للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ الْبَابِ فَقَالَ: لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ الْحَرِيقَ، وَالنَّهْبَ، وَغَيْرَهُمَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ وَرَدُّ الْأُجْرَةِ، إنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ، وَأَمَّا الْمُكْتَرِي، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ لَزِمَهُ كَالْمُودَعِ، لَكِنَّهُ قَالَ هُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ وُجُوبَ الِانْتِزَاعِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَنْتَزِعْ مَا سَلَّمَهُ يُطَالَبُ بِإِقَامَةِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ

. (وَ) يَلْزَمُ مُؤَجِّرَ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ إجَارَةُ عَيْنٍ، أَوْ ذِمَّةٍ أَنْ يُسْلِمَ (بُرَةً) بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَفَسَّرَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (حَلْقَةَ أَنْفٍ) لِلْبَعِيرِ مِنْ صُفْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَيَجِبْ) عَلَيْهِ أَيْضًا (ثَفَرُهُ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ: ثَفَرُ الْحَيَوَانِ الْمُؤَجَّرِ وَضَبَطَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (بِالْفَتْحِ) أَيْ: بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ، وَالْفَاءِ سُمِّيَ بِهِ لِمُجَاوَرَتِهِ ثُفْرَ الدَّابَّةِ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ، وَهُوَ: فَرْجُهَا (وَ) عَلَيْهِ (الْحِزَامُ وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (الْإِكَافُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا يُقَالُ لِلْبَرْذعَةِ وَلِمَا فَوْقَهَا وَلِمَا تَحْتَهَا وَتَفْسِيرَاهُ الْأَخِيرَانِ يُنَاسِبَانِ جَمْعَ الشَّيْخَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرْذعَةِ، وَهُوَ مَا يُحْشَى وَيُعَدُّ لِلرُّكُوبِ عَلَيْهِ لَكِنْ فَسَّرَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِالْحِلْسِ الَّذِي يُلْقَى تَحْتَ الرَّحْلِ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ (الْخِطَامُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ: الزِّمَامُ، وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ فِي الْبُرَةِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ التَّامِّ بِدُونِهَا، وَالْعَادَةُ مُطَّرِدَةٌ بِهَا وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَفَاهَا لَمْ تَلْزَمْهُ، وَالْأَصَحُّ فِي سَرْجِ الْفَرَسِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ وَقِيلَ: عَلَى الْمُؤَجِّرِ كَالْإِكَافِ.

(كَذَا) يَجِبُ (عَلَيْهِ؛ إذْ بِذِمَّةٍ تَقَعْ) أَيْ: إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ (إعَانَةُ) الرَّاكِبِ (الْمُحْتَاجِ) لِلْإِعَانَةِ وَإِنْ طَرَأَ احْتِيَاجُهُ لَهَا بَعْدَ الْإِجَارَةِ فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ لِلْمَرْأَةِ، وَالضَّعِيفِ، وَالْمُفْرِطِ فِي السِّمَنِ، وَيُقَرِّبُ الْبَغْلَ، وَالْحِمَارَ مِنْ نَشْزٍ لِيَسْهُلَ الرُّكُوبُ وَيَقِفُ بِالدَّابَّةِ لِيَنْزِلَ الرَّاكِبُ لِمَا لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ فِعْلُهُ عَلَيْهَا حَتَّى يَفْعَلَهُ وَيَعُودَ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَالْوُضُوءِ، وَصَلَاةِ الْفَرْضِ بِخِلَافِ النَّافِلَةِ، وَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّخْفِيفِ وَلَا الْقَصْرُ وَلَا الْجَمْعُ (وَالْحِمْلُ رَفَعْ) أَيْ: الْمُؤَجِّرُ (وَ) رَفَعَ (مَحْمِلًا) أَيْ: عَلَيْهِ رَفْعُهُمَا (وَالْحَطُّ) أَيْ: حَطُّهُمَا وَشَدُّ أَحَدِ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ (وَالظَّرْفُ) الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْمَحْمُولُ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ الْفِعْلَ فَعَلَيْهِ تَهْيِئَةُ أَسْبَابِهِ وَلِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الدَّلِيلِ وَسَائِقُ الدَّابَّةِ وَقَائِدُهَا وَأُجْرَةُ الْخَفِيرِ وَحِفْظُ الْمَتَاعِ فِي الْمَنْزِلِ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ يُقَالُ امْتِلَاءُ الْخَلَاءِ أَشَدُّ ضَرَرًا بِرّ وَكَالْخَلَاءِ الْبَالُوعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، الْوَجْهُ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا بَعْدَهُ مُطْلَقًا فِيهِمَا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ أَمْ لَا م ر. (قَوْلُهُ: فَقَالَ: لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ إلَخْ) نَقَلَ الْجَوْجَرِيُّ عَنْ الْمَطْلَبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ، إذَا غُصِبَتْ الْعَيْنُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الِانْتِزَاعِ، مَعَ الْقُدْرَةِ جَزْمًا لِتَحْصِيلِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ قَالَ هُنَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَأُجِيبَ أَيْ: عَنْ الِاعْتِرَاضِ بِتَخَالُفِ الْمَوْضِعَيْنِ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ أَيْ: آخِرَ الْبَابِ فِيمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ، أَوْ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ أَوْ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ. هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ مُقَابِلَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ انْتَهَتْ، وَالْأَوْجَهُ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ م ر

