للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَدُونَ إذْنِ الزَّوْجِ) لَا يَجُوزُ (مِنْ مَنْكُوحَةِ) لَهُ حُرَّةٍ إجَارَةُ نَفْسِهَا إجَارَةً عَيْنِيَّةً لِاسْتِغْرَاقِ أَوْقَاتِهَا فِي حَقِّهِ فَلَا تَقْدِرُ عَلَى تَوْفِيَةِ مَا الْتَزَمَتْهُ بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَغَيْرُهُ، فَإِنْ أَذِنَ جَازَ، أَمَّا الْأَمَةُ فَلِسَيِّدِهَا إيجَارُهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْمُكْتَرِي وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ اسْتِئْجَارُهَا لِلْإِرْضَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُكَاتَبَةُ كَالْحُرَّةِ؛ إذْ لَا سُلْطَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا (لَكِنْ لَهُ، وَلَوْ لِإِرْضَاعِ صَبِيّ مِنْهَا أَجِزْ) أَيْ: لَكِنْ أَجِزْ لِلزَّوْجِ اكْتِرَاءَ زَوْجَتِهِ، وَلَوْ لِإِرْضَاعٍ وَلَدِهِ مِنْهَا كَمَا لَوْ اكْتَرَاهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْقُونَوِيِّ، وَغَيْرِهِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ اللِّبَأُ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَمَا قَالَهُ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ يَجِبُ عَلَى الْأُمِّ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا اللِّبَأَ وَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ وَفِي وَجْهٍ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَا أُجْرَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا يَلْزَمُ بَذْلُ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ بِبَدَلِهِ انْتَهَى وَخَرَجَ بِحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُكْتَرِي مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:

(وَلَمْ تَجُزْ) أَيْ: الْإِجَارَةُ (لِلْقُرَبِ) الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ (كَالْحُكْمِ، وَالتَّدْرِيسِ) الْعَامِّ؛ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِمَا، وَلِأَنَّهُمَا كَالْجِهَادِ فِي فَرْضِيَّتِهِ عَلَى الشُّيُوعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَ الْمُكْتَرِي

ــ

[حاشية العبادي]

تَمْكِينِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ لَمْ يُكَلَّفْ تَمْكِينَهُ، لَكِنْ بِتَسْلِيمِ الْأَجِيرِ نَفْسَهُ وَإِمْكَانِ الْعَمَلِ تَسْتَقِرُّ أُجْرَتُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ. اهـ. وَأَجَابَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِمَنْعِ الْمُخَالَفَةِ؛ إذْ لَمْ يَطْرَأْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ إمْكَانِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا. وَكَأَنَّ حَاصِلَ جَوَابِهِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ هُنَا قَلْعُ السِّنِّ وَبِسُقُوطِهَا تَعَذَّرَ قَلْعُهَا، وَلَا كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَاطَةِ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ الْخِيَاطَةُ وَهِيَ مُمْكِنَةٌ لِوُجُودِ مَحَلِّهَا. (قَوْلُهُ: وَدُونَ إذْنِ الزَّوْجِ) الْوَجْهُ جَوَازُ إيجَارِهَا نَفْسَهَا إجَارَةً عَيْنِيَّةً فِي غَيْبَتِهِ مُدَّةً تَأْتِي فِيهَا بِالْعَمَلِ قَبْلَ حُضُورِهِ، وَإِنْ نَهَاهَا عَنْ ذَلِكَ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي مَنَافِعِهَا حَالَ غَيْبَتِهِ، نَعَمْ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى إيجَارِهَا خُرُوجٌ مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ امْتَنَعَ، وَكَذَا إدْخَالُ طِفْلٍ أَجَرَتْ نَفْسَهَا لِإِرْضَاعِهِ فِي مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيَمْتَنِعُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا: وَلَوْ صَغِيرًا لَا يُطِيقُ الْوَطْءَ وَعَبْدًا وَغَائِبًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً، أَوْ طِفْلًا فَأَجَرَتْ نَفْسَهَا لِعَمَلِهِ بِمَنْزِلِهَا بِحَيْثُ يُظَنُّ فَرَاغُهَا مِنْهُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ حَضَرَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَيَنْبَغِي الِانْفِسَاخُ فِي الْبَاقِي م ر لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيجَارُ فِيهِ؛ لِعَدَمِ إذْنِ الزَّوْجِ فِيهِ وَعَدَمِ غَيْبَتِهِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَنْكُوحَةٍ) وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً وَرَتْقَاءَ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا) يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤَجِّرُهَا فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا فِيهِ، وَهُوَ النَّهَارُ وَمَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الْخِدْمَةُ عَادَةً مِنْ اللَّيْلِ فَلَيْسَ لَهُ إيجَارُهَا لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا لِلزَّوْجِ لَيْلًا يَسْتَمْتِعُ بِهَا. (فَرْعٌ)

لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي رَقِيقٍ إيجَارِ حِصَّتِهِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَأَجَرَ جَمِيعَهُ فِي نَوْبَتِهِ فَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فَلَوْ رَجَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ؛ إذْ هِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَيَنْبَغِي انْفِسَاخُهَا فِي حِصَّتِهِ، دُونَ حِصَّةِ الْمُؤَجِّرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ دُونَ مَا مَضَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: بَعْدَ فَرَاغِهَا أَيْ: فِي أَوْقَاتِ الْفَرَاغِ

(قَوْلُهُ: الْعَامِّ) هُوَ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ فِي جَعْلِ هَذَا الْقَيْدِ لِلتَّدْرِيسِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ الْفَرْقُ خُصُوصًا وَقَدْ عَلَّلَ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ لِلْقَضَاءِ بِأَنَّ الْمُتَصَدِّيَ لَهُ يَتَعَلَّقُ عَمَلُهُ بِأَمْرِ النَّاسِ عَامَّةً، وَأَنَّ أَعْمَالَ الْقَاضِي غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ إلَخْ) هَذَا شَامِلٌ لِكَوْنِ ذَلِكَ لِلْمُكْتَرِي فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) يُشْكِلُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ وَقَوْلُهُ: مَا لَوْ عَيَّنَ الْمُكْتَرِي إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقَضَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

كُلٍّ فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ إجَارَةِ دَارٍ مَشْغُولَةٍ بِأَمْتِعَةٍ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ فِيهَا إمْكَانُ التَّفْرِيغِ فِي زَمَنٍ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَيُجْرِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ تَقْصِيرُهُمَا فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِمَا حَيْثُ كَانَتْ الدَّارُ بِالْبَلَدِ أَنْ يُفْرِغَاهَا ثُمَّ يَعْقِدَا أَفَادَهُ ع ش

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ اسْتِئْجَارُهَا لِلْإِرْضَاعِ) أَيْ: وَإِنْ خِيفَ الْحَبَلُ فَيَنْقَطِعُ اللَّبَنُ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَهَّمٌ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ الْمُسْتَحَقِّ شَرْحُ الرَّوْضِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَتُكَلَّفُ الْمُرْضِعَةُ تَرْكَ مَا يَضُرُّ اللَّبَنَ كَوَطْءِ حَلِيلٍ يَضُرُّ، بِخِلَافِ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجَرِهَا لِلْإِرْضَاعِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْحَبَلِ فَأَجَابُوا عَنْ التَّنَافِي بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا حَمْلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَنْعِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلزَّوْجِ، وَمَا هُنَا فِي امْتِنَاعِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا قَالَ ع ش: وَهَلْ تَصِيرُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ وَحْدَهَا لِحَاجَتِهَا أَمْ لَا؟ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَالْإِذْنُ لَهَا إنَّمَا أَسْقَطَ عَنْهَا الْإِثْمَ فَقَطْ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَتَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ. اهـ مَعْنًى بِحَذْفٍ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي زَوْجَةِ الْحُرِّ الْمُؤَجَّرَةِ، أَمَّا زَوْجَةُ الرَّقِيقِ غَيْرِ الْآذِنِ فَلَا يَظْهَرُ؛ إذْ كَيْفَ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْوَطْءِ لَيْلًا، إذَا كَانَ يَضُرُّ، وَلَا إذْنَ مِنْهُ؟ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: وَالتَّدْرِيسِ الْعَامِّ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَمَا يُعَلِّمُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْجِهَادِ فِي أَنَّهُ إقَامَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>