للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ ذَلِكَ، وَنَحْوِهِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، وَالْمُكْتَرِي إجْبَارَهُ عَلَيْهِ، بَلْ إنَّهُ مِنْ وَظِيفَتِهِ حَتَّى إذَا تَرَكَ الْمُؤَجِّرُ مَا عَلَيْهِ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، أَوْ الْمُكْتَرِي مَا عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ انْتِفَاعُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ مُطْلَقًا وَمَا حَصَلَ فِي سُفْلِ الدَّارِ مِنْ ثَلْجٍ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ كَسْحُهُ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْهُ عَلَى السَّطْحِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَعِمَارَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَمِفْتَاحًا) أَيْ: وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَنْ يُسَلِّمُ مِفْتَاحَ الْمَغَالِيقِ الْمُثْبَتَةِ لِمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا بِخِلَافِ الْقُفْلِ وَمِفْتَاحِهِ حَيْثُ اُعْتِيدَ الْإِغْلَاقُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِ الْمَنْقُولِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَقَارِ، وَإِذَا سُلِّمَ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُكْتَرِي، فَإِنْ ضَاعَ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ (وَلَمْ يُعِدْ لَهُ) الْمُؤَجِّرُ مِفْتَاحًا آخَرَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعَادَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِهِ تَسْلِيمَ عَيْنٍ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ، وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ وَظِيفَتِهِ كَمَا مَرَّ حَتَّى إذَا تَرَكَهَا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ.

(وَ) يَلْزَمُهُ أَيْضًا أَنْ (يَعْمُرَ الَّذِي انْهَدَمْ) مِنْ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ (بِغَيْرِ كُرْهٍ) أَيْ: إجْبَارٍ عَلَيْهِ، بَلْ إنْ لَمْ يُبَادِرْ إلَيْهِ فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ. وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ مَا إذَا قَارَنَ الْخَلَلُ الْعَقْدَ وَعَلِمَ بِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يُزِيلُهُ، وَالضَّرَرُ يَتَجَدَّدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا سِيَّمَا وَالْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ لَمْ تُقْبَضْ إلَى الْآنَ فَفِي إلْزَامِهِ الْبَقَاءَ مَعَ مُصَابَرَةِ الضَّرَرِ عُسْرٌ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ امْتِلَاءِ الْخَلَاءِ ابْتِدَاءً؟ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمُكْتَرِي كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَخُصُّوهُ بِحَالَةِ الْجَهْلِ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ: الْآخَرُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْجَهْلِ فَلَا إشْكَالَ (كَانْتِزَاعِ مَا غُصِبْ) بَعْدَ إيجَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ، وَإِنْ قَدَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقُمَامَاتِ الْحَادِثَةِ بِفِعْلِ الْمُكْتَرِي لَيْسَتْ عَلَى الْمُكْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، لَكِنْ فِي الرَّوْضِ أَنَّ تَنْظِيفَ الدَّارِ مِنْ كُنَاسَةٍ حَدَثَتْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الدَّوَامِ، وَالِانْتِهَاءِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَتَفْرِيغُ الْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ وَمُنْتَقَعِ الْحَمَّامِ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً لَا فِي الدَّوَامِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَفَارَقَ حُكْمُ الِانْتِهَاءِ هُنَا حُكْمَهُ فِيمَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْحَادِثَ هُنَا، مَعَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ضَرُورِيٌّ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الِانْتِهَاءِ إلَّا تَفْرِيغُ الدَّارِ مِنْهَا؛ إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّخْيِيرُ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَمَّا فِي الدَّوَامِ فَالْمُتَّجَهُ أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ قَرَنَهُ بِالْوُجُوبِ فِي الِانْتِهَاءِ فَمَا دَامَتْ الْمُدَّةُ فَلَا خِيَارَ لَهُ بِمَا حَدَثَ بِفِعْلِهِ فَإِذَا انْتَهَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِزَالَةُ م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَى السَّطْحِ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَقْيِيدَهُ بِسَطْحٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَالْجَمَلُونِ، وَأَنَّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَعَرْصَةِ الدَّارِ فَتَنْظِيفُهُ عَلَى الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ كَسْحُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ أَيْ: فِي الثَّلْجِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ فِعْلُهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ، وَكَذَا التُّرَابُ الْمُجْتَمِعُ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا سَلَّمَ) أَيْ: مِفْتَاحَ الدَّارِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) وَإِنْ كَانَ تَلَفُ الْمِفْتَاحِ بِتَقْصِيرِ الْمُكْتَرِي وَإِنْ ضَمِنَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ الْآخَرُ مَحْمُولٌ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا تَرَكَ الْمُؤَجِّرُ مَا عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: فِي الِابْتِدَاءِ؛ إذْ لَا خِيَارَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ أَيْضًا وَعَلَّلَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ يَقْتَضِيهِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْهُ) أَيْ: فِي الِابْتِدَاءِ، أَوْ الدَّوَامِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الثَّانِيَةِ السَّاكِنُ يَنْتَفِعُ بِالسَّطْحِ فَعَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) وَإِنْ ضَاعَ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَجْدِيدِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ مُدَّةَ الِامْتِنَاعِ. اهـ. م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: لَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِالدَّارِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِأَنْ ضَاعَ الْمِفْتَاحُ قَبْلَ فَتْحِهَا، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا وَجْهَ لِلِانْفِسَاخِ أَيْ: سُقُوطِ الْقِسْطِ مِنْ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُعَمِّرَ الَّذِي انْهَدَمَ بِغَيْرِ كُرْهٍ) أَيْ: إجْبَارٍ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ احْتَاجَ إلَى عَيْنٍ جَدِيدَةٍ، أَوْ لَا وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ: يُجْبَرُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى عَيْنٍ جَدِيدَةٍ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ وَهَذَا إنْ لَمْ يُقَارِنْ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ قَطْعًا هَذَا فِي الْإِجْبَارِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا الْخِيَارُ فَإِنْ بَادَرَ الْمُؤَجِّرُ لِلْإِصْلَاحِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ نَقَضَتْ الْمَنْفَعَةُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: فَرْعٌ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَرْعٌ وَتَفْرِيغُ الْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ، وَمُنْتَقَعِ الْحَمَّامِ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً لَا فِي الدَّوَامِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ ابْتِدَاءً أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَ الْعَقْدِ عَالِمًا بِذَلِكَ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر فِي الْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُمَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُمَا أَيْ: مِنْ بَاقِي الْعُيُوبِ الْمُقَارِنَةِ لِلْعَقْدِ كَمَيْلِ جِدَارٍ، وَكَسْرِ سَقْفٍ فَهَلْ يُفَرَّقُ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ لِلْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا؟ . اهـ. ثُمَّ وَجَدْت بَعْضَهُمْ بِهَامِشِ الشَّارِحِ فَرَّقَ بِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الرَّوْضَةِ صَحِيحٌ، وَأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ بِمَا مَرَّ، وَأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْآخَرُ إلَخْ ضَعِيفٌ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ إلَخْ) دَفَعَهُ م ر بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِإِقْدَامِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ: الْآخَرُ مَحْمُولٌ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَتَقَدَّمَ لسم عَنْ اعْتِمَادِ م ر خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ) مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالْعِمَارَةِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُكْتَرِي إنْ لَمْ يَنْتَزِعْ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>