للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَهْرِ، فَيَسْتَقِرُّ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْهُ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَمَلَكْنَاهُ بِالظُّهُورِ وَجَبَ نَصِيبُهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ، وَمَا قَالَاهُ فِي الْمَهْرِ مُنَافٍ لِمَا أَطْلَقَاهُ فِيهِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِ قِرَاضٍ بَلْ يَفُوزُ بِهِ الْمَالِكُ، وَسَيَأْتِي فَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَتِهِ الَّتِي نَقْلَاهَا عَنْهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّ الْمَهْرَ مَالُ قِرَاضٍ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِمَّا صَحَّحَاهُ، وَلَعَلَّ مَا جَزَمَا بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَهْرَ يَلْزَمُ الْعَامِلَ كَذَلِكَ.

(لَا زَائِدَ عَيْنٍ) أَيْ: يَمْلِكُ الْعَامِلُ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْعَمَلِ لَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْعَيْنِيَّةِ الَّتِي (تَحْدُثُ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بَعْدَ الْعَقْدِ (كَوَلَدٍ) وَثَمَرَةٍ، وَأُجْرَةٍ، وَمَهْرٍ، فَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهَا، بَلْ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ إذْ لَيْسَتْ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ، وَخَرَجَ بِالْعَيْنِيَّةِ غَيْرُهَا كَسِمَنٍ، وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَزَادَ عَلَى الْحَاوِي تَحْدُثُ لِإِخْرَاجِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ مَعَ أَصْلِهِ، فَإِنَّهُ مَالُ قِرَاضٍ، لَكِنْ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَا زَائِدَ عَيْنٍ، وَتَمْثِيلُهُ بِالْوَلَدِ مِنْ زِيَادَتِهِ

. (وَقَبْلَ قَسْمٍ) لِلْمَالِ (يُورَثُ) مِنْهُ نَصِيبُ الْعَامِلِ إذَا مَاتَ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الرِّبْحِ أَوْجَبَ لَهُ فِيهِ حَقًّا مُؤَكَّدًا، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ بِهِ (وَيُجْبَرُ النَّقْصُ) الْحَاصِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ بِكَسَادٍ، أَوْ عَيْبٍ حَادِثٍ (بِهِ) أَيْ: بِالرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ (وَلَوْ طَرَا نَقْصٌ بِفَوَاتِ الْعَيْنِ) أَيْ: بِسَبَبِ فَوْتِهَا بِإِحْرَاقٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ إنْ كَانَ الْفَوْتُ (مِنْ بَعْدِ الشِّرَا) كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي رَأْسِ الْمَالِ، فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى يَرُدَّ إلَى الْمَالِكِ مِثْلَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَأَنْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، فَلَا جَبْرَ، بَلْ يَبْقَى رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَلِ.

(وَرَدُّ قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ) أَيْ: الْقِرَاضِ (إلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمَا قَالَاهُ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا قَالَاهُ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَالْمُنَافَاةُ صَحِيحَةٌ عَلَيْهِمَا فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَهْرِ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ وَطْءِ الْمَالِكِ إذْ بِاعْتِبَارِ وَطْءِ الْعَامِلِ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَعَلَّ مَا جَزَمَا بِهِ.

(قَوْلُهُ: يَلْزَمُ الْعَامِلَ) أَيْ: لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الْغَزَالِيِّ (قَوْلُهُ: مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَا زَائِدَ عَيْنٍ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَفْهُومَ زَائِدٌ حَصَلَ مِنْ عَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ

(قَوْلُهُ: بِإِحْرَاقٍ أَوْ سَرِقَةٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا هَذَا شَامِلٌ لِجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْعَامِلِ، وَلَيْسَ تَكْرَارًا حِينَئِذٍ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْكُلِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَهَذَا فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْبَعْضِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالنَّقْصِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَيْ: فَإِنْ كَانَ الْفَوْتُ بِإِحْرَاقٍ أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا وَهُوَ شَامِلٌ لِجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْعَامِلِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَيُفِيدُ الِانْفِسَاخَ فِي الْبَعْضِ بِتَلَفِهِ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ وَلَوْ بِجِنَايَتِهِ، أَوْ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَبِالْأَوْلَى الِانْفِسَاخُ بِتَلَفِ الْكُلِّ بِمَا ذُكِرَ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ عَطْفًا عَلَى مَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ أَوْ بِتَلَفِ بَعْضِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ جِنَايَةٍ، وَتَعَذَّرَ أَخْذُ بَدَلِهِ بَعْدَ تَصَرُّفٍ مِنْ الْعَامِلِ فَإِنْ تَلِفَ بِذَلِكَ قَبْلَهُ فَلَا يُجْبَرُ بِهِ فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَ ذَلِكَ اسْتَمَرَّ الْقِرَاضُ فِيهِ.

وَخَرَجَ بِتَلَفِ بَعْضِهِ تَلَفُ كُلِّهِ أَيْ: بَعْدَ التَّصَرُّفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْقِرَاضَ يَرْتَفِعُ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ بِآفَةٍ، أَمْ بِإِتْلَافِ الْمَالِكِ، أَمْ الْعَامِلِ، أَمْ أَجْنَبِيٍّ لَكِنْ يَسْتَقِرُّ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الثَّانِيَةِ وَيَبْقَى الْقِرَاضُ فِي الْبَدَلِ إنْ أَخَذَهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ فِي الثَّالِثَةِ بَعْدَ نَقْلِهِمَا مَا ذُكِرَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْعَامِلَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي. اهـ.

ثُمَّ ظَهَرَ لِي إشْكَالُ مَا ذَكَرْته أَوَّلًا مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: بِإِحْرَاقٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ بِنَحْوِهِمَا شَامِلٌ لِجِنَايَةِ الْعَامِلِ وَالْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُمَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِمَا فَلَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ وَالْكَلَامُ فِيمَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ بَدَلِهَا مِنْهُمَا، وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْعَامِلِ، وَمُخَالِفٌ فِيهِ لِإِطْلَاقِ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ تَلِفَ الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ وَلَوْ بِفِعْلِ الْعَامِلِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ أَوْ بَعْدَهُ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ فِيهِ. اهـ. لَكِنْ بَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْعَامِلِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ، لَكِنَّهُ بَحَثَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ. اهـ. وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ خِلَافِ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي فِي الْكُلِّ وَالْبَعْضِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، وَبَعْدَهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الْحَدِّ عِنْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ إنَّمَا هُوَ شُبْهَةُ الْمِلْكِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ لِانْتِفَاءِ ظُهُورِ الرِّبْحِ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَفُوزُ بِهِ الْمَالِكُ) هُوَ مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ الْمَهْرِ الْوَاجِبِ بِوَطْءِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ فَائِدَةٌ عَيْنِيَّةٌ حَصَلَتْ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ فَأَشْبَهَتْ رِبْحَ التِّجَارَةِ. اهـ م ر، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الْغَزَالِيِّ وَرَدَّهُ م ر بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُصَحَّحِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ حَاصِلٌ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ فَأَشْبَهَ رِبْحَ التِّجَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَهْرٍ) أَيْ: غَيْرِ الْحَاصِلِ بِوَطْءِ الْعَامِلِ كَمَا مَرَّ عَنْ م ر وَالرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَقَبْلَ قَسْمِ الْمَالِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ النَّقْصُ الْحَاصِلُ بَعْدَ الْقَسْمِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُجْبَرُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ تَنْضِيضٌ لِلْمَالِ كَمَا مَرَّ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ.

(قَوْلُهُ: وَرَدَّ إلَخْ) عِبَارَةُ ش الْإِرْشَادِ وَيَبِيعُ مِنْ الْعُرُوضِ قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ إنْ كَانَ مِثْلَ رَأْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>