(مِنْ الَّذِي اكْتَرَى) كَأَنْ أَجَرَهُ دَارًا سَنَةً، ثُمَّ أَجَرَهَا مِنْهُ فِي أَثْنَائِهَا سَنَةً أُخْرَى تَلِيَهَا فَتَصِحُّ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُكْتَرِي كَمَا لَوْ أَجَرَهُمَا دَفْعَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمُكْتَرِي وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَجَرْتُك سَنَةً، فَإِذَا مَضَتْ فَقَدْ أَجَّرْتُك أُخْرَى لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ، وَلَوْ أَجَرَهَا لِزَيْدٍ سَنَةٍ، ثُمَّ أَجَرَهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو لَمْ يَجُزْ لِلْمَالِكِ إجَارَتُهَا السَّنَةَ الْقَابِلَةَ لِزَيْدٍ وَفِي جَوَازِ إجَارَتِهَا لِعَمْرٍو الْخِلَافُ فِي إجَارَتِهَا لِلْمُكْتَرِي حَكَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ وَبِهَا أَفْتَى الشَّارِحُ، ثُمَّ حَكَى أَعْنِي الرَّافِعِيَّ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِزَيْدٍ لَا لِعَمْرٍو؛ لِأَنَّ زَيْدًا هُوَ الَّذِي عَاقَدَهُ قَالَ يَعْنِي الْقَفَّالَ: وَلَوْ أَجَرَهَا سَنَةً، ثُمَّ بَاعَهَا فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَجِّرَهَا السَّنَةَ الْقَابِلَةَ مِنْ الْمُكْتَرِي؛ إذْ لَا مُعَاقَدَةَ بَيْنَهُمَا وَتَرَدَّدَ فِي تَمْكِينِ الْوَارِثِ مِنْ ذَلِكَ إذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ انْتَهَى وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْجَوَازُ فِيهِمَا، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ فِي حَقِّ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ.
وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَرَهُ النَّاظِرُ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَثَلَاثًا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُكْتَرِي اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْعَقْدِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ، وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ (أَوْ بَعْدَ الرَّحِيلِ فِي الْحَجِيجِ وَهَيَّأَ الْأَجِيرُ) أَيْ: وَإِلَّا إذَا جَرَى عَقْدُ الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ لِلْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، وَقَدْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بِحَيْثُ لَا تَنْقَطِعُ فِي أَشْهُرِهِ، وَوَقَعَ الْعَقْدُ زَمَنَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِ الْأَجِيرِ، أَوْ قَبْلَهُ بِحَيْثُ يَتَهَيَّأُ عَقِبَهُ (لِلْخُرُوجِ) بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِأَسْبَابِهِ مِنْ شِرَاءِ زَادٍ، وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ، وَإِنْ كَانَتْ أَعْمَالُ الْحَجِّ لَا تَقَعُ، إلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِلْعُذْرِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ وَاحْتَاجَ لِزَمَنٍ يَتَهَيَّأُ فِيهِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ (أَوْ لِرُكُوبِ نِصْفِ دَرْبٍ بَشَرُ وَنِصْفِهِ ثَانٍ) بِرَفْعِ بِشْرٌ فَاعِلًا لِرُكُوبِ، وَجَرِّ نِصْفِهِ عَطْفًا عَلَى نِصْفِ دَرْبٍ وَثَانٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِشْرٌ أَيْ: وَإِلَّا إذَا جَرَى عَقْدُ إجَارَةِ دَابَّةٍ لِاثْنَيْنِ كَبِشْرٍ وَآخَرَ لِيَرْكَبَهَا بِشْرٌ نِصْفَ الطَّرِيقِ، وَالْآخَرُ نِصْفَهُ الْآخَرَ، وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِكِرَاءِ الْعَقِبِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ؛ لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ حَالًا، وَالتَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ.
وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ مَنْ يُوجَرُ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الثَّانِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ بِأَنْ أَجَرَهَا لِغَيْرِهِ لِيَرْكَبَهَا زَمَنًا، ثُمَّ هُوَ زَمَنًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَرَهَا لَهُ لِيَرْكَبَهَا هُوَ زَمَنًا، ثُمَّ الْمُكْتَرِي زَمَنًا لِتَأَخُّرِ حَقِّهِ وَتَعَلُّقِهِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا طَلَبُ الرُّكُوبِ يَوْمَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَالنُّزُولُ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية العبادي]
رُؤْيَتُهُمَا فِي قِشْرِهِمَا فَلَا يَصِحُّ إيجَارُهَا غَائِبَةً كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَجَرَهُمَا دَفْعَةً) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ فُسِخَتْ الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ فَسْخُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِعُرُوضِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي) مَفْهُومُهُ صِحَّةُ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّهُ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَجَرَهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو إلَخْ) . (فَرْعٌ)
أَجَرَ عَيْنًا فَأَجَرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: صِحَّةُ الْإِقَالَةِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ بِانْقِطَاعِ عَلَقِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ، وَالْآخَرُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: الْجَوَازُ فِيهِمَا) قِيَاسُهُ الْجَوَازُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِهَا بَعْدَ إيجَارِهَا، ثُمَّ مَاتَ فَأَجَرَهَا الْمُوصَى لَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُدَّةً أُخْرَى. (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَشْهُرِهِ) اقْتَضَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ صَحَّ مُطْلَقًا، وَإِنْ بَعُدَ الرَّحِيلُ لِإِمْكَانِ الشُّرُوعِ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ وَاقْتَضَى أَنَّهُ؛ حَيْثُ أَمْكَنَ الْخُرُوجُ فِي أَشْهُرِهِ وَالْوُصُولُ لَا يَصِحُّ الْإِيجَارُ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، وَلَوْ وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ أَيْ: إذَا كَانَ الْخُرُوجُ مُمْكِنًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَشْهُرِهِ مَعَ تَيَسُّرِ الْوُصُولِ بِرّ.
(قَوْلُهُ: لِتَرْكَبَهَا زَمَنًا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي أَوَّلًا قَاصِرٌ بَلْ لَوْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ قَالَا: لِيَرْكَبَ أَحَدُنَا، أَوْ نَحْوَهُ صَحَّ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُكْتَرِي زَمَنًا) فَلَا يَصِحُّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَا أَنْ يَرْكَبَ أَحَدُهُمَا نَهَارًا فَقَطْ أَوْ عَكْسُهُ. اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْعَيْنِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ أَجَرَ مِنْهُ فِي أَثْنَائِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لِلْمَالِكِ) مُعْتَمَدٌ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي) وَالْمُعْتَمَدُ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ كَأَنْ تَتَوَقَّفَ عِمَارَتُهُ عَلَى أَكْثَرَ فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: وَيَجُوزُ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لِلْمَاشِي، أَوْ الدَّابَّةِ وَإِلَّا جَازَ إنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