للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَكِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ. وَالْمُقَابَلُ بِالْأُجْرَةِ جَمِيعُ الْأَذَانِ بِصِفَاتِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ لَهُ الْإِقَامَةُ وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهَا وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا كُلْفَةَ فِيهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ (وَقَدْ أُجِيزَ لِإِمَامِ الْأُمَّهْ أَنْ يَكْتَرِي لِلْغَزْوِ) أَيْ: الْجِهَادِ (أَهْلَ الذِّمَّهْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِأَعْمَالِ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي مُعَامَلَاتِ الْكُفَّارِ لِمَصَالِحِ الْقِتَالِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِلْجِ، أَمَّا الْآحَادُ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَخَرَجَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ الْمُسْلِمُونَ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا غَيْرِهِ أَنْ يَكْتَرِيَهُمْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُمْ

. ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَعْيِينُ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: (وَعَيَّنَ الْمُوجِرُ قَدْرَ الْمَنْفَعَهْ إمَّا بِوَقْتٍ مِثْلُ سُكْنَى جَمْعَهْ) بِمَكَانٍ، وَالتَّمْثِيلُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: أَجَرْتُكَهُ لِتَسْكُنَهُ، فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَسْكُنَهُ لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: لِتَسْكُنَهُ وَحْدَك ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَقَالَ: إنَّهُ أَقْوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُك الْأَرْضَ لِتَزْرَعَ الْحِنْطَةَ دُونَ غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِهِ بِالْجِهَاتِ كَمَا فِي الْبَيْعِ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ (وَلَوْ بِطُولٍ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ التَّأْقِيتُ مَعَ طُولِ الْوَقْتِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ) الْمُكْتَرَاةِ إلَيْهِ غَالِبًا فَيُؤَجِّرُ الدَّابَّةَ إلَى عَشَرِ سِنِينَ، وَنَحْوِهَا، وَالْعَبْدَ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَنَحْوِهَا، وَالثَّوْبَ إلَى سَنَةٍ، أَوْ سَنَتَيْنِ، وَنَحْوِهِمَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَرْضَ إلَى مِائَةٍ وَأَكْثَرَ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْفُ، وَالطَّلْقُ (أَوْ بِمَحَلِّ عَمَلٍ) كَالْإِيجَارِ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، سَوَاءٌ كَانَ إجَارَةَ عَيْنٍ، أَمْ ذِمَّةٍ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ بِالْوَقْتِ لَا يَأْتِي فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، فَلَوْ قَالَ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ نَعَمْ، إنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَنَوْعَ مَحَلِّهِ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ، وَوَصْفِهِ، وَقَدْ يُمْكِنُ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ. اهـ. فَالْإِقْرَاءُ الْعَامُّ لِقُرْآنٍ، أَوْ حَدِيثٍ كَالتَّدْرِيسِ الْعَامِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَيَانُ مُدَّةٍ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ. (فَرْعٌ)

لَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ لِلْجِهَادِ قَبْلَ التَّمَامِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا لَوْ حَاضَتْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهَا لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (تَنْبِيهٌ)

إطْلَاقُهُمْ امْتِنَاعَ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ شَامِلٌ لِلْإِمَامِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ لِلْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ بِحُضُورِهِ الصَّفَّ مَعَ وُقُوعِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمِّيًّا يَنُوبُ عَنْهُ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ جِهَادَ الذِّمِّيِّ الَّذِي يَسْتَأْجِرُهُ يَقَعُ لَهُ، بَلْ هُوَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْعُمُومِ مَعَ الْكَلَامِ فِي قُصُورِ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ؛ فَإِنَّ الْآحَادَ لَا مَدْخَلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا جَازَ اسْتِئْجَارُهُمْ الذِّمِّيَّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ سم. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ، وَلَا غَيْرِهِ) سَوَاءٌ قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ وُقُوعَ الْجِهَادِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ قَصَدَ إقَامَةَ هَذَا الشِّعَارِ وَصَرْفَ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَبَرَّأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْإِمَامَةِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ لَهَا. (قَوْلُهُ: جَمِيعُ الْأَذَانِ) وَقِيلَ رِعَايَةُ الْمَوَاقِيتِ وَقِيلَ رَفْعُ الصَّوْتِ وَقِيلَ الْحَيْعَلَتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا ذِكْرًا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْلُو إلَخْ) لِعِلَّةِ أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا فِيهَا كُلْفَةٌ. (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُونَ) وَلَوْ صِبْيَانًا لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِمْ حُكْمًا، فَإِنَّا لَوْ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ، وَحَضَرَ الصَّفَّ كَانَ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكْتَرِيَهُمْ لِذَلِكَ) أَيْ: وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ إبْدَالُ نَفْسِهِ بِذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ.

(قَوْلُهُ: إمَّا بِوَقْتٍ إلَخْ) وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ تَقْدِيرِ الزَّمَنِ فِي إجَارَةِ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ، أَوْ ذِمِّيًّا لِلْجِهَادِ فَيَكْفِي كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاطِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ إذْ يَنْتَظِمُ مَعَهُ إنْ شِئْت. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: لِتَسْكُنَهُ، وَحْدَك) أَيْ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا مَلَكَهُ بِالْإِجَارَةِ قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا إنْ كَانَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتهَا لِأَسْكُنَهَا وَحْدِي صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَيْسَ لَهُ سُكْنَى زَوْجَتِهِ مَعَهُ، وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ. اهـ. ق ل وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ، ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ: الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ مُضِرَّةٌ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ بِهَا الْمُؤَجِّرُ، أَوْ الْقَابِلُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَقَدْ يَمُوتُ الْمُسْتَأْجِرُ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِوَارِثِهِ خَاصًّا كَانَ، أَوْ عَامًّا، وَلَا يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ الْوَارِثِ فِي السُّكْنَى لِلْمَيِّتِ. اهـ. وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ إلَخْ) هَذَا عَامٌّ لِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَالْعَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: كَمَا فِي الْبَيْعِ خَاصٌّ بِالْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَلْزَمُ تَحْدِيدُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِجَارَةِ، وَالْبَيْعِ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْوَقْفُ) إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِإِيجَارِهِ مُدَّةً حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ إلَخْ) فَلَا تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ. (قَوْلُهُ: وَنَوْعُ مَحَلِّهِ) أَيْ: كَوْنِهِ قَمِيصًا، أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ، وَوَصْفِهِ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ، إذَا قَالَ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ فَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ خِيَاطَةُ الثَّوْبِ بِتَمَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>