(قَوْلُهُ: الْبَرْذعَةِ) أَيْ: فِيمَا لَهُ بَرْذعَةٌ بِخِلَافِ الْإِبِلِ فَلَهَا الرَّحْلُ. (قَوْلُهُ: وَالظَّرْفُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَوِعَاءُ الْمَحْمُولِ وَآلَةُ الِاسْتِقَاءِ فِي الذِّمَّةِ لَا الْعَيْنِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ. اهـ. وَانْظُرْ هَلْ فِي جَعْلِ ظَرْفِ الْمَحْمُولِ عَلَى الْمُكْتَرِي مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَمِنْ بُرٍّ دُونَهُ فَعَرَفَا؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الظَّرْفَ عَلَى الْمُكْتَرِي لَا عَلَى الْمُكْرِي، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِ مَعْرِفَتِهِ، وَلَوْ صَوَّرَ ذَاكَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَا إشْكَالَ إلَّا أَنِّي رَأَيْت مَنْ صَوَّرَ عِبَارَةَ الْإِرْشَادِ هُنَاكَ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ وَيَحْتَمِلُ اسْتِثْنَاءَ ذَاكَ مِنْ هَذَا.

(قَوْلُهُ: وَلِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْبَيَانُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَنْزِلِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ حَالَ السَّيْرِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ لُزُومَ أُجْرَةِ الْخَفَرِ لَهُ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْغَاصِبِ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ مَعْنَى وُجُوبِ الِانْتِزَاعِ عَلَى الصَّحِيحِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ أَيْضًا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْخِلَافِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ: إذَا كَانَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ كَالْمُودَعِ) قَالَ م ر: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَّرَ ضَمِنَ، وَأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ النَّزْعَ مِنْ الْغَاصِبِ، وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَا يُكَلَّفُ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ: لَزِمَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عَدَمُ اللُّزُومِ، إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ، وَاللُّزُومُ قَبْلَ غُرْمِهَا. اهـ. ع ش وَالْأَحْسَنُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَسم عَنْ م ر مِنْ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ النَّزْعَ مِنْ الْغَاصِبِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى خُصُومَةٍ بَلْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْخُصُومَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ، وَلَا وَكِيلُ الْمَالِكِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْفَعَةِ فَلَهُ الْمُخَاصَمَةُ

(قَوْلُهُ: وَالْفَاءِ) أَيْ: وَفَتْحِ الْفَاءِ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>