَنُ فِيهِ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِ مَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَسْجِدٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَمَنْ شَغَلَ بَعْضَ الْمَسْجِدِ بِمَتَاعٍ فَإِنْ أَغْلَقَهُ وَجَبَ أُجْرَةُ كُلِّ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَمَوْضِعِ الْمَتَاعِ فَقَطْ، وَمَصْرِفُهَا مَصَالِحُ الْمَسْجِدِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَمَصْرِفُهَا مَصَالِحُ الْمَسْجِدِ نَقَلَهُ فِي تَجْرِيدِهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِمَا ثُمَّ قَالَ: وَأَفْتَى ابْنُ رَزِينٍ بِأَنَّهَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ: مِنْ مَصَالِحِهِمْ، وَالْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ وَقْفَ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِنْ بَابِ التَّحْرِيرِ وَكَالْعِتْقِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، أَوْ الْمُسْلِمُونَ يَمْلِكُونَ مَنْفَعَتَهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ نَحْوَ الرِّبَاطِ وَالْمَقْبَرَةِ كَالْمَسْجِدِ، وَأَنَّ نَحْوَ الشَّارِعِ وَعَرَفَةَ تُصْرَفُ أُجْرَتُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَهَا فِي مَصَالِحِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ أَجْرُ صَيْدٍ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ إلَّا الصَّيْدُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَحْذُوفٍ) هُوَ ضَمِيرُ الْقِيمَةِ الْفَاعِلِ بِنَقَصَتْ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمَتْنِ: لَا عَيْنُهُ مَرْفُوعًا بِرّ (قَوْلُهُ: وَالْعَكْسُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ نَجَّسَ أَيْ: الْغَاصِبُ زَيْتَهُ أَيْ: زَيْتَ الْمَالِكِ غَرِمَ بَدَلَهُ، وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِزَيْتِهِ اهـ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَبِهِ تَنْدَفِعُ الْقَضِيَّةُ الْآتِيَةُ
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ وَإِنْ نَاسَبَ مَا إذَا أَكْرَهَ مُرْتَدًّا عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَالَ مِلْكُهُ، أَوْ وَقَفَ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُ كَأُجْرَةِ عَمَلِهِ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُ مَا لَوْ أَكْرَهَ مُرْتَدَّةً عَلَى الْوَطْءِ إذْ مَالِكُهَا غَيْرُ مُرْتَدٍّ، وَلِذَا يَلْزَمُ غَاصِبَ الْمُرْتَدِّ رَدُّهُ، وَضَمَانُهُ إذَا مَاتَ عِنْدَهُ، وَكَذَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا قَالَهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ شَيْخِ مَشَايِخِهِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ بِأَنَّهَا لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهَا بِوَجْهٍ حَتَّى يُعْتَبَرَ بِهِ وَطْؤُهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى زَوَالِ إلَخْ) عَلَّلَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ هَدَرٌ لَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