وَفِي اكْتِرَاءِ بِنَاءٍ لِيَبْنِيَ لَهُ (الطُّولَ) لِلْبِنَاءِ، وَهُوَ الِامْتِدَادُ مِنْ إحْدَى الزَّاوِيَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى (وَالْعَرْضَ) لَهُ، وَهُوَ الْمَسَافَةُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْ الْجِدَارِ إلَى الْآخَرِ (وَمَوْضِعَ الْبَنَّا) ، سَوَاءٌ فِي الثَّلَاثَةِ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَى أَرْضٍ، أَمْ غَيْرِهَا كَسَقْفٍ؛ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ (بِالِارْتِفَاعَاتِ وَبِالْكَيْفِيَّةِ لَوْ فَوْق سَقْف كَانَتْ الْبَنِيَّهْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِمَعْنَى الْبِنَاءِ أَيْ: وَعَيَّنَا الثَّلَاثَةَ مَعَ ارْتِفَاعِ الْبِنَاءِ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَمَعَ كَيْفِيَّتِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُنَضَّدًا، أَوْ خَالِي الْأَجْوَافِ بِحَجَرٍ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَى عُلْوٍ كَسَقْفٍ (أَوْ) حَيْثُ (اكْتَرَى) شَخْصًا (لِعَمَلٍ) أَيْ: لِعَمَلِ الْبِنَاءِ وَقَدَّرَاهُ بِالْعَمَلِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَدَّرَاهُ بِالْوَقْتِ لَمْ يَحْتَجْ، إلَّا إلَى تَعْيِينِ الْكَيْفِيَّةِ وَكَالسَّقْفِ فِي ذَلِكَ الْجِدَارُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ إذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينِ الِارْتِفَاعِ، وَالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَيَعْرِفُ) مُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ إجَارَةَ عَيْنٍ، أَوْ ذِمَّةٍ (رَاكِبَهَا بِرُؤْيَةٍ) لَهُ (أَوْ يَصِفُ) أَيْ: أَوْ بِوَصْفِهِ بِكَوْنِهِ (ضَخْمًا) ، أَوْ (نَحِيفًا) وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ اشْتِرَاطُ رُؤْيَتِهِ.
ثُمَّ قَالَا: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْوَصْفَ التَّامَّ يَكْفِي عَنْهَا، ثُمَّ قِيلَ: يَصِفُهُ بِالْوَزْنِ وَقِيلَ: بِالضَّخَامَةِ، وَالنَّحَافَةِ لِيَعْرِفَ وَزْنَهُ تَخْمِينًا فَلَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا، بَلْ قِيَاسُ مَا رَجَّحَاهُ، وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمَحْمِلَ، وَنَحْوَهُ يُوزَنُ أَنَّ الرَّاكِبَ كَذَلِكَ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ وَزْنَهُ يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ وَبِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِالسِّمَنِ، وَالْهُزَالِ فَلَا يَنْضَبِطُ بِالْوَزْنِ بِخِلَافِ الْمَحْمِلِ، وَنَحْوِهِ (وَلِمَحْمِلٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ تَقْوِيَةً لِلْعَامِلِ الْمُؤَخَّرِ، وَهُوَ ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ: (ذَكَرْ الضِّيقَ، وَالْوُسْعَ، وَوَزْنًا) أَيْ: وَذَكَرَ مُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ الْمَحْمِلَ الَّذِي لِلرَّاكِبِ أَيْ: وَصَفَهُ بِضِيقِهِ، أَوْ سِعَتِهِ، وَوَزْنِهِ.
