لِمَا فِي دَوَامِ الْمَشْيِ مِنْ التَّعَبِ، بَلْ إنْ كَانَ ثَمَّ عَادَةٌ مَضْبُوطَةٌ كَيَوْمِ رُكُوبٍ وَيَوْمِ مَشْيٍ، أَوْ فَرْسَخٍ وَفَرْسَخٍ حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا وَجَبَ الْبَيَانُ ابْتِدَاءً، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبُدَاءَةِ أُقْرِعَ، وَلَوْ أَجَرَهَا لَهُمَا وَأَطْلَقَ وَاحْتَمَلَتْ رُكُوبَهُمَا مَعًا رَكِبَا، وَإِلَّا فَبِالْمُهَايَأَةِ مَسَافَةً، أَوْ زَمَانًا وَإِذَا اقْتَسَمَا بِالزَّمَانِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَالزَّمَانُ الْمَحْسُوبُ زَمَانُ السَّيْرِ حَتَّى لَوْ نَزَلَ أَحَدُهُمَا لِلِاسْتِرَاحَةِ، أَوْ لِعَلَفِ الدَّابَّةِ لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ نَفْسَ الزَّمَانِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ، وَلَوْ أَجَرَهُ نِصْفَ دَابَّةٍ صَحَّ كَمَا يَصِحُّ إجَارَتُهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ وَهِيَ إجَارَةُ مَشَاعٍ وَاسْتَثْنَى صُوَرَ أُخْرَى مِنْهَا مَا لَوْ أَجَرَهُ دَابَّةً بِبَلَدٍ آخَرَ فَتَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ التَّسْلِيمُ، إلَّا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ وَمِنْهَا مَا لَوْ أَجَرَ دَارًا مَشْحُونَةً بِالْأَمْتِعَةِ فَتَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِزَمَنِ التَّفْرِيغِ أُجْرَةٌ وَمِنْهَا مَا لَوْ أَجَرَ الْأَرْضَ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَاءُ قَبْلَ انْحِسَارِهِ كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا مَا لَوْ أَجَرَ دَابَّةً لِعَمَلٍ مُدَّةً عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي بِخِلَافِ الْحَانُوتِ، وَنَحْوِهِ
. (وَلَمْ تَجُزْ) أَيْ: الْإِجَارَةُ (لِقَلْعِ سِنٍّ صَحَّتْ) أَيْ: صَحِيحَةٍ لِحُرْمَةِ قَلْعِهَا فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ شَرْعًا نَعَمْ، إنْ اسْتَحَقَّ قَلْعَهَا لِقِصَاصٍ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لَهُ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ وَخِدْمَتِهِ وَلَا الْإِجَارَةُ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ وَلَا إجَارَةُ الْجَاهِلِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَجْهَلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، ثُمَّ يُعَلِّمَ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ عَيْنِهِ، وَالْمَنَافِعُ الْمُعَيَّنَةُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ وَخَرَجَ بِالصَّحِيحَةِ الْوَجِعَةُ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِقَلْعِهَا إذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: قَلْعُهَا يُزِيلُ الْوَجَعَ، فَإِنْ سَكَنَ الْوَجَعُ بَعْدَ ذَلِكَ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِتَعَذُّرِ الْقَلْعِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْكُنَ.
قَالَ فِي الشَّامِلِ: لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لَكِنْ إذَا سَلَّمَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ الْعَمَلِ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: لِمَا فِي دَوَامِ الْمَشْيِ مِنْ التَّعَبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ، إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِلدَّابَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ. وَضَرَرُ الْمَاشِي كَضَرَرِ الدَّابَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: كَمَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ) وَفِي الصُّورَتَيْنِ يَقْتَسِمَانِ بِالزَّمَانِ، أَوْ الْمَسَافَةِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ، وَإِنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ وَأَنَّهُ يَحْسِبُ مِنْهُ زَمَانَ قَطْعِ الْمَسَافَةِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ، أَوْ أَكْثَرَهَا لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ أَنْ لَا تَصِحَّ الْإِجَارَةُ؛ لِعَدَمِ فَائِدَتِهَا بِالْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُعَيَّنِ فِي الْمُدَّةِ م ر. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَجَرَ دَابَّةً بِبَلَدٍ آخَرَ) هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ؛ إذْ إجَارَةُ الذِّمَّةِ لَا يُقَالُ فِيهَا إنَّهُ أَجَرَ دَابَّةً بِبَلَدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ فِيهَا فِي الذِّمَّةِ لَا تَرْتَبِطُ بِدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَا بِبَلَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَقَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ مَعَ تَأَخُّرِ التَّسْلِيمِ، وَحُسْبَانُ زَمَانِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْإِيجَارِ لِزَمَنٍ قَابِلٍ بَلْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ وُجُوبُ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ وَعَدَمُ سُقُوطِ أُجْرَةِ زَمَانِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِيهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ قَطْعُ الْمَسَافَةِ إلَّا فِي زَمَنٍ لَهُ أُجْرَةٌ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلْيُفَرَّقْ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ إلَخْ) أَيْ: إجَارَةَ عَيْنٍ قَالَ فِي الرَّوْضِ: بِخِلَافِ الذِّمَّةِ. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ، إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ جَوَازِ تَمْكِينِ الْكَافِرِ الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ. اهـ. وَجَزَمَ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمَةِ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ عَدَمَ تَبْدِيلِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَلَا إجَارَةُ الْجَاهِلِ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ عَنْ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْكُنَ) أَيْ: الْوَجَعُ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ رَدَّ الْأُجْرَةَ كَمَنْ مَكَّنَتْ الزَّوْجَ فَلَمْ يَطَأْهَا، ثُمَّ فَارَقَ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ حَتَّى تَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ: وَفِي الْبَابِ الثَّالِثِ عَنْ الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُهُ أَيْ: عَدَمَ الِاسْتِقْرَارِ فِيمَا ذَكَرَ وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ
[حاشية الشربيني]
إنْ وَقَعَ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجَرَهَا لَهُمَا وَأَطْلَقَ وَاحْتَمَلَتْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ إتْيَانِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا كُلٌّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ وَأَطْلَقَ، وَالظَّاهِرُ إتْيَانُهُ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ إلَخْ) فَلَهُ الرُّكُوبُ مِنْ نَوْبَةِ الْآخَرِ بِقَدْرِهِ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَجَرَ دَابَّةً بِبَلَدٍ آخَرَ) قَالَ ع ش: وَهَلْ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ، أَوْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ؟ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْوُصُولِ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْوُصُولِ وَلَوْ كَانَ الْوُصُولُ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ فَهَلْ تَمْتَنِعُ الْإِجَارَةُ؟ فِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ. اهـ. سم. اهـ. مُلَخَّصًا وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى م ر: لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ زِيَادَةِ زَمَنِهَا عَلَى زَمَنِ الْوُصُولِ وَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْمُسَمَّى بِقِسْطِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَقَطْ. اهـ. مَعْنَى وَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute