للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ مِنْهُمَا وَلَا إيجَارُ مَا تَعَدَّدَتْ جِهَةُ مَنْفَعَتِهِ بِلَا تَعَيُّنٍ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي إجَارَةِ الْأَرْضِ: إنْ شِئْت فَازْرَعْ، وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْ، أَوْ قَالَ: أَجَرْتُكَهَا لِتَنْتَفِعَ بِهَا مَا شِئْت صَحَّ.

بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَجَرْتُك الدَّابَّةَ لِتَحْمِلَهَا مَا شِئْت لِلضَّرَرِ وَلَا يَصِحُّ إيجَارُ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ وَلَا الْإِيجَارُ بِلَا تَقْدِيرٍ، وَالتَّقْدِيرُ إمَّا بِالْوَقْتِ، أَوْ بِالْعَمَلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْعِلْمُ بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَاجِبٌ، وَإِنْ وَرَدَ الْإِيجَارُ عَلَى الْعَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ مُشَاهَدَةَ الْمَبِيعِ فِيهِ تُغْنِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ؛ وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الْمَنَافِعِ بِالْمُسْتَقْبَلِ فَالْمُشَاهَدَةُ لَا يُطَّلَعُ بِهَا عَلَى الْغَرَضِ.

وَخَرَجَ بِكَوْنِهَا مُتَقَوِّمَةً مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَبَطَلَتْ) أَيْ: الْإِجَارَةُ (فِي كَلِمَةٍ) أَيْ: لِكَلِمَةِ إيجَابٍ، أَوْ قَبُولٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (بِلَا تَعَبْ) فِيهَا، وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةَ؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: هَذَا فِي مُسْتَقِرِّ الْقِيمَةِ كَالْخُبْزِ، وَاللَّحْمِ، أَمَّا الثِّيَابُ، وَالْعَبِيدُ وَمَا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلِلْبَيَّاعِ فِيهِ مَزِيدُ نَفْعٍ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ، أَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى تَعَبٍ كَحِفْظٍ وَحَمْلٍ إلَى سُوقٍ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَحَيْثُ بَطَلَتْ فَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ، إنْ لَمْ يَتْعَبْ، فَإِنْ تَعِبَ بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ، وَالْكَلَامِ وَتَأْلِيفِ أَمْرِ الْمُعَامَلَةِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا مَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْبَيَّاعُونَ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ، إلَّا بِهِ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ (وَزِينَةٍ) أَيْ: وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِزِينَةِ الْحَوَانِيتِ، وَنَحْوِهَا (بِالنَّقْدِ وَرْقًا) أَيْ: فِضَّةً كَانَ (أَوْ ذَهَبْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (وَبِالطَّعَامِ) بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا؛ إذْ مَنْفَعَةُ الزِّينَةِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فَلَا تَقَابُلَ بِمَالٍ، وَالْوَرِقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا كَمَا فِي النَّظْمِ مَعَ فَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا. وَتَعْبِيرُهُ بِالنَّقْدِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَقَوْلُهُ: وَرْقًا، أَوْ ذَهَبْ إيضَاحٌ

. (وَحُرَّاسِ الْكَلْبِ وَصَيْدِ كَلْبٍ) أَيْ: وَبَطَلَتْ إجَارَةُ الْكَلْبِ لِحِرَاسَةِ زَرْعٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ دَرْبٍ، أَوْ لِصَيْدٍ؛ إذْ لَا قِيمَةَ لِمَنْفَعَتِهِ شَرْعًا بِخِلَافِ إجَارَةِ الْفَهْدِ، وَالْبَازِي، وَالشَّبَكَةِ لِلصَّيْدِ، وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ.

وَخَرَجَ بِمَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَ) بَطَلَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ (لِزَرْعِ الْحَبِّ وَمُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِهِ (أَنْ يَتَوَقَّعَ) فِي الثَّانِي زَرْعَهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَا شِئْت صَحَّ) فَهِيَ مَعَ التَّعْمِيمِ صَحِيحَةٌ وَمَعَ الْإِطْلَاقِ لِمَا لَهُ مَنَافِعُ بَاطِلَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي التَّعْمِيمِ يَنْتَفِعُ بِهَا كَيْفَ شَاءَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يَنْتَفِعُ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَذَا أَحْسَنُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ) أَيْ: قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ

(قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ) أَوْ كَلِمَاتٍ يَسِيرَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَلَوْ إيجَابًا وَقَبُولًا، أَوْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَوَاءٍ يَنْفَرِدُ بِهِ ح ج. (قَوْلُهُ: بِلَا تَعَبٍ) نَعَمْ فِي الْإِحْيَاءِ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ضَرْبَةٍ مِنْ مَاهِرٍ يُصْلِحُ بِهَا اعْوِجَاجَ سَيْفٍ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَشَقَّةٌ إلَخْ ح ج. (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهُ) قَضِيَّتُهُ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَخْ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعَبٍ الْجَوَازُ مَعَ عَدَمِ التَّعَبِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ م ر بَلْ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ كَالصَّرِيحِ فِي الْمَنْعِ فِي غَيْرِ مُسْتَقِرِّ الْقِيَمِ أَيْضًا؛ حَيْثُ لَا تَعَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا مُسَلَّمٌ، إنْ حَصَلَ تَعَبٌ، وَإِلَّا فَلَا م ر. (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَدَرَاهِمَ لَا بِعُرًى. اهـ. أَيْ: لِإِحَالَةَ كَوْنِهَا بِعُرًى تَعَلَّقَ بِهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ حُلِيٌّ وَاسْتِئْجَارُ الْحُلِيِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعَيْنِ، وَقَدْرًا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ وَصِفَةً فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: إنْ شِئْت فَازْرَعْ إلَخْ) فَلَهُ فِعْلُهُ أَيْ: وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَهُ التَّبْعِيضُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِمَا. اهـ. جَمَلٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ: صَحَّ) لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَعَدَمُ الْإِضْرَارِ فَعَلَيْهِ إرَاحَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا فِي إرَاحَةِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ، وَالتَّعْمِيمَ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا؛ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِالْمَالِكِ بِمُخَالَفَتِهَا فَيَجِبُ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ إرَاحَتُهَا إذَا اُعْتِيدَتْ كَالدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ بِحَذْفٍ وَتَغْيِيرٍ.

(قَوْلُهُ: إمَّا بِالْوَقْتِ إلَخْ) فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ: مَا لَا يُقَدَّرْ إلَّا بِالزَّمَنِ، وَمَا يُقَدَّرُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْعَمَلُ، أَوْ الزَّمَنُ، وَمَا لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِالْعَمَلِ. اهـ. فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ. (قَوْلُهُ: بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَاجِبٌ) أَيْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا أَجَرَ دَارًا مُعَيَّنَةً بِالْمُشَاهَدَةِ فَكَانَتْ مُتَّصِلَةً بِأَبْنِيَةٍ لِغَيْرِهَا وَجَبَ ذِكْرُ حُدُودِهَا، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْمُشَاهَدَةِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ

(قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ) وَإِنْ عَظُمَ نَفْعُهَا كَطَبِيبٍ انْفَرَدَ بِمَعْرِفَةِ شَيْءٍ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ؛ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي التَّلَفُّظِ بِهِ وَعِلْمُهُ لَا يَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ.

(قَوْلُهُ: بِلَا تَعَبٍ) أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ، وَإِنْ حَصَلَ بِهَا تَعَبٌ قَالَ السَّنْبَاطِيُّ: فَإِنْ حَصَلَ تَعَبٌ فِيمَا شَأْنُهُ عَدَمُ التَّعَبِ اسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) أَيْ: فِي الْمُوَاكَسَةِ وَعَدَمِهَا. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ بَطَلَتْ إلَى آخِرِهِ) أَيْ فِيمَا، إذَا كَانَتْ لِمَا شَأْنُهُ عَدَمُ التَّعَبِ لَكِنْ عَرَضَ لَهُ التَّعَبُ.

(قَوْلُهُ: لِزِينَةِ الْحَوَانِيتِ) وَكَذَا الضَّرْبُ عَلَى صُورَتِهِمَا عِنْدَ م ر وَقَالَ ز ي بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهِمَا، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَكُنْ عُرًى وَلَوْ مِنْهَا وَإِلَّا صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْحُلِيِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ) قَالَ ع ش: وَمِنْ طُرُقِ اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةً لِلْهِرَّةِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَالِكٍ لَهَا وَيَتَعَهَّدَهَا بِالْحِفْظِ، وَالتَّرْبِيَةِ فَيَمْلِكُهَا بِذَلِكَ كَالْوُحُوشِ الْمُبَاحَةِ حَيْثُ تَمَلُّكُهَا بِالِاصْطِيَادِ

(قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ أَنَّهُ، إذَا تَوَقَّعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>