(أَوْ نَظَرْ) إلَيْهِ هَذَا إذَا تَفَاوَتَتْ الْمَحَامِلُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا، وَإِلَّا كَفَى الْإِطْلَاقُ وَحُمِلَ عَلَى مَعْهُودِهِمْ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّاكِبِ مَحْمِلٌ أَيْ: أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا يُرْكَبُ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالرُّؤْيَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا بِالْوَصْفِ فِي الرَّضِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَقَاصِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِالِارْتِفَاعَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ بِالِارْتِفَاعِ وَكَيْفِيَّتِهِ فِي سَقْفٍ لِبِنَاءٍ أَيْ: فِي اسْتِئْجَارِ سَقْفٍ لِبِنَاءٍ وَمَا قُدِّرَ بِعَمَلٍ أَيْ: وَفِيمَا قُدِّرَ بِعَمَلٍ كَأَنْ قَالَ: لِيَبْنِيَ لِي حَائِطًا (قَوْلُهُ: بِحَجَرٍ، أَوْ لَبِنٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَمَا يُبْنَى بِهِ مِنْ طِينٍ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ أَقُدِّرَ بِالزَّمَانِ أَمْ بِالْعَمَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يُبْنَى بِهِ حَاضِرًا فَمُشَاهَدَتُهُ تُغْنِي عَنْ تَبْيِينِهِ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: أَوْ؛ حَيْثُ اكْتَرَى شَخْصًا) قَدْ يَشْمَلُ الذِّمَّةَ، وَالْعَيْنَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَّرَاهُ بِالْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالطُّولَ، وَالْعَرْضَ إلَخْ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فِيهِ مَا عَدَا الْكَيْفِيَّةَ، وَالِارْتِفَاعَاتِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ مَا عَدَاهُمَا مُطْلَقًا، ثُمَّ اعْتَبَرَ زِيَادَتَهُمَا فِي الْبِنَاءِ فَوْقَ السَّقْفِ وَفِي اكْتِرَاءِ الشَّخْصِ لِعَمَلٍ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ إلَّا إلَى تَعْيِينِ الْكَيْفِيَّةِ) وَمِنْ لَازِمِهَا بَيَانُ مَا يُبْنَى بِهِ بِوَصْفٍ، أَوْ بِرُؤْيَةٍ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ بِوَصْفِهِ) لَعَلَّهُ تَفْسِيرُ مَعْنًى، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ: أَوْ يَصِفُهُ بِمَعْنَى يَعْرِفُهُ بِوَصْفِهِ عَطْفٌ عَلَى يَعْرِفُ رَاكِبَهَا بِرُؤْيَةٍ فَتَأَمَّلْهُ وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيرَ أَنْ، مَعَ يَصِفُ فَيُعْطَفُ عَلَى رُؤْيَةٍ. (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَمْ يَشْتَرِطُوا، مَعَ رُؤْيَةِ الرَّاكِبِ امْتِحَانَهُ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ فِيهِ بِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَصْفَهُ بِضِيقِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى نَصْبِ الضِّيقِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ نَصْبِهَا بِالْمَفْعُولِيَّةِ لِذَكَرَ وَجَعْلِ لِمَحْمِلٍ حَالًا مِنْهَا مُقَدَّمَةً، وَاللَّامُ أَصْلِيَّةٌ، أَوْ مُتَعَلِّقًا بِذَكَرَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرَ إلَيْهِ) أَلْحَقَ الشَّيْخَانِ الْمَحْمِلَ بِالزَّامِلَةِ فِي اعْتِبَارِ امْتِحَانِهَا بِالْيَدِ، مَعَ رُؤْيَتِهَا
[حاشية الشربيني]
عَدَمُ سَعَةِ الزَّمَنِ لِلْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ) الْأَوْلَى عَمَّا يُبْنَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ فَوْقَ سَقْفٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ) أَيْ: مِمَّا تَضَمَّنَهُ. (قَوْلُهُ: بِالِارْتِفَاعَاتِ إلَخْ) وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى مَعْرِفَةِ الطُّولِ وَتَالِيَيْهِ، ثُمَّ قِيلَ يَصِفُهُ بِالْوَزْنِ إلَخْ هَذَا كُلُّهُ، إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَزْنَ فَإِنْ شَرَطَ اُتُّبِعَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قِيلَ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ إلَخْ) هَذَا هُوَ التَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ وَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرَ إلَيْهِ) ظَاهِرُهُ كِفَايَةُ النَّظَرِ وَفِي الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الِامْتِحَانِ بِالْيَدِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، ثُمَّ رَأَيْت ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ يَكْفِي أَحَدُهُمَا إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِهِ، وَأَنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى، أَوْ. (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا تَفَاوَتَتْ الْمَحَامِلُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا، وَإِلَّا كَفَى الْإِطْلَاقُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر إنْ فَحُشَ تَفَاوُتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ. اهـ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ إنَّمَا هُوَ الْمُتَفَاوِتُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا، أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَلَا الْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ فِيهِ بَلْ لَوْ كَانَ الْعُرْفُ، بِخِلَافِهِ لَمْ يَضُرَّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَشَرَطَ مَعْرِفَةَ الرَّاكِبِ، وَمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَالْحَالَةُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ عُرْفٌ وَفَحُشَ تَفَاوُتُهُ. اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَا. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute