أَوْ مِنْ الرِّبْحِ فَكَذَلِكَ لَكِنْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ مِمَّا بِيَدِهِ مِقْدَارَ ذَلِكَ عَلَى الْإِشَاعَةِ، وَإِنْ أَطْلَقَا حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَهَلْ تَكُونُ حِصَّةُ الْعَامِلِ قَرْضًا، أَوْ هِبَةً. فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَقَرَّهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ وَجَدَ مَا اسْتَرَدَّ قَبْلَ وُجُودِ الرِّبْحِ وَالْخَسْرِ، فَيَرْجِعُ رَأْسُ الْمَالِ إلَى الْبَاقِي، ثُمَّ مَثَّلَ لِلِاسْتِرْدَادِ بَعْدَ الرِّبْحِ بِقَوْلِهِ (فَرَأْسُ مَالِ مِائَةٍ) مَثَلًا (ثُمَّ كَسَبْ) أَيْ: رَبِحَ (عِشْرِينَ وَاسْتَرَدَّ) الْمَالِكُ (عِشْرِينَ) فَسُدُسُهَا رِبْحٌ كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: (احْتَسَبْ بِسُدْسِهِ) أَيْ: الْمُسْتَرَدِّ (رِبْحًا) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَرَدَّ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَسُدُسُهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَثُلُثٌ مِنْ الرِّبْحِ، فَيَسْتَقِرُّ نِصْفُهُ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ لِلْعَامِلِ إنْ شَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ.
(فَإِنْ عَادَ) الْمَالُ بِكَسَادٍ، أَوْ غَيْرِهِ (إلَى مَالِ ثَمَانِينَ) لَمْ يَفُزْ الْمَالِكُ بِهَا مَعَ الْعِشْرِينَ لِيُتَمِّمَ لَهُ رَأْسَ مَالِهِ، بَلْ (يُصِبْ مَنْ عَمِلَا) أَيْ: الْعَامِلُ (مِنْ ذَاكَ) أَيْ: الثَّمَانِينَ (دِرْهَمٌ وَثُلُثَاهُ) وَهُوَ نِصْفُ رِبْحِ الْمُسْتَرَدِّ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ بِالِاسْتِرْدَادِ، فَلَا يُجْبَرُ بِهِ نَقْصُ غَيْرِ الْمُسْتَرَدِّ لِتَمَيُّزِ الْمُسْتَرَدِّ عَنْ غَيْرِهِ بِالِاسْتِرْدَادِ فَكَأَنَّهُمَا مَالَانِ ثُمَّ مَثَّلَ لِلِاسْتِرْدَادِ بَعْدَ الْخَسْرِ بِقَوْلِهِ: (وَمَعْ خُسْرَانِ عِشْرِينَ) مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ الْمَالِ (وَعِشْرِينَ ارْتَجَعْ) أَيْ: وَاسْتَرَدَّ الْمَالِكُ بَعْدَ الْخَسْرِ عِشْرِينَ، فَعَادَ الْمَالُ إلَى سِتِّينَ (ثُمَّ أَفَادَ) الْمَالُ أَيْ: رَبِحَ عِشْرِينَ (فَإِذًا ثَمَانُونْ) حَاصِلَةٌ (فَرَأْسُ مَالٍ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ) ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلِّ عِشْرِينَ مِنْ الْخَسْرِ خَمْسَةٌ، فَكَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، فَالْخَمْسَةُ الَّتِي هِيَ حِصَّةُ الْمُسْتَرَدِّ لَا تُجْبَرُ بِالرِّبْحِ لِتَقَرُّرِهَا بِالِاسْتِرْدَادِ، وَإِنَّمَا يُجْبَرُ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْلَقَا) يَنْبَغِي أَوْ قَصَدَ الْإِشَاعَةَ. (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ) أَيْ: شَائِعًا فِي الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ فَقَوْلُهُ: وَهَلْ إلَخْ أَيْ: عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ لَا يُقَالُ: فِي تَخْصِيصِهِ بِهَذَا الْأَخِيرِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ جَرَيَانُ التَّرَدُّدِ فِيمَا إذَا قَصَدَ الْأَخْذَ مِنْ الرِّبْحِ أَيْضًا، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ نِسْبَةَ الْقَرْضِ أَوْ الْهِبَةِ إلَى الْعَامِلِ عِنْدَ تَمَحَّضَ الرِّبْحِ أَظْهَرُ وَأَقْرَبُ مِنْ نِسْبَةِ ذَلِكَ إلَيْهِ عِنْدَ الشُّيُوعِ أَصْلًا وَرِبْحًا كَمَا لَا يَخْفَى لِأَنَّا نَقُولُ: وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا قُصِدَ أَخْذُهُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ نَصِيبِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ، أَمَّا إنْ كَانَ مُنْصَرِفًا إلَى حِصَّةِ الْمَالِكِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ: لَكِنْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ مِمَّا بِيَدِهِ إلَخْ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يُقَالُ: لِمَ انْصَرَفَ إلَى حِصَّةِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا؟ ، فَيَجْرِي التَّرْدِيدُ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ تَكُونُ حِصَّةُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّرْدِيدِ إطْلَاقُ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي جَمِيعِ مَا اسْتَرَدَّهُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَإِذَا كَانَ أَيْ: الِاسْتِرْدَادُ بِغَيْرِ رِضَاهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ أَيْ: الْمَالِكِ فِي نَصِيبِهِ أَيْ: نَصِيبِ الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالظُّهُورِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ حَقَّ الْعَامِلِ فِيمَا اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ وَأَنَّهُ كَالرَّهْنِ بِهِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَثَّلَ لِلِاسْتِرْدَادِ) أَيْ: بِغَيْرِ رِضَى الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ: يُصِيبُ مَنْ عَمِلَا) مِنْ ذَاكَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَاهُ زَادَ الرَّافِعِيُّ مِمَّا فِي يَدِهِ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ أَخْذَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَرَدَّ إذَا كَانَ شَائِعًا يَكُونُ نَصِيبُ الْعَامِلِ فِي عَيْنِ الْمُسْتَرَدِّ إنْ بَقِيَ وَفِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ إنْ تَلِفَ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَاقِي إلَّا بِرَهْنٍ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى لَوْ أَفْلَسَ لَمْ يَتَقَدَّمْ بِهِ بَلْ يُضَارِبُ، وَلَوْ فَرَضْنَا التَّعَلُّقَ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا بَلْ لَوْ فَرَضْنَا الشَّرِكَةَ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْأَخْذِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْقِسْمَةِ قَالَ: فَيَنْبَغِي تَأْوِيلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ. اهـ. قَالَ الْجَوْجَرِيُّ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ إذَا خَشِيَ الْفَوَاتَ لَوْ أَخَذَهَا كُلَّهَا الْمَالِكُ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَوَافَقَ عَلَى التَّأْوِيلِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ التَّأْوِيلَ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا تَسَلَّطَ بِاسْتِرْدَادِ مَا عُلِمَ لِلْعَامِلِ فِيهِ جُزْءٌ مُكِّنَ الْعَامِلُ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ بِأَخْذِ مِثْلِهِ لِيَتَكَافَأَ عَلَى أَنَّ مَا فِي يَدِهِ لَمَّا كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ كَانَ لَهُ بِهِ نَوْعُ تَعَلُّقٍ لِيُشْبِهَ الرَّهْنَ، فَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ حَقَّهُ مِنْهُ. . اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ وَهَلْ يَجْرِي هَذَا الْكَلَامُ سَوَاءٌ اسْتَرَدَّ بِغَيْرِ رِضَى الْعَامِلِ أَوْ بِرِضَاهُ وَأَطْلَقَا أَوْ قَصَدَ الشُّيُوعَ؟ الْمُتَّجَهُ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ أَخْذَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ كَوْنُ الْأَشْبَهِ أَنَّ حِصَّتَهُ قَرْضٌ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ هِبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِرَاضَ الْمُهِمَّاتِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ أَنَّ لِلْعَامِلِ الِاسْتِقْلَالَ بِالْأَخْذِ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ أَخَذَ مِمَّا فِي يَدِهِ قَدْرَ حَقِّهِ انْقَطَعَ حَقُّهُ مِمَّا أَخَذَهُ الْمَالِكُ، وَنَفَذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ فِيمَا اسْتَرَدَّهُ بِغَيْرِ رِضَى الْعَامِلِ غَيْرُ نَافِذٍ كَمَا كَتَبْنَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: الثَّمَانِينَ)
[حاشية الشربيني]
وَإِلَّا فَكَالْأَخْذِ بِلَا إذْنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الرِّبْحِ فَكَذَلِكَ) أَيْ: اخْتَصَّ الْمَأْخُوذُ بِالرِّبْحِ لَكِنْ يَتَمَحَّضُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي يَخُصُّ الْمَالِكَ وَلَا يَكُونُ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ قَرْضًا عَلَى الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَا، أَوْ صَرَّحَا بِالْإِشَاعَةِ لِأَنَّ فِيهِمَا بَعْضَ الْأَصْلِ فَكَانَ مَا مَعَهُ مِنْ الرِّبْحِ هُوَ مَا يَخُصُّهُ، وَلَيْسَ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ بَلْ فِيهِ حِصَّةٌ لِلْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْأَخْذَ مِنْ الرِّبْحِ، وَرَضِيَ بِهِ الْعَامِلُ، فَإِنَّ الرِّبْحَ حِينَئِذٍ هُوَ رِبْحُ جَمِيعِ الْمَالِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ بَعْضَ الرِّبْحِ الَّذِي يَخُصُّ الْمَالِكَ، بَلْ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَرِينَةُ الْحَالِ تَدَبَّرْ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ إلَخْ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَمْلِكُ بِمِقْدَارِ مَا أَخَذَ الْمَالِكُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَكُون عَلَيْهِمَا. اهـ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْلَقَا حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ) مِثْلُهُ مَا إذَا صَرَّحَا بِهَا أَوْ نَوَيَاهَا بِأَنْ اتَّفَقَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute