لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ بِلَا غُرْمٍ بِخِلَافِ الْمُعِيرِ (وَلَمْ يَجِبْ) عَلَى الْمَالِكِ (قَبُولُهُ إذَا بُذِلْ) أَيْ: بَذَلَهُ لَهُ الْغَاصِبُ لِلْمِنَّةِ
(وَإِنْ سَرَتْ) إلَى هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ (جِنَايَةٌ) عَلَيْهِ مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ غَيْرِهِ (كَأَنْ عَمِلْ هَرِيسَةً مِنْهُ) ، أَوْ (وَ) مَعَ (خَلْطُهُ بِمَا لَمْ يَتَمَيَّزْ) كَبُرٍّ، أَوْ زَيْتٍ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِأَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ (فَهَلَاكٌ) حُكْمًا (فِيهِمَا) لِإِشْرَافِهِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى، وَتَعَذُّرِ رَدِّهِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَنْتَقِلُ إلَى بَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ، أَوْ قِيمَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ حَيْثُ جُعِلَ الْبَائِعُ شَرِيكًا لَهُ فِيهِ وَلَمْ يُجْعَلْ كَالْهَالِكِ أَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ لَهُ الشَّرِكَةَ لَمَا حَصَلَ لَهُ تَمَامُ حَقِّهِ، بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ، وَهُنَا يَحْصُلُ لِلْمَالِكِ تَمَامُ الْبَدَلِ: وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ بَيْنَ جَعْلِهِ هَالِكًا، وَأَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ سَارَ أَيْ: شَأْنُهُ السِّرَايَةُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ عَيْبِ وَاقِفٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَهَذَا حَسَنٌ
وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى النَّصِّ، وَإِذَا جُعِلَ هَالِكًا، فَهَلْ تَكُونُ الْهَرِيسَةُ لِلْغَاصِبِ إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ بِالْهَالِكِ أَوْ لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ؟ وَجْهَانِ وَمِنْ ذَلِكَ عَفَنُ الْبُرِّ بِبَلِّهِ قَالَ النَّوَوِيُّ دُونَ عَفَنِهِ بِطُولِ مُكْثِهِ قَالَ الْإِمَامُ: وَدُونَ الْمَرَضِ السَّارِي كَالسُّلِّ، وَالِاسْتِسْقَاءِ لِاحْتِمَالِ الْبُرْءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ التَّقْيِيدُ بِالْجِنَايَةِ كَمَا قَيَّدَ بِهَا فِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ) أَيْ: الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ سم (قَوْلُهُ: لِلْمِنَّةِ) لَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ نَعْلِ الدَّابَّةِ الْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَرَتْ إلَى هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ) هَذَا يُخْرِجُ جَعْلَ قَصَبِ السُّكْرِ عَسَلًا أَوْ عَسَلَ الْقَصَبِ سُكَّرًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْرِي إلَى الْهَلَاكِ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ نَائِبُ الْغَاصِبِ، أَوْ مَنْ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ مِمَّنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي مِلْكَ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ خَلْطُهُ بِمَا لَمْ يَتَمَيَّزْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَمَلَكَهُ أَيْ: الْغَاصِبُ فَلَهُ إبْدَالُهُ أَوْ إعْطَاؤُهُ مِمَّا خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِأَجْوَدَ لَا بِأَرْدَأَ إلَّا بِرِضَاهُ، وَيَسْقُطُ الْأَرْشُ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: كَمَا لَوْ أَخَذَ الْأَرْدَأَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ اهـ
(قَوْلُهُ: خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ بَلْ هُمَا شَرِيكَانِ م ر (قَوْلُهُ: تَمَامُ الْبَدَلِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْغَاصِبُ مُفْلِسًا فَهَلْ تَكُونُ الْهَرِيسَةُ لِلْغَاصِبِ، وَيُفَارِقُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ نَجَّسَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ حَيْثُ يَغْرَمُ بَدَلَهُ، وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ بِالتَّنْجِيسِ فَصَارَ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا فَلَا مَحْذُورَ فِي إعَادَتِهَا لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ الْهَرِيسَةِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ الْمَالِيَّةِ فَفِي إعَادَتِهَا لِلْمَالِكِ مَحْذُورُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَكُونُ الْهَرِيسَةُ) أَيْ: مَثَلًا اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ عَفَنُ الْبُرِّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ تَعَفَّنَ الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ أَرْشٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ نَظِيرُ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ التَّعَفُّنَ حَصَلَ هُنَا بِلَا جِنَايَةٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ صَارَ الْمَغْصُوبُ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ اهـ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ حَدَثَ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلٍ مِنْهُ مَلَكَهُ غَاصِبُهُ غَصَبَهُ مِنْ شَخْصٍ أَوْ أَشْخَاصٍ كَانَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ، أَوْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلٍ مِنْهُ رَدَّهُ مَعَ الْأَرْشِ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَخَلَطَهُ بِمَالِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَتَمَيَّزْ مَلَكَهُ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ أَوْ خَلَطَ أَمْوَالَ غَيْرِهِ فَلَا مِلْكَ بَلْ يَشْتَرِكُ مَعَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ، وَيَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْأَمْوَالِ فِي الثَّانِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ أَمَّا إذَا اخْتَارَ الْغَاصِبُ الْقَلْعَ فَهُوَ كَمَا لَوْ اخْتَارَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ رِضَى الْمَالِكِ بِالْإِبْقَاءِ وَلَا طَلَبُهُ تَمَلُّكَهُ اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبِضْعُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فَصْلُهُ إذَا رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْإِبْقَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا سَكَتَ الْمَالِكُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ، أَمَّا لَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ الْقَلْعَ فَيَجِبُ غُرْمُ أَرْشِ النَّقْصِ، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَهُ حُكْمُ مَالِكِ الْأَرْضِ فِيمَا مَرَّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّبْغَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ) أَيْ: فِيمَا يُمْكِنُ قَلْعُهُ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي صَبْغٍ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ بِلَا غُرْمٍ) بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ قَلَعَ غُرْمَ أَرْشِ النَّقْصِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: إذَا بَذَلَ) أَيْ: وَهَبَهُ الْغَاصِبُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: جِنَايَةٌ عَلَيْهِ) خَرَجَ مَا لَوْ صَارَ الْبُرُّ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر
(قَوْلُهُ: بِمَا لَمْ يَتَمَيَّزْ) بِخِلَافِ مَا يَتَمَيَّزُ فَيَلْزَمُهُ التَّمْيِيزُ، وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَهَلَاكٌ) هَذَا فِي الْمِثْلِيِّ أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ، فَلَا يَأْتِي فِيهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ فِي اخْتِلَاطِ شَاتِه بِشَاةِ غَيْرِهِ، وَفِي اخْتِلَاطِ حَمَامُ الْبُرْجَيْنِ اهـ حَاشِيَةٌ مَنْهَجٌ أَيْ: فَيَبْقَى الْمُتَقَوِّمُ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ نَقْصِهِ كَمَا فِي ق ل
(قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلِ، أَوْ قِيمَةٍ) وَيُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْقَبُولِ إنْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ أَوْ مِنْهُ، وَكَانَ قَدْ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ، أَوْ أَجْوَدَ لَا أَرْدَأَ ق ل (قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلٍ، أَوْ قِيمَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْبُرَّ هَرِيسَةً فَقَدْ جَعَلَ الْمِثْلِيَّ مُتَقَوِّمًا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْمِثْلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَوِّمُ أَكْثَرَ قِيمَةً، فَتَجِبُ قِيمَتُهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَلِفَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَ فَيَجِبُ رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا فَعَلَ بِهِ مَا لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ أَمَّا مَا هُنَا فَهُوَ فِيمَا فَعَلَ بِهِ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَكُونُ إلَخْ) أَيْ: هَلْ يَزُولُ مِلْكُ الْمَالِكِ عَنْهَا إتْمَامًا؟ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْهَالِكَ لَا يَكُونُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ وَلَا لِغَيْرِهِ اهـ ع ش ثُمَّ إنَّ الْهَرِيسَةَ وَمَا بَعْدَهَا يَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ مِلْكًا حَقِيقِيًّا حَتَّى لَوْ حَصَلَتْ زِيَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ لَهُ لَا لِلْمَالِكِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَالِكِ) أَيْ: يَأْخُذُهَا مَعَ الْبَدَلِ
(قَوْلُهُ: دُونَ عَفَنِهِ إلَخْ) أَيْ: فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ اهـ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ) أَيْ: قَوْلِهِ: دُونَ