للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا حَاجَةَ إلَى مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ، إنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِالْعَمَلِ كَأَنْ قَالَ: لِتَحْرُثَ هَذِهِ الْأَرْضَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّرَهَا بِالْوَقْتِ كَأَنْ قَالَ: لِتَحْرُثَ هَذَا الشَّهْرَ، أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَيْنِيَّةً وَزَادَ قَوْلَهُ: (مِثَالَا) إشَارَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي نَحْوِ الْحَرْثِ كَحَفْرِ نَهْرٍ، أَوْ بِئْرٍ، أَوْ قَنَاةٍ وَعَلَيْهِ إخْرَاجُ التُّرَابِ الْمَحْفُورِ لَا مَا انْهَارَ مِنْ الْجَوَانِبِ وَإِذَا انْتَهَى إلَى مَوْضِعٍ صُلْبٍ، أَوْ حِجَارَةٍ، فَإِنْ عَمِلَ فِيهِ الْمِعْوَلُ وَجَبَ حَفْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ، أَوْ نَبَعَ الْمَاءُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ، وَتَعَذَّرَ الْحَفْرُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى مَا عَمِلَ وَمَا بَقِيَ (وَلِاسْتِقَاءٍ مَوْضِعَ الْبِئْرِ عَرَفْ) أَيْ: وَعَرَفَ الْأَجِيرُ لِلِاسْتِقَاءِ مِنْ بِئْرٍ مَوْضِعَهَا (وَالدَّلْوَ، وَالْعُمْقَ) بِالرُّؤْيَةِ، أَوْ بِالْوَصْفِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (عِيَانًا، أَوْ وَصَفْ وَ) عَرَفَ (عَدَدَ الدِّلَاءِ) ، إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ (أَوْ وَقْتَ اسْتِقَاء) كَيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ إنْ قُدِّرَ بِالْوَقْتِ وَلَا يُقَدَّرُ بِالْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَا كَفَتْ) أَيْ: مَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِلِاسْتِقَاءِ فِي قَوْلِهِ: أَكْرَيْتُك (لِسَقْيِ) هَذِهِ (الْأَرْضِ مُطْلَقَا) عَنْ التَّقْدِيرِ بِالْوَقْتِ، أَوْ الْعَمَلِ لِاخْتِلَافِ رَيِّهَا بِكَيْفِيَّةِ حَالِهَا، وَبِحَرَارَةِ الْهَوَاءِ، وَبُرُودَتِهِ وَآلَاتُ السَّقْيِ عَلَى الْأَجِيرِ إنْ الْتَزَمَهُ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَنْ يُسَلِّمَا) الْمُكْتَرِيَ (دَارًا) أَجَرَهَا لَهُ (وَسِنْدَاسًا) لَهَا، وَهُوَ مَا يَقْضِي فِيهِ الْحَاجَةَ (وَبَالُوعَةَ مَا) وَزَادَ لَفْظَةَ مَا إشَارَةً إلَى تَفْسِيرِ الْبَالُوعَةِ بِأَنَّهَا الَّتِي يُصَبُّ فِيهَا الْمَاءُ، أَوْ إلَى التَّعْمِيمِ أَيْ: أَيَّ بَالُوعَةٍ كَانَتْ وَعَلَيْهِ تَرَكَ تَنْوِينَ بَالُوعَةَ لِلضَّرُورَةِ (خَالِيَةً) أَيْ: الثَّلَاثَةُ عَمَّا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ التَّامَّ كَالْقُمَامَاتِ، وَالرَّمَادِ (بَدْءًا) أَيْ: فِي ابْتِدَاءِ الْإِجَارَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ التَّامِّ فَتَفْرِيغُهَا فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ التَّامَّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَتَفْرِيغُهَا عَلَى الْمُكْتَرِي مَا دَامَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً؛ لِحُصُولِ مَا فِيهَا بِفِعْلِهِ، فَإِذَا انْقَضَتْ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِيهِ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، فَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ قَدَّرَ الْحَدَثَ فِيهَا بِزَمَانٍ وَجَبَ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ لَا، إنْ قَدَّرَ بِالْأَرْضِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَالرَّوْضَةِ وَتَجِبُ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ فِي الْعَيْنِيَّةِ، وَكَذَا فِي الذِّمَّةِ، إنْ قَدَّرَ بِزَمَنٍ لَا بِالْأَرْضِ الْمَحْرُوثَةِ انْتَهَتْ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ فِي الْعَيْنِيَّةِ مُطْلَقًا وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فِي الذِّمَّةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِالْعَمَلِ أَيْ: وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ ذِمِّيَّةً، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ، إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِيَّةِ هُنَا اسْتِئْجَارَ عَيْنِ الْأَجِيرِ فَقَدْ يُخَالِفُ ذَلِكَ تَمْثِيلَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِتَحْرُثَ اسْتِئْجَارٌ لِعَيْنِهِ وَقَدْ قَابَلَ بِهِ الْعَيْنِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ اسْتِئْجَارَ عَيْنِ الدَّابَّةِ فَلَا إشْكَالَ بِهَذَا، لَكِنْ يَشْكُلُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ يُنَافِي كَوْنَهَا فِي الذِّمَّةِ، إنْ أُرِيدَ مَعْرِفَةُ عَيْنِهَا فَكَيْفَ اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ الدَّابَّةِ، إذَا كَانَتْ ذِمِّيَّةً وَقَدَّرَ بِالْوَقْتِ؟ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَعْرِفَتِهَا حِينَئِذٍ مَعْرِفَتُهَا بِالْوَصْفِ هَذَا وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الشِّقَّ الثَّانِيَ، وَهُوَ الْعَيْنِيَّةُ، وَالذِّمِّيَّةُ بِاعْتِبَارِ الدَّابَّةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَعْرِفَتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِيَّةِ مُشَاهَدَتَهَا وَبِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيَّةِ مَعْرِفَتَهَا بِالْوَصْفِ، ثُمَّ وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ تَفْسِيرَ الْعَيْنِيَّةِ هُنَا بِاسْتِئْجَارِ عَيْنِ الدَّابَّةِ وَتَفْسِيرَ مَعْرِفَتِهَا بِمَعْرِفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَبِذَلِكَ يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ كَوْنُ الدَّابَّةِ هُنَا عَلَى الْأَجِيرِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِهَا عَلَى الْأَجِيرِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِعَيْنِهِ، أَوْ ذِمَّتِهِ، وَلَا بَيْنَ حَالَةِ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَتِهَا وَغَيْرِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. لَكِنَّ هَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ جَعَلَهَا الْمَالِكُ عَلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَرْثِ عَلَى دَابَّتِي هَذِهِ كَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ.

(قَوْلُهُ: انْفَسَخَ الْعَقْدُ) قَدْ يَشْكُلُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ فَإِمَّا أَنْ يُفَرَّعَ هَذَا عَلَى مُقَابِلِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ مِنْ نَحْوِ الِاسْتِئْجَارِ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ فَبَرِئَتْ، أَوْ إرْضَاعِ صَبِيٍّ فَتَعَذَّرَ إرْضَاعُهُ بِنَحْوِ مَوْتٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ إلَى التَّعْمِيمِ) وَعَلَيْهِ فَمَا زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ فِيهَا إلَخْ) شَامِلٌ لِحُصُولِ نَحْوِ الْقُمَامَاتِ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ وَلَيْسَ مُرَادًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي لِحُصُولِ مَا فِيهَا بِفِعْلِهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضِ أَنَّ الْكُنَاسَةَ الْحَادِثَةَ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ لَيْسَتْ عَلَى الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ: فَإِذَا انْقَضَتْ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَالَ: أَجَرْتُكهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ مِمَّا شِئْت صَحَّ وَسَبَقَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا فِيهِ. اهـ. أَيْ: فِي ابْتِدَاءِ الْإِجَارَةِ أَيْ ابْتِدَاءِ مُدَّتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>