للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ كَالزَّيْتِ لَكِنْ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نَقْصَ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ، وَرُطُوبَةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَحَلَاوَةُ الْعَصِيرِ فِيهِ بَاقِيَةٌ، وَالذَّاهِبُ مِنْ الزَّيْتِ زَيْتٌ مُتَقَوِّمٌ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالرُّويَانِيِّ ثُمَّ قَالَ: وَلِنَاصِرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ: الذَّاهِبُ مِنْ الزَّيْتِ مَائِيَّةٌ أَيْضًا، لَكِنَّهَا أَقَلُّ قَالَ: وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْعَصِيرِ إذَا صَارَ خَلًّا، وَالرُّطَبِ إذَا صَارَ تَمْرًا، وَنَقَصَتْ عَيْنُهُمَا دُونَ قِيمَتِهِمَا، وَأَجْرَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي اللَّبَنِ إذَا صَارَ جُبْنًا، وَنَقَصَ كَذَلِكَ (لَا سِمَنًا جِدًّا) أَيْ: مُفْرِطًا فِي رَقِيقٍ، أَوْ نَحْوِهِ أَيْ: لَا يَضْمَنُهُ إذَا زَالَ عَنْهُ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ لَيْسَ لَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ بِخِلَافِ قَطْعِ أُنْثَيَيْ الرَّقِيقِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ لَهُمَا بَدَلًا مُقَدَّرًا

(وَ) لَا يَضْمَنُ نَقْصُ الْمَغْصُوبِ (بِالْكَسَادِ) أَيْ: انْخِفَاضِ السِّعْرِ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ رَغَبَاتُ النَّاسِ لَا شَيْءُ مِنْ الْمَغْصُوبِ (وَلَا) يَضْمَنُ (الْمَلَاهِي) كَطُنْبُورٍ وَبَرْبَطٍ (وَ) لَا (الصَّلِيبَ وَالصَّنَمْ بِالْكَسْرِ) أَيْ: بِسَبَبِ كَسْرِهَا الْمَشْرُوعِ بِأَنْ تُفْصَلَ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ، إذْ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا، وَلَا يَكْفِي قَطْعُ الْأَوْتَارِ، فَلَوْ جَاوَزَ الْمَشْرُوعَ ضَمِنَ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُجَاوَزَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (لَا) بِسَبَبِ (الْحَرْقِ) لَهَا نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْمَشْرُوعِ إلَّا بِمُجَاوَزَتِهِ فَلَا ضَمَانَ (وَ) لَا يَضْمَنُ (خَمْرًا تُحْتَرَمْ) وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، أَوْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ لِلرَّافِعِيِّ (أَوْ خَمْرَ ذِمِّيٍّ) لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ، وَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِمَا قَوْلَهُ: (وَرَدَّ) أَيْ: الْغَاصِبُ وُجُوبًا (ذِي) أَيْ: الْمُحْتَرَمَةَ (وَذِي) أَيْ: خَمْرَةَ الذِّمِّيِّ إنْ لَمْ يَتَظَاهَرْ بِهَا لِاحْتِرَامِهِمَا بِخِلَافِ مَا عَدَاهُمَا لَا يَجِبُ رَدُّهَا بَلْ تُرَاقُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي طَلْحَةَ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ خُمُورِ أَيْتَامٍ عِنْدَهُ: أَرِقْهَا قَالَ: أَلَا أُخَلِّلُهَا، قَالَ: لَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَلَوْ نَجَّسَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَتَنْجِيسِ الزَّيْتِ، فَيَغْرَمُ بَدَلَهُ، وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِهِ فَلَوْ طَهَّرَهُ بِالْمُكَاثَرَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَ الْمَالِكَ قَدْرَ حَقِّهِ، وَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُهُ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ قَدْ تَعَافَهُ، وَإِنْ صَارَ طَاهِرًا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ، وَتَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ

(قَوْلُهُ: وَرُطُوبَةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا إلَخْ) وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْفَلَسِ حَيْثُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ لِلْبَائِعِ كَالزَّيْتِ بِأَنَّ مَا زَادَ بِالْإِغْلَاءِ ثَمَّ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حِصَّةٌ، فَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لَأَجْحَفْنَا بِالْبَائِعِ وَالزَّائِدُ بِالْإِغْلَاءِ هُنَا لِلْمَالِكِ فَانْجَبَرَ بِهِ الذَّاهِبُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَالرُّطَبُ إذَا تَتَمَّرَ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ الْبِطِّيخَ كَالرُّطَبِ وَنَحْوِهِ حَتَّى إذَا نَقَصَتْ عَيْنُهُ بِنَحْوِ نَقْصِ مَائِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: صَارَ جُبْنًا وَنَقَصَ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجُبْنَ لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ نَقْصِهِ مِنْ عَيْنِ اللَّبَنِ اهـ نَعَمْ تُعْرَفُ النِّسْبَةُ بِوَزْنِهِمَا شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَنَقَصَ) كَذَلِكَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذُكِرَ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ عَيْنَهُ، وَقِيمَتَهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ كَالدُّهْنِ اهـ وَهَذَا الثَّانِي أَوْجَهُ م ر

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ السِّمَنَ لَيْسَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ السِّمَنَ الْمُعْتَدِلَ كَالْمُفْرِطِ فِيمَا ذُكِرَ، فَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُفْرِطِ لِأَنَّ عَدَمَ نَقْصِ الْقِيمَةِ بِزَوَالِ السِّمَنِ إنَّمَا يَكُونُ غَالِبًا فِي الْمُفْرِطِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَدِلَةً فَسَمُنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ سِمَنًا مُفْرِطًا، وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ حَقِيقَةً وَلَا عُرْفًا كَذَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الطَّبَرِيِّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَالْوَجْهُ ضَمَانُ النَّقْصِ وِفَاقًا لِلْإِسْنَوِيِّ

(قَوْلُهُ: كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ) فَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُؤَلَّفَةً بَلْ قِطْعَةً وَاحِدَةً كَالصَّنَمِ الْمُتَّخَذِ مِنْ حَجَرٍ وَاحِدٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ زَوَالُ صُورَةِ الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ إلَخْ) قَصْدُ الْخَلِّيَّةِ كَعَدَمِ الْقَصْدِ يُصَيِّرُهَا مُحْتَرَمَةً، وَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ عَصْرِهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ فَلَوْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، ثُمَّ قَصَدَ إمْسَاكَهَا لِلْخَمْرِيَّةِ صَارَتْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ، وَلَوْ شَكَّ فِي احْتِرَامِهَا وَعَدَمِهِ، فَالْأَصْلُ الِاحْتِرَامُ فَيُمْتَنَعُ التَّعَرُّضُ لَهَا

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ إلَخْ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّمَكُّنِ الْمَذْكُورِ صُدِّقَ الْمُتْلِفُ عَلَى الْأَوْجَهِ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا كَذَلِكَ) وَهُوَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ لِمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: خَمْرَ الذِّمِّيِّ) وَإِنْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الْقَصْدِ صَارَتْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ، وَإِنْ قَصَدَ الْخَلِّيَّةَ صَارَتْ مُحْتَرَمَةً بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الطَّارِئَ يُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَهِيَ فِي يَدِ الصَّحَابِيِّ؟ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنُ نَقْصَ عَيْنِهِ) أَيْ: إنْ نَقَصَتْ عَيْنُهُ فَقَطْ فَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ أَيْضًا كَأَنْ كَانَ صَاعًا بِدِرْهَمٍ، فَصَارَ نِصْفَ صَاعٍ يُسَاوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ ضَمِنَ نَقْصَ الْعَيْنِ اهـ م ر، وَلَوْ صَارَ نِصْفَ صَاعٍ يُسَاوِي رُبُعَ دِرْهَمٍ فَهَلْ يَضْمَنُ مَعَ نَقْصِ الْعَيْنِ؟ ، وَهُوَ نِصْفُ صَاعٍ نَقْصَ الْقِيمَةِ وَهُوَ رُبُعُ دِرْهَمٍ رَاجِعْهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ إلَخْ) هَذَا إنْ قُلْت بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا قِيمَةٌ، وَإِلَّا ضُمِنَتْ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا مَائِعٌ طَاهِرٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي أَغْرَاضٍ كَثِيرَةٍ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي سم وَع ش، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ إذْ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ بِالنَّارِ إلَّا مَعَ ذَهَابِ عَيْنِهِ فَكَيْفَ يَنْتَفِعُ بِهِ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُمْكِنُ فَصْلُهُ بِغَيْرِهَا فَيَنْتَفِعُ بِهِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: جَارٍ فِي الْعَصِيرِ إلَخْ) لَكِنْ مَشَى م ر عَلَى الْبَدِيهَةِ فِيمَا لَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَلَّلَ، وَنَقَصَتْ عَيْنُ الْخَلِّ دُونَ قِيمَتِهِ أَنَّهُ يَرُدُّ نَقْصَ الْعَيْنِ، وَلَا يُقَالُ: الذَّاهِبُ مَائِيَّةٌ سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: بَرْبَطٍ) هُوَ آلَةٌ تُشْبِهُ الْعُودَ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَظَاهَرْ بِهَا) أَيْ: بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِالشُّرْبِ، أَوْ الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: قَالَ: لَا) اُنْظُرْ لِمَ مَنَعَهُ مِنْ تَخْلِيلِهَا؟ مَعَ أَنَّ إمْسَاكَهَا بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>