للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا لَا تُنْزَعْ حِينَئِذٍ إذْ يُمْكِنُهُ الرَّدُّ إذَا بَلَغَتْ الشَّطَّ مَعَ سَلَامَةِ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ لِلْفُرْقَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اشْتَبَهَتْ السَّفِينَةُ بِسُفُنٍ لِلْغَاصِبِ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى السَّاجَةِ إلَّا بِنَزْعِ الْجَمِيعِ فَفِيهِ وَجْهَانِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَرْجَحُهُمَا الْمَنْعُ، وَسَبَقَهُ إلَى تَصْحِيحِهِ الْفَارِقِيُّ وَعَلَيْهِ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ لِلْفُرْقَةِ (كَمَا) أَيْ: كَخَيْطِ مَغْصُوبٍ (بِهِ يَخِيطُ) الْغَاصِبُ (جُرْحَ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمْ) آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ (وَخَافَ) مِنْ نَزْعِهِ (هُلْكَهُ) ، أَوْ مَحْذُورًا آخَرَ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، فَإِنَّهُ لَا يُنْزَعُ حِينَئِذٍ، بَلْ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْفُرْقَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِكَوْنِ الْحَيَوَانِ مُحْتَرَمًا حَالَةَ الْخِيَاطَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهِ كَذَلِكَ حَالَةَ إرَادَةِ النَّزْعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُرْتَدِّ

(وَإِنْ مَاتَ الْبَشَرْ) أَيْ: الْآدَمِيُّ فَإِنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ، وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُنْزَعُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْزَعْ فِي الْحَيَاةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَقِيلَ: إنْ أَثَّرَ فُحْشًا لَمْ يُنْزَعْ، وَإِلَّا نُزِعَ، وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَالْحَرْبِيِّ، فَيُنْزَعُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (لَا حَيْثُمَا يَرْتَدُّ) الْمَجْرُوحُ وَلَوْ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ، فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ فِي رِدَّتِهِ، وَإِنْ خِيفَ هَلَاكُهُ، وَكَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ: الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُثْلَةَ بِالْمُرْتَدِّ مُحَرَّمَةٌ، وَلَيْسَتْ كَالْمُثْلَةِ بِالْمَيِّتِ؛ لِأَنَّا نَتَوَقَّعُ عَوْدَ الْمُرْتَدِّ إلَى الْإِسْلَامِ هَذَا إذَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا يُنْزَعُ، وَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا مَرَّ فِي السَّاجَةِ

(وَالظَّرْفُ) إذَا حَصَلَ فِيهِ شَيْءٌ وَلَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهُ مِنْهُ إلَّا بِكَسْرِهِ (كَسَرْ) أَيْ: كَسَرَهُ مَالِكُ الشَّيْءِ (قَصْدَ خَلَاصِهِ) مِنْ الظَّرْفِ نَعَمْ إنْ كَانَ هُوَ الْمُلْقِي، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْكَسْرُ، وَحَيْثُ كَانَ لَهُ الْكَسْرُ، فَاسْتَفْتَانَا فِيهِ لَا نُفْتِيهِ بِهِ بَلْ نَحْكِي لَهُ حِكَايَةً كَمَا مَرَّ فِي اشْتِبَاهِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَصِيلِ، أَمَّا فِيهِ فَيُفْتَى بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَأَرْشَهُ) أَيْ: الْكَسْرِ (حَمَلْ) أَيْ: تَحَمَّلَهُ الْكَاسِرُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ الشَّيْءُ فِي الظَّرْفِ بِفِعْلِ مَالِكِهِ بِأَنْ وَقَعَ بِنَفْسِهِ، أَوْ أَلْقَاهُ مَالِكُهُ، أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ كَسَرَهُ لِخَلَاصِ مَالِهِ، وَلَا تَقْصِيرَ مِنْ مَالِكِ الظَّرْفِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (لَا إنْ بِفِعْلِ مَالِكِ الظَّرْفِ) وَلَوْ سَهْوًا (حَصَلْ) فِيهِ الْمَظْرُوفُ، فَلَا أَرْشَ عَلَى كَاسِرِهِ لِتَقْصِيرِ مَالِكِهِ، وَلَوْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ وَلَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إذْ يُمْكِنُهُ إلَخْ) فَلِلرَّدِّ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ، وَبِذَلِكَ يُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْبِنَاءِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا الْإِمَامُ: (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَتْ الشَّطَّ) أَيْ: أَقْرَبَ شَطٍّ يَتَيَسَّرُ وَلَوْ غَيْرَ مَقْصِدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ الشَّطُّ أَوْ نَحْوُهُ كَرَقْرَاقٍ

(قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا الْمَنْعُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: مِمَّا إلَخْ) يَشْمَلُ بُطْءَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: كَالْحَرْبِيِّ) وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ إلَخْ) وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ مُحْتَرَمٍ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: النَّزْعُ

(قَوْلُهُ: وَالظَّرْفُ) كَبَيْتٍ وَمِحْبَرَةٍ (قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ فِيهِ شَيْءٌ) كَفَصِيلٍ وَدِينَارٍ

(قَوْلُهُ: مَالِكَ الشَّيْءِ) دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمُلْقِي أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فِي الْفَصِيلِ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ وَتَعَدِّيهِ بِالْإِلْقَاءِ لَا يُسْقِطُ حُرْمَتَهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَصِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِفِعْلِ مَالِكِهِ) أَيْ: الظَّرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْقَاهُ مَالِكُهُ) هَذَا لَا يَقْتَضِي جَوَازَ الْكَسْرِ حِينَئِذٍ بَلْ يَصْدُقُ مَعَ تَعَدِّيهِ بِالْكَسْرِ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ السَّابِقَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُلْقِي إلَخْ سم

(قَوْلُهُ: أَوْ أَلْقَاهُ مَالِكُهُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

السَّفِينَةِ، وَلَوْ لِلْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ الْخَشَبَةُ فِي الْبِنَاءِ تُنْزَعُ حَالًا إلَّا إذَا لَزِمَ تَلَفُ مَالِ غَيْرِ الْبِنَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ م ر وَحَجَرٌ، وَصَرَّحَ بِهِ ق ل وَع ش قَوْلٌ آخَرُ غَيْرُ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْخِلَافُ، وَعَلَيْهِ فِي الْبِنَاءِ تُنْزَعُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ حَالًا؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَدَ لَهُ يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ السَّفِينَةِ تُنْزَعُ عِنْدَ بُلُوغِ الشَّطِّ

(قَوْلُهُ: خَوْفَ مَالِهِ بِنَزْعِهَا) لَوْ أُرِيدَ بِالْمَالِ مَا أُدْرِجَتْ فِيهِ بِأَنْ يَتْلَفَ بِنَزْعِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ الَّذِي فِي السَّفِينَةِ لَمْ يَبْقَ خِلَافٌ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ م ر وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الشَّطَّ) أَيْ: أَقْرَبَ شَطٍّ، وَلَوْ مَا سَافَرَ مِنْهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوقَفْ) فَإِنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي تَعْيِينِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ، فَتَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا اهـ ع ش أَخْذًا مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) كَذَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا يُفْتَى بِالْكَسْرِ، وَإِنَّمَا يُحْكَى لَهُ الْحَالُ فِي التَّفْصِيلِ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِالْكَسْرِ، وَإِنْ جَازَ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِجَوَازِ الْكَسْرِ فَكَيْفَ لَا نُفْتِيهِ بِهِ؟ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: لَا نُفْتِيهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ كَمَنْ غَصَبَ لُؤْلُؤَةً وَدَجَاجَةً فَابْتَلَعَتْهَا يُقَالُ لَهُ: إنْ لَمْ نَذْبَحْ الدَّجَاجَةَ غَرَّمْنَاك قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ، وَإِنْ ذَبَحْتهَا غَرَّمْنَاك أَرْشَهَا، وَقَدْ يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْكَسْرَ، وَإِنْ جَازَ لَهُ فِيهِ إضْرَارٌ بِمَالِكٍ لَمْ يَتَعَدَّ فَفِي إفْتَائِهِ بِهِ تَحْرِيضٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَسُغْ الْإِفْتَاءُ بِهِ رِعَايَةً لِضَرَرِ الْغَيْرِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ آخِرَ كَلَامِهِ كَمَا مَرَّ فِي اشْتِبَاهِ الْإِحْرَامِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ عَدَمَ الْإِفْتَاءِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ، ثُمَّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، لَكِنَّ الْمُصَحَّحُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، ثَمَّ أَنَّا نُفْتِيهِ فَهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ هُنَا جَائِزٌ لَا يَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ، وَهُنَاكَ يَحْتَمِلُ فَلِاحْتِمَالِهِ لَهَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا نُفْتِيهِ وَبِهَذَا يُنَازَعُ الشَّيْخُ فِي قِيَاسِهِ هَذَا عَلَى ذَاكَ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ عَلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، فَإِنَّهُمْ هُنَاكَ نَظَرُوا إلَى احْتِمَالِ الْحُرْمَةِ الْمَوْجُودَةِ ثَمَّ، وَهُنَا لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ وَقَعَ بِنَفْسِهِ) وَحِينَئِذٍ يَضْمَنُهُ مَالِكُ الظَّرْفِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ بِفِعْلِ مَالِكِ الظَّرْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>