للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) قَدْ (انْتَفَى) عَنْهَا فِي الْحَالَيْنِ (مَاءٌ) دَائِمٌ مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ وَعَيْنٍ (وَمَا يُعْتَادُ مِنْ غَيْثٍ) أَيْ: مَطَرٍ وَنَدَاوَةِ ثَلْجٍ (كَفَى) أَيْ: يَكْفِيهَا؛ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَكْفِي كَإِمْكَانِ عَوْدِ الْآبِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ، أَوْ مُعْتَادٌ يَكْفِيهَا وَمَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّعْ زَرْعَهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَأَنْ كَانَتْ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَا يُطْمَعُ فِي سَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إيجَارُهَا؛ عَمَلًا بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ فِي الْأُولَى، وَاكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ فِي الثَّانِيَةِ. وَمَحَلُّ بُطْلَانِ إيجَارِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهَا، وَإِلَّا فَتَصِحُّ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ مِنْ نَفْيِهِ أَنَّ الْإِيجَارَ لِغَيْرِ الزَّرْعِ وَلَهُ الزَّرْعُ لَا الْبِنَاءُ، وَالْغِرَاسُ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَفَرَضَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ: لِتَصْنَعَ بِهَا مَا شِئْت غَيْرَ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يَقُومُ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِعَدَمِ الْمَاءِ مَقَامَ التَّصْرِيحِ بِنَفْيِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مِثْلِهَا الْإِجَارَةُ لِلزَّرْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ صَارِفٍ، وَلَوْ عَلَا الْمَاءُ الْأَرْضَ وَلَمْ يُرْجَ انْحِسَارُهُ، أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ إيجَارُهَا، وَإِنْ رُجِيَ فَالنَّصُّ صِحَّتُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ عَقِبَ الْعَقْدِ شَرْطٌ، وَالْمَاءَ يَمْنَعُهُ وَبِأَنَّهُ يَمْنَعُ رُؤْيَةَ الْأَرْضِ، وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ وَبِأَنَّ صَرْفَهُ مُمْكِنٌ بِفَتْحِ مَوْضِعٍ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الزَّرْعِ حَالًا كَإِيجَارِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ إذَا سَبَقَتْ الرُّؤْيَةُ، أَوْ أَمْكَنَتْ مَعَ الْمَاءِ وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ تُرَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا كَاسْتِتَارِ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ بِالْقِشْرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا؛ لِمَا ذُكِرَ، وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ

. (وَ) بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ (لِزَمَانٍ قَابِلٍ حَيْثُ جَرَى) الْعَقْدُ (فِي عَيْنِهَا) أَيْ: عَيْنِ مَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْمَنْفَعَةَ أَيْ: فِي الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ كَأَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ لِتَرْكَبَهَا غَدًا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا فِي الْغَدِ غَيْرُ مَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ، أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ كَأَلْزَمْتُ ذِمَّتَك تَحْصِيلَ الْحَجِّ عَنِّي فِي الْعَامِ الْقَابِلِ كَمَا فِي السَّلَمِ (إلَّا) إذَا جَرَى الْعَقْدُ فِي الْعَيْنِيَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

صَحِيحٌ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَتْ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُ الصِّحَّةِ هُنَا بِمَا إذَا انْحَصَرَتْ الْمَنْفَعَةُ، أَوْ عَمَّمَ لَهُ الِانْتِفَاعَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالزِّرَاعَةِ؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا لَهُ مَنَافِعُ شَرْطٌ، وَالْإِطْلَاقَ مُفْسِدٌ. (قَوْلُهُ: وَاكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ فِي الثَّانِيَةِ) فَعُلِمَ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الَّتِي تُرْوَى مِنْ نَحْوِ النِّيلِ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا قَبْلَ رَيِّهَا، إنْ وَثِقَ بِحُصُولِهِ غَالِبًا، ثُمَّ قَالَ: وَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ عِنْدَ الْإِجَارَةِ إمْكَانُ التَّشَاغُلِ أَيْ: بِالزَّرْعِ، أَوْ أَسْبَابِهِ مِنْ تَكْرِيبِ الْأَرْضِ، أَوْ نَحْوِهِ، إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَإِلَّا كَفَى الِاسْتِيلَاءُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَصِحُّ إلَخْ) لَكِنَّ مَحَلَّهُ، إنْ ضَمَّ لِذَلِكَ قَوْلَهُ لِتَنْتَفِعَ بِهَا، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَجَرْتُكهَا لِلزِّرَاعَةِ، وَلَا مَاءٍ لَهَا غَالِبٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ، إنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ مَاءٍ لَهَا بِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ صَحَّ أَوْ تَوَقَّعَهُ مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ نَادِرٍ فَلَا. اهـ. حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِيجَارَ لِغَيْرِ الزَّرْعِ) أَيْ: مِمَّا هُوَ الْعَادَةُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الزَّرْعُ) أَيْ: وَغَيْرُهُ مَا عَدَا الْبِنَاءَ، وَالْغِرَاسَ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ، فَإِنْ نَفَاهُ فَلَهُ غَيْرُ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى ذِكْرِ الْمُدَّةِ التَّفْرِيغُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا وَهُمَا لِلتَّأْبِيدِ فَاشْتُرِطَ التَّصْرِيحُ بِهِمَا، أَوْ ذِكْرُ مَا يَعُمُّهُمَا كَذَا فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِنَفْيِهِمَا بَلْ يَنْتَفِيَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ: لِتَصْنَعَ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَفِعُ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الرُّويَانِيِّ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ بَقَاءَ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ فِي مَعْنَى التَّشَاغُلِ بِأَسْبَابِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَإِيجَارِ دَارٍ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ اعْتِبَارُ إمْكَانِ الصَّرْفِ فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقَضِيَّةُ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ خِلَافُهُ م ر. (قَوْلُهُ: كَاسْتِتَارِ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ بِالْقِشْرِ) فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهَا مَسْتُورَةً بِالْمَاءِ كَمَا يُشْتَرَطُ

ــ

[حاشية الشربيني]

زَرْعَهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَاءٌ فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِنَفْيِ الْمَاءِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا صَحَّ وَلَهُ مَا عَدَا الْبِنَاءَ، وَالْغِرَاسَ مِنْ زَرْعٍ وَغَيْرِهِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: لِتَصْنَعَ بِهَا مَا شِئْت غَيْرَ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ فِي أَرْضٍ لَا مَاءَ لَهَا أَنَّهُ إنْ أَجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ اسْتِئْجَارَهَا، وَلَمْ يَتَوَقَّعْ زَرْعَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ صَحَّ، وَإِنْ تَوَقَّعَ فَإِنْ صَرَّحَ أَنَّهُ لَا مَاءَ لَهَا صَحَّ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا وَانْظُرْ حَيْثُ صَحَّ يَنْبَغِي أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا، إذَا عَمَّمَ مَثَلًا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ) لِقَبُولِ الدَّيْنِ لِلتَّأْجِيلِ، بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>